الثورة / إبراهيم الوادعي
10 أيام استثنائية سُلمت فيها سوريا من يد ليد أخرى، دون معارك أو قتال حقيقي وحتى عملية انتقال منظمة للسلطة، ما جرى في دمشق صبيحة الـ7 من ديسمبر مشابه لسقوط بغداد في العام 2003م بيد الأمريكيين .
دمشق سقطت هي الأخرى بصورة أكثر فوضوية أرادها الأمريكي بوابة للشرق الأوسط الجديد والفوضى الخلاقة التي اطلقتها كونداليزا رايس في العام 2006م، مع الإشارة إلى أن مشروع الشرق الأوسط الجديد ولد على يد وزير الخارجية الأمريكي اليهودي هنري كيسنجر، واعتبره بوابة لكسر الجمود وإخضاع دول المنطقة لإسرائيل وفتح بوابة التطبيع معها .
ولفهم ما جرى للسقوط المشابه لسقوط بغداد يتطلب الأمر العودة إلى العام 2006م.
في يوليو من العام 2006م ظهر مصطلح الشرق الأوسط الجديد، على لسان وزيرة الخارجية الأمريكية آنذاك كونداليزا رايس، عقب اسر المقاومة الإسلامية اللبنانية جنديين إسرائيليين وشن حكومة أولمرت حينها حرباً مدمرة على المقاومة ولبنان، عرفت بحرب تموز واستمرت 33 يوما، وخلال الحرب التي اعتقد الأمريكيون أنها مفتاح لتغيير الشرق الأوسط، خرجت وزير الخارجية الأمريكية بمصطلح الفوضى الخلاقة ومن رحمها يولد الشرق الأوسط الجديد ، كانت البوابة هي لبنان لكن حزب الله أوصد البوابة وصمد لـ33 يوما أمام حرب شرسة كادت أن تؤدي إلى انهيار الجيش الإسرائيلي وفقا لما نقله محمد بن جاسم عن المندوب الأمريكي جون بولتون، ويشار هنا إلى أن الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم أشار في كلمته الأخيرة إلى أن المقاومة منعت للمرة ثانية تحويل لبنان إلى بوابة للشرق الأوسط الجديد، شرق أوسط بمقاييس أمريكية وإسرائيلية.
اتضح للأمريكيين أن تخليق الشرق الأوسط الصديق لإسرائيل يتطلب ما هو أكثر من الحرب على لبنان وكسر شوكة أكبر مقاومة إسلامية عربية تهدد إسرائيل، فذهبوا إلى إيقاف الحرب بعد 33 يوما حينها.
في 2011م انطلق ما عرف بالربيع العربي، وتساقطت أنظمة عربية كالدومينو، تونس ومصر وسوريا وحتى اليمن، ظهر تنظيم الإخوان المسلمين مسيرا لتلك الثورات ومحصلا لنتائجها – أنشئ تنظيم الإخوان على يد البريطانيين في مصر ويتواجد مرشده العام حاليا في لندن حيث مقر الـ “M6 “ جهاز الاستخبارات البريطانية.
الجولة الأولى للقتال
انتقلت حمى الثورة وفقا للمصطلح الذي كان دارجا إلى سوريا، وفي سرعة فائقة سيطرت مجموعات مسلحة جرى توطين عناصرها على مدى سنوات ومدها بأسباب البقاء والسلاح على أحياء من حمص ودرعا، تعد الأولى ملتقى الطرق الرئيسية والرابطة بين سوريا والدول المجاورة وأيضا بين مناطق سوريا، ودرعا الجغرافيا الحاضنة لأي عمل مناوئ يمكن أن ينطلق ضد الاحتلال الإسرائيلي في الجولان ورابط مع غرفة عمليات الموك في الأردن وهي غرفة عمليات إقليمية يديرها الناتو في المنطقة.
تدخل الجمهورية الإسلامية في ايران منع سقوط سوريا وذبح شعبها بيد الجماعات التكفيرية رغم إحاطتها بدمشق وسيطرتها على مدن عدة توزعت بين حوالي 70 مجموعة – تحدث عن ذلك رئيس الوزراء الأسبق محمد بن جاسم آل ثاني في مقابلة متواجدة على الإنترنت – منها القاعدة وداعش وتنظيم الخرساني، وهو تنظيم لم يسلط الضوء كثيرا عليه لكنه اشد توحشا وإجراما من داعش .
وشكل دخول حزب الله ميدان المعركة في القصير بسوريا في العام 2013 بداية لهزيمة هذا المشروع الذي أدير من قبل أمريكا وإسرائيل والأنظمة الخليجية وشكلت له غرف عمليات في تركيا، وبتعاون سوري إيراني روسي جرى هزيمة المشروع الأمريكي وسحق الفوضى الخلاقة مجددا وكذلك الشرق الأوسط الجديد.
في 2016 سيطر الجيش السوري والقوات الرديفة له على حلب، بعد 3 سنوات من القتال المرير للتنظيمات التكفيرية التي تلطت بشعارات الثورة والإسلام، وشكلت معركة حلب مرحلة مفصلية ومحطة جديدة فشل خلالها مشروع الشرق الجديد في الولادة مجددا، ولذلك شاهدنا عقابا أمريكيا نزل بتنظيم الإخوان عبر إسقاطه بإشارة أمريكية في مصر والتي كانت جائزة التنظيم في حينها.
عند انكفاء المجموعات التكفيرية إلى إدلب ودرعا بمجيء العام 2017م، ذهب التركي إلى تقديم مصالح كبيرة للروسي على رأسها مد أنبوب الغاز الروسي عبر تركيا إلى أوروبا- ترك ستريم – وأمام هذه المصالح سال لعاب الروسي وضغط على الطرف السوري لوقف القتال في 2017م في مسار انتهى باتفاق استانا، وعندها لم يجد الطرف الإيراني بدا من وقف القتال، وكانت تلك الخطيئة الكبرى وحبل الإنقاذ الكبير الذي قدمته تركيا للأمريكيين ومجموعاتهم التكفيرية التي انحصر وجودها بنقطتين في ادلب ودرعا تحتفظان فيهما بكامل أسلحتهما.
* الحرب الاقتصادية
في 20مارس 2020 سجلت آخر معركة على تخوم ادلب بين الحكومة السورية والمجموعات المسلحة كانت الأخيرة دوما تخرق الاتفاق، وبالتزامن فرضت الحكومة الأمريكية سلسلة قوانين أبرزها قانون قيصر تفرض بموجبها عقوبات على سوريا، ومدت المجموعات التكفيرية في ادلب بشرايين الحياة والبقاء رغم الصراعات البينية.
بالمقابل أضحت الظروف المعيشية صعبة للغاية تحت سيطرة حكومة دمشق، خاصة وان البنية التحتية والصناعية دمرت في سوريا، ونهبت المصانع والمعامل إلى تركيا التي نمت صناعاتها خاصة النسيجية والدوائية على أنقاض الصناعات السورية التي تميزت دوما بجودة عالية.
ووصلت الليرة عشية الهجوم التكفيري الأخير إلى نحو 10 آلاف ليرة مقابل الدور الواحد، بعد سيطرة الجماعات التكفيرية انهار بنحو 50% من قيمته أمام الدولار.
الخديعة السياسية ” المنافقون العرب”
خلال الحرب السورية ومنذ 2011 قطعت جميع الدول العربية تقريبا علاقاتها بدمشق باستثناء مصر التي قطعت علاقاتها في أواخر حكم تنظيم الإخوان عام 2013م.
بعد توقع اتفاق استانا بعامين وفي 2018م أعادت الإمارات سفارتها إلى دمشق تبعتها السعودية، وكانتا رأس حربة في مسار منظم للإيقاع بالأسد ونظامه وفصله عن موقعه المقاوم.
وبين مغريات عودته للحضن العربي طلب من الأسد حل قوات الدفاع الوطني وهي التي كان معولا عليها صد الهجمة الأخيرة حال تخاذل الجيش، وهو تخاذل وقع في المواجهات في 2011 وحتى مراحل من الحرب في 2014م أو إبطائها إلى حد كبير حتى تأتي مساعدة الحلفاء .
استمرت الرياض في لعب هذا الدور حتى الساعات الأخيرة قبيل الهجوم الذي تحول إلى الخيار الوحيد بعد رفض الأسد طلبا أخيرا ومباشرا، وكشفت عنه رويترز نقلته الإمارات على لسان الأمريكيين، ويتضمن انتقال سوريا إلى المحور الأمريكي وفك الارتباط كلية مع محور المقاومة وقطع إمدادات السلاح أمام حزب الله وحماس والمقاومة الفلسطينية مقابل تنصيبه ملكا، خشي الأسد الطلب فرفضه، وخشي الانقلاب الأمريكي ربما، فكان الرفض من جانبه، وصرح عن ذلك وزير الخارجية الأمريكية انتوني بلينكن خلال الأسبوع الماضي بأن الأسد رفض الانخراط في عملية سياسية، ما فتح الباب أمام هيئة تحرير الشام للهجوم.
ويمكن القول إن الولايات المتحدة وإسرائيل وتركيا والسعودية وأبوظبي وقطر توزعت الأدوار فيما بينها خلال المرحلة الماضية ما قبل سقوط الأسد فجزء منها اشتغل على الرئيس الأسد نفسه كما اسلفنا وجزء آخر عمل على خلخلة مؤسسات الدولة والجيش، وجزء عمل على إعداد المسلحين للهجوم وتغيير التكتيكات التي ظهرت خلال الهجوم حيث ظهرت فرق هجوم وفرق خاصة وأيضا أعدت بصورة دقيقة ومضبوطة الصورة الإعلامية للتكفيريين في الهجوم الثاني وشاهدنا منذ اللحظات الأولى للهجوم الجزيرة والعربية والحدث مرافقة لفرق التكفيريين.
أخطاء الأسد
ما حدث خلال يومي الـ 27 من نوفمبر والـ 7 من ديسمبر مع بدء الهجوم التكفيري على حلب ودخول العاصمة دمشق، كان نتاج سلسلة من الأخطاء التي وقع فيها الأسد ونظامه، والخديعة التي مورست ضده من قبل أنظمة عربية لصالح مشروع التطبيع الإسرائيلي في المنطقة والذي ظهر انه متعثر ما لم يجر إحداث تغيير مؤثر في خارطة التوازنات والتحالفات في صعيد الشرق الأوسط والمنطقة العربية تحديدا.
وفي أبرزها:
– لم ينصت الأسد عقب انتصاره على القوى التكفيرية لنصائح حلفائه بإحداث تغيير سياسي عميق .
– صدق وهم العودة إلى الحضن العربي الذي سوقته بدرجة أساسية الإمارات ورضخ بالتدريج لمطالب أثبتت أنها أسست لسقوطه لاحقا وكانت معدة لنجاح خطة حربية وليس انفتاحا سياسيا
– قيد وجود وتحركات حلفائه على الأرض
– تمكنت الرياض وأبوظبي من شراء ولاء كبار قادته الذين لم يستجيبوا لأوامره بالقتال وأعطوا أوامر بالانسحاب ما بين يومي الـ27 من نوفمبر والـ 7 من ديسمبر.
– ارتكب الخطأ القاتل وحل قوات الدفاع الوطني والتي تشكلت من طوائف تعرضت للذبح على أيدي التكفيريين، وقاتلت ضد الجماعات التكفيرية من منطلقات ليست مادية، كان بإمكانها أن تصمد أو تدفع الهجمة التكفيرية ويتحصل الأسد على صفقة سياسية أفضل تحفظ ماء وجهه وسلامة الطوائف السياسية التي تتعرض حاليا للقتل ولا يغطي الإعلام ذلك.
– صمت على الانتهاكات والقصف الإسرائيلي لجيشه ولم يقم بأي رد، ولم يستجب لطلب يمني تحديدا بفتح معركة الجولان دون أن يتكلف شيئا بل يكسب تحرير أرضه .
– في الآونة الأخيرة لم ينصت الأسد إلى تقارير الحلفاء حول تحركات التكفيريين وتدريبات وتواطؤ خليجي تركي لتنفيذ هجوم كبير، يقول الإيرانيون إنهم لم يعودوا يعرفون في الآونة الأخيرة هل كانت التحذيرات تصل للأسد أم لا .
– ارتكب الأسد الخطأ القاتل الذي أودى بحكم الإخوان والرئيس مرسي في مصر حين قرر الوقوف على المتناقضات بين محورين متواجهين فسقط وحين هب الحلفاء لإنقاذه كان الوقت قد فات.
10 أيام حاسمة
بعد أن اطمأن رعاة خطة إسقاط سوريا من الأمريكيين والإسرائيليين والأدوات المنفذة الوسيطة تركيا وقطر ودول النفاق العربي، انطلق الهجوم التكفيري، خاصة وان الأسد رفض العرض الأمريكي الأخير بإعلان الانسلاخ عن محور المقاومة.
وفي الـ29 من نوفمبر سيطرت الجماعات المسلحة المدعومة تركيا وأمريكيا وإسرائيليا بمسيرات وأسلحة أمريكية وحرب تشويش إلكترونية على أول أحياء حلب، بعد 3 أيام من بدء هجومها .
منذ بدء الهجوم التكفيري الأخير في 27 نوفمبر وحتى سقوط دمشق في الـ7 من ديسمبر لم تدر معركة واحدة حقيقية، ولكن كانت هناك مفاجآت كبيرة، لا تبدو بحلق اللحية وتقصيرها ولبس الكرفتات لقادة القاعدة الذين تحولوا إلى مسمى هيئة تحرير الشام وسابقا النصرة، ولا تنتهي بضبط السواطير التي عملت في الذبح خلال الجولة الأولى ما قبل 2017م، وصولا إلى منح إسرائيل جزءا من الأرض السورية على راسه جبل الشيخ اعلى قمة في شمال الجزيرة العربية والتواصل الأمريكي والنفير الأوربي لرفع العقوبات عن سوريا وإزالة الجماعات وقادتها من لائحة الإرهاب والمفاجأة الكبرى انهيار الجيش السوري.
فما الذي حدث خلال 9 أيام منذ سقوط حلب وحتى دخول المجموعات المسلحة دمشق؟! …
كانت المرحلة الأولى لهجوم الجماعات التكفيرية يقضي بتوسيع الطوق حول ادلب وفرض الحصار على حلب لإسقاطها وفي المحصلة وان لم يتم دخول حلب فيكون الدور التركي معززا في المفاوضات، غير أن ضباطا كبار في الجيش السوري أعطوا أوامر للجنود فجائية بترك مواقعهم وفتحت المدينة لدخول الجماعات المسلحة دون قتال، وتسبب ذلك في الـ29 نوفمبر بانهيار معنوي لجنود الجيش.
المرحلة الثانية كانت بالنسبة إلى المسلحين هي حماة، وكان قرار القيادة السورية حينها الصمود في حماه واستعادة الروح المعنوية، ولكن فوجئت القيادة أن قادة الجيش لم يلتزموا بأوامر القتال وسلموا المدينة للمسلحين باستثناء معركة صغيرة أدارها ضابط دفاعا عن جبل زين العابدين يبعد عن حماء 20 كيلو متراً، وبات واضحا أن لقادة كبار في الجيش ارتباطات بعواصم أمريكا وروسيا وعواصم عربية، حيث كانت هناك للمرة الثانية أوامر للجنود بالإخلاء وعدم القتال.
المرحلة الثالثة حمص وهنا حضر العامل الدولي في مسار التفصيل الميداني إيران روسيا تركيا وأمريكا من وراء تركيا تتابع هذه التطورات ودخل القطري أيضا، واتخذ قراراً بتثبيت الوضع عسكريا على ماهو عليه، ويصار إلى الحل السياسي..
عقد في حينه محادثات الدوحة خمس دول عربية + دول مسار استانا وهي التركي والروسي والإيراني والسوري، جرى الاتفاق انه لا دخول للمسلحين إلى حمص، واذا ما حدث تطور في حمص فتبقى العاصمة دمشق محمية لحين تنفيذ ترتيب منظم لانتقال السلطة .
قادة في الجيش السوري واصلوا إعطاء عمليات الإخلاء للجنود، دخل المسلحون إلى حمص وتوقفوا هناك عشية السابع من أكتوبر ليلة سقوط دمشق، تكثفت الاتصالات بين الدول الضامنة لمسار استانا + 5 دول عربية وهي مصر والأردن وقطر والسعودية وكان ممثلوها لايزالون في الدوحة، واتُفق مجددا على تحييد دمشق لليوم التالي، لكن المجموعات المسلحة في درعا اتجهت صوب دمشق ودخلتها بعيد منتصف ليل الثامن من ديسمبر، وأتى البيان العربي + استانا وقد تبدلت الوقائع بسرعة على الأرض، ولم يصل الجولاني إلا في اليوم التالي إلى دمشق حيث توقفت المجاميع المسلحة التابعة له بحسب الاتفاق الإيراني التركي الروسي في حمص، وحتى اللحظة لا يعلم من أعطى الأوامر لمسلحي درعا لدخول دمشق بخلاف الاتفاق، لكن المؤكد أن قادة الجيش السوري لم يصدروا أمرا بالقتال، كما ذكرت المعلومات انهم عصوا لمرات عدة أوامر الأسد، ما اضطره إلى المغادرة بتلك الصورة .
خسارة وتداعيات
بنهاية الأمر ألت سوريا بنهاية العشرة الأيام إلى وضع مختلف تماما وموقع يناهض ويختلف كلية عن موقعها الذي وقفته قلب العروبة النابض، وغدت سوريا تحت احتلال أمريكي مبطن بيد ثوار الناتو المشغلين عبر تركيا وتل أبيب وقطر كممول مالي.
وعلى مدى أيام استباح العدو الإسرائيلي كامل الجغرافيا السورية ودمر ما يقرب من 90 في المائة من مقدراتها العسكرية والاستراتيجية وفق إعلان قادته، حيث شن سلاح الطيران الإسرائيلي ما يقرب من 600غارة حتى اليوم مستهدفا أنظمة الدفاع الجوي والحرب الإلكترونية، والبحرية السورية والطيران السوري، كما توغل إلى عمق 20 كيلو مترا من العاصمة دمشق واحتل أعلى قمة في شمال الجزيرة العربية قمة جبل الشيخ السوري وهي اللحظة التي وصفها وزير دفاع العدو بالتاريخية والمؤثرة، فيما اكمل ” ثوار الناتو المهمة وقاموا بحل الجيش العربي السوري على شاكلة ما فعله الأمريكان بحل الجيش العراقي ..
في الخلاصات.. يفوق سقوط دمشق بتأثيراته سقوط بغداد، في بغداد قدم الأمريكي محتلا واضحا، دمشق سلمت اليوم إلى القاعدة وداعش وأربعين فصيلا متناحرا، وأما المسميات فلا مشكله كما لم تكن اللحية في تقصيرها عقبة ما دام القلب عامرا بالتكفير وشهوة الذبح وسفك الدماء .
سيكون لهذا السقوط تداعيات كبيرة على المنطقة خاصة وأن الطرفين الأمريكي والإسرائيلي لا يخفيان الخطة بل يعلنان شرق أوسط جديداً سيولد من رحم الفوضى.
يريد الأمريكان من سوريا في المرحلة التالية أن تغدو فقاسة للإرهاب الذي سيغزو المنطقة نحو الأردن والعراق والسعودية، يقوم مشروع الشرق الأوسط الجديد على إعادة التقسيم والتجزئة لضمان مستقبل إسرائيل طويلا.
كما يراد من تفريخ الجماعات التكفيرية بسوريا أن يتم تجفيف الإرهاب الإسلامي هناك وكسر النموذج المشرف الذي ظهر به الإسلام خلال طوفان الأقصى، كما حصل في أفغانستان حيث اتخذ نموذجا لتشويه الإسلام غربيا.
ماذا بعد :
* سيعمد الأمريكي والتركي مع الإسرائيلي إلى تضييق الخناق على حركات المقاومة الفلسطينية خاصة في الضفة الغربية عبر ملاحقة قوافل السلاح على الأراضي السورية، لدى حزب الله مصانعه اليوم والتي قد تعوضه عن قوافل السلاح الإيراني.
* سيتم تحويل سوريا إلى فقاسة للتكفير الذي سيعاود غزو المنطقة شبيها بالعام 2012م وحتى المشهد الدموي الذي رافق إنشاء الدولة السعودية الأولى على يد ” إخوان من أطاع الله”
* سوريا التي عرفها العرب ضاعت إلى حين، وستغدو مسرحاً للتقاتل بين أكثر فصيل متطرف، رغم محاولات مديري المخابرات التركي والقطري واللذين حضرا إلى دمشق لمنع الانفجار وترتيب وضع سوريا الجديد إلا أن التناقضات والمكاسب أكبر من مقومات الصمود ضمن الوحدة المؤقتة والاطار ” هيئة تحرير الشام”.
* يحتاج مشروع الشرق الأوسط إلى المال للنمو والتعاظم، ليس بعيدا الآن منابع النفط السعودي في المنطقة الشرقية، وستجد الجماعات المسلحة في الترفيه السعودي مبررا للهجوم تحت يافطة تطهير جزيرة العرب من المجون، وبالتالي تطويق العراق من حدوده الغربية والشمالية، خلال اليومين الماضيين جرى ضخ أخبار عدة عن خطر يتهدد الأردن من جانب الجماعات التكفيرية تولتها مواقع أمريكية اكسيوس وإسرائيلية، والا وبزمان العبري وتصريحات لمسؤولي مخابرات إسرائيليين.
على صعيد محور المقاومة :
* سقوط سوريا شكل ضربة مؤلمة للمحور لكنها ليست قاصمة خاصة بالنسبة للجمهورية الإسلامية في ايران مع تبديل في قطع الشطرنج، حيث كانت سوريا حليفة فيما عراق صدام وابان الاحتلال الأمريكي معاديا .
* أعلن المحور انه سيأخذ العبر مما حدث بسوريا، وأن المقاومة السورية في مواجهة العدو الإسرائيلي واستعادة سوريا موقعها العروبي والإسلامي والقومي لن يطول، بالأمس صدر بيان عما سمي أحفاد سلطان الأطرش وتعلن إدانته الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا.
* خلال الجولة الحالية من القتال ضمن طوفان الأقصى اتضح أن المواجهة دارت مع الناتو وليس مع تل أبيب لوحدها، وان تركيا الناتو ليست مع العرب والمسلمين فلا يمكن الجمع بين الأضداد
* ظهر بجلاء أن إسرائيل وتركيا لعبتا دوراً في طعن طوفان الأقصى كدول وأدوار.