دماء الشهداء .. وقدوم الوعد الصادق

   د. هشام محمد الجنيد

“مع غزة ولبنان دماء الشهداء تصنع النصر”

قال الله سبحانه وتعالى (وإن جندنا لهم الغالبون) “الصافات،173”..وقول الله تعالى (ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون) “المائدة، 56”. وقول الله تعالى (يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم) “محمد، 7”.

إن دماء الشهداء -رضوان الله عليهم- هي وقود لاستمرار العطاء والتضحية للوصول إلى الوعد الصادق (النصر).

ومسلسل العطاء والتضحيات في مواجهة الباطل مستمر منذ أحداث السقيفة، وارتباطه بمقاومة العدوان الإسرائيلي في العصر الحديث بدأ منذ مناهضة هذا العدوان وازداد ظهورا في عام 1948م، وتعززت أساليب المناهضة والمقاومة وتقوت المقاومة إلى مستوى توجيهها ضربات تهز الكيان المؤقت من غزة بصواريخ ومسيرات، وقد ضحت المقاومة في فلسطين بمئات الآلاف من الشهداء رضوان الله عليهم، وأبرز الشهداء شهيد الأمة الإسلامية، شهيد الاشتباك القائد/ يحيى إبراهيم السنوار وشهيد الأمة الإسلامية/ إسماعيل هنية، رضوان الله عليهما.

وكانت شرارة الثورة الإسلامية في إيران 1979م كأعظم ثورة في التاريخ الحديث المستلهمة مبادئها وأهدافها من ثورة الحسين -عليه السلام – هي القوة المركزية الحاضنة  والشاملة سياسيا وعلميا وعسكريا كظهير ساند ومعزز لجبهات المحور. واستمرت قوافل الشهداء رضوان الله عليهم- بعد ذلك ولمدة ثمان سنوات في مواجهة عدوان العراق المدعوم- آنذاك من قوى الشر وعلى رأسها أمريكا، لتستمر دماء الشهداء جنودا وعلماء وقادة في سبيل الوصول إلى الوعد الصادق، وأبرزهم الشهيد الأممي القائد/ قاسم سليماني، رضوان الله عليه.

لتستمر دماء الشهداء في لبنان من حزب الله، في مقاومته العملاء في الداخل اللبناني ومن ورائهم قوى الشر  العدوان الأمريكي الإسرائيلي السعودي، وقادة استشهدوا في لبنان في سبيل الوصول إلى الوعد الصادق، وقد بنوا استراتيجيات وأهدافاً لتحرير فلسطين وإخراج اليهود من فلسطين المحتلة وفي إطار الهدف العام لمعركة الفتح الموعود والجهاد المقدس، وأبرز قادة المقاومة الإسلامية هو سيد شهداء طريق القدس القائد/ حسن نصرالله، رضوان الله عليه.

وفي بلادنا، بدأت العمليات الجهادية المقاومة لعدوان النظام العفاشي في العام 2002م، وكانت أول قطرة دم هي دماء الشهيد المجاهد السيد/ زيد علي مصلح ودماء من قضى نحبه من بعده، فدماء الشهيد القائد/ حسين بدرالدين الحوثي- رضوان الله عليه- مؤسس مشروع المسيرة القرآنية الذي تسير عليه جبهات المقاومة وصولا إلى الوعد الصادق.

والدماء الزكية الطاهرة لجميع شهداء المنطقة هي دماء يجرف الله بها عروش الأنظمة الصهيونية الأمريكية الاستكبارية، ألم تهرب إبراهام من بحر العرب وقبلها آيزنهاور ؟. أليس هذا مؤشر قوياً لإزالة الإمبراطورية الصهيونية العالمية وإنقاذ المستضعفين ؟.

إن دماء الشهيد القائد/ حسين بدرالدين الحوثي والشهيد المجاهد/ زيد علي مصلح ومن قضى نحبه في تلك الفترة “الحرب الأولى”، هي حجر الأساس لمواكب عشرات الآلاف من الشهداء -رضوان الله عليهم- الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه جهادا في سبيل الله واقتفاء بأهداف شهداء الحرب الأولى في سبيل نصرة المشروع الإسلامي وبناء الدولة/ النظام  الإسلامي العالمي، وهو مشروع الحق الذي استشهد لنصرته إمام الأتقياء الوصي/ علي بن أبي طالب ومقاومة الحسن وثورة الحسين -عليهم السلام- ومن بعدهم كثيرون أئمة، أولياء ناضلوا عبر مراحل التاريخ في هذا المسار الجهادي. ليستمر في تزايد ارتقاء الأوفياء بأهداف وقيم الشهداء شهداء -رضوان الله عليهم- على طريق القدس.

ومع ارتفاع عدد الشهداء يرتفع عدد المجاهدين إلى الجبهات في خوض حروب ضارية في معركة النفس الطويل وفاء وعهدا واقتفاء بأهداف الشهداء- رحمة الله تغشاهم، في معركة استمرت لأكثر من (22) سنة وما زالت.

معركة مرت بمنعطفات ومراحل استنزاف تتطور إلى حد إيلام العدو وإضعافه خزيا وذلا.

وحرب الفتح الموعود والجهاد المقدس التي بدأت بطوفان الأقصى هي على وشك انتقال وتيرتها التدرجية التصاعدية إلى ذروتها/ مرحلتها الأخيرة بمنعطف صراعي وحربي حاد وشامل وأكبر بطشا، وهي مواجهة حاسمة وفاصلة لا بد منها، لا بد أن تنحو وتتدحرج إلى مستوى المواجهة الكبرى، وهي الحرب التي نرتقبها في يوم تأتي السماء بدخان مبين.

وإيمانا بالمشروع القرآني، إنا بعون الله من المجرمين لمنتقمون .. منتقمون غالبون في حتميات الغلبة الثلاثة التي تحدث عنها مولانا وسيدنا وقائدنا/ عبدالملك بدرالدين الحوثي -يحفظه الله وينصره- ولكي نصل إلى تحقيق الوعد الصادق، علينا أن نسير جهاديا وفق المخطط الذي أشار إليه السيد قائد المشروع الإسلامي لإجهاض وإفشال مخطط ما يسمى بإسرائيل الكبرى القاضي بتغيير جغرافية ما يسمى بالشرق الأوسط.

ودون ذلك يعني استمرار حرب بطابع الاستنزاف وبآجال طويلة، فمراحل الاستنزاف الاستراتيجية يبدو أنها على وشك انتقالها إلى استراتيجية جديدة تعجل بقدوم الوعد الصادق، وتغيير المعادلة السياسية كليا في المنطقة والعالم من خلال إنهاء انفراد الجانبين في المنطقة والعالم: الاستكبار الفرعوني الأمريكي البريطاني واستكبار هامان العصر الإسرائيلي.

ومن أوجه الاستكبار والتسلط والظلم والعربدة والاستهتار لفرعون العصر أمريكا، استخدامه في مجلس الأمن “الفيتو” ضد مشروع قرار يطالب بوقف فوري وغير مشروط ودائم لإطلاق النار في غزة والإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الأسرى.

ألم يحن الوقت لوضح حد لإنهاء عربدة واستحقار أمريكا وبريطانيا للشعوب والمستضعفين بسيطرتهما على مجلس الأمن الدولي ؟ .. أليس من العدل إعادة النظر في تركيبة مجلس الأمن الدولي، بل الهيكل التنظيمي لمنظمة الأمم المتحدة ؟.

هذا الهدف يعد ضمن أهداف المشروع القرآني، ضمن أهداف الثورة الإسلامية الإيرانية .. وسنصل إلى هذا الهدف بعون الله بوفائنا على خطى وأهداف وقيم الشهداء.

إطلاقا، لن ينتهي تسلط واستكبار القطب الواحد الصهيوني بدون هزيمة عسكرية تغرق فرعون العصر وتهلك هامان وتخسف بقارون العصر السعودي الصهيوني .. وما كنا نتمناه في مواجهة فاصلة، قد أوضحه صراحة نتنياهو بمخطط إسرائيل الكبرى، وأكده ترامب بضرورة توسيع خارطة إسرائيل في المنطقة. وهذا المخطط لن ينتهي إلا بمواجهة كبرى قادمة.

وقد أوضح خطورة هذا المخطط السيد القائد/ عبدالملك بدرالدين الحوثي- ينصره الله- ودعا الأنظمة العربية والإسلامية إلى وجوب مناهضته، مقيما بذلك الحجة على الأنظمة الأعرابية الصهيونية والمتخاذلة المنافقة والداعمة والمؤيدة للعدوان الإسرائيلي، وبين خطورة وأهداف هذا المخطط، وما سيحل بالأمة إذا لم يوجد هناك موقف صامد ومناهض وثابت ومقاوم لتحركات العدوان في المنطقة وأساسا الأماكن الإسلامية المقدسة .. فإذن، لا مناص من الاستعداد والتهيؤ لمواجهة حرب كبرى قادمة .. لمواجهة حرب حاسمة وفاصلة اختصارا للتكلفة والوقت.

ومن أوجه الاستعداد أن وصل عدد المقاتلين في جبهة اليمن إلى أكثر من نصف مليون جهادي، وهذا التزايد يعبِّر عن الإيمان والوفاء بأهداف المشروع الإسلامي في مواجهة قوى الباطل وعلى ذات الخط الجهادي الذي رسمه القادة العظماء الشهداء -رضوان الله عليهم- والأهداف التي سعوا إلى تحقيقها واستشهدوا لأجلها.

ومحتواها وأفقها واضحان في مشروع المسيرة القرآنية ومن أهمها تغيير المعادلة السياسية العالمية من انتهازية وتسلط أحادية القطب الصهيوني الأمريكي الإسرائيلي إلى توازن الأقطاب وبقواعد النظام الإسلامي.

في بلادنا على وجه الخصوص، وعلى إثر دماء وتضحيات الشهداء، يزداد الزخم والنكف والنفير للتوجه نحو الجبهات وبأعداد أكبر.

ومع تزامن الندوات واللقاءات والأعمال التوعوية في الذكرى السنوية للشهيد والمحاضرات التوعوية بطوفان الأقصى، ورسوخ الهوية الإيمانية، فإن مبدأ الثبات والعزيمة في مواصلة الجهاد الذي سار عليه الشهداء -رضوان الله عليهم- هو ذات الهدف والمسار الجهادي للشهداء.

الشهداء نستلهم من قيمهم وأهدافهم المضي في الدفاع عن ديننا ومقدساتنا وكرامتنا وعزتنا وبلداننا وثرواتنا .. ذكرى الشهيد نستلهم منها كل معاني الحرية والاستقلال والمجد والقوة والرفعة .. في ذكرى الشهيد نستلهم الصمود والثبات والإقدام والشجاعة .. في ذكرى الشهيد نستلهم حضور المبادئ الدينية والقيم الأخلاقية والإنسانية .. في ذكرى الشهيد نستلهم معاني الجهاد في سبيل الله والصبر .. في ذكرى الشهيد نستلهم أهمية المحافظة على ثقافتنا الجهادية وهويتنا الإيمانية والعمل بمبادئها .. نستلهم في ذكرى الشهيد توجيه وتذليل تحركاتنا وسلوكياتنا طواعية وامتثالا لتعليمات ولي أمرنا، وهذا الخط هو امتداد لطاعتنا لرسول الله صلوات الله عليه وآله، وأرقى تلك التعليمات والاستجابات الإيمانية هي النفير إلى الجهاد في سبيل الله .. والاستجابة للنفير إلى القتال في مواجهة أعداء المنهج هي أعلى مراتب الإحسان.

لقد صدق الشهداء في حياتهم ومسؤولياتهم الجهادية وارتقوا شهداء على طريق القدس. وأثبتوا بشهاداتهم وبدمائهم مثالا ونماذجا إيمانية جسدوا الروحية الجهادية وحملوها بصدق الإيمان والجهاد، ونالوا الشهادة، وفهنيئاً لهم الشهادة.

من دماء الشهداء والشهداء القادة، نستلهم الاستمرار في العطاء والتضحيات المثمرة لتحقيق الوعد الصادق .. من تضحيات ودماء الشهداء، نستلهم ثقتنا بحتميات الغلبة بحتميات جرف عروش المستكبرين بهزيمة عالمية كبرى”.، فوعد الله حتمي لا شك فيه ولا جدال .. وعد الله آت بغلبة جنوده في معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس (الحرب الكبرى) .. إنها حتميات قرآنية وردت في أكثر من سورة قرآنية .. هذا الوعد قد ورد في سور كثيرة .. في قصص كثيرة لأنبياء الله ورسله، عليهم الصلاة والسلام.

ونصوص من القرآن الكريم تتحدث عن حتميات النصر والغلبة لأنبياء الله -عليهم الصلاة والسلام- في معجزات إلهية ومنها كم من فئة قليلة مؤمنة غلبت فئة كبيرة كافرة .. في مواجهات أنبياء الله ورسله -سلام الله عليهم- أئمة الكفر الموالين للشيطان الناهجبن قواميس الطاغوت، المعاندين للحق، المسرفين المجرمين المتجبرين .. يتحدث القرآن في كثير من آياته الكريمة أن جميع أعداء الأنبياء والرسل- عليهم السلام- قد أهلكهم الله وأخذهم بالعذاب ليتحقق الوعد الصادق في نهاية المطاف لجميع الأنبياء والرسل- عليهم السلام- في وصولهم إلى المسعى المبارك (الفتح).

ومترتبات الوصول إلى هذه الغاية الجهادية هي نشر هدى الله بديلا عن الضلال، وإحلال السلام بدلا عن الإرهاب والحروب والفتن، وإحلال الأمن بدلا عن الخوف، والخير بدلا عن الشر والأزمات.

ويدرك الأعداء الصهاينة الأمريكيون ومعهم البريطانيون + الصهاينة الإسرائيليون هذه الغايات الإسلامية والإنسانية، يدركون أن الوريث للكتاب – الذي اختاره الله – يسعى في قيادته الربانية لإنقاذ الإسلام .. يسعى في مسيرتنا القرآنية لإحلال مبادئ الكتاب وقيمه بديلا عن النظام العالمي المركب بقواعد تخدم الصهيونية وتضر بمصالح وأمن وسلام الشعوب والعرب في المنطقة على وجه التحديد، وهذه الأهداف التي نسعى للوصول إليها نابعة من إيماننا واعتقادنا بمشروع المسيرة القرآنية وبحتمية نجاح هذا المشروع.

إن حتميات الغلبة التي حملها الشهداء العظماء على طواغيت العصر أسياد العربدة والتجبر والاستكبار الأمريكي الصهيوني وحلفائ، ترتكز على استمرارية النفير إلى الجبهات لمقاتلتهم، والمرابطون المجاهدون في سبيل الله في جبهات المقاومة يحملون هذه الروحية الجهادية كمسؤولية جهادية  ووفق خطط ومراحل مدروسة فيما بين أطراف المقاومة التي تشهد عملا جهاديا منسقا وتشهد توحيدا في ساحاتها وجبهاتها وغرف عملياتها.

وبدرجة الإيمان في العمليات الجهادية للمقاتلين المجاهدين في سبيل نصرة الإسلام يكون الإسناد والدعم والعون الإلهي.

والحمد لله أن نتائج المواجهات والصراعات مع العدوان الصهيوني الإسرائيلي الأمريكي البريطاني في فلسطين أو في لبنان أو في البحر الأحمر وبحر العرب والبحر الأبيض والمحيط الهندي هي مواجهات متكبدة للعدوان، ونتائج مشرفة لجبهات المقاومة، والعدوان يعترف بها، بينما المنافقون والمرجفون يقللون منها ويكذبون بحقائقها لإيمانهم السطحي بالمنهج، ولأسباب الضلال الجاثم على معتقداتهم الدينية.

وبضعف الإيمان وانعدامه، يسخر المنافقون والمرجفون من توجه المجاهدين إلى الجبهات، وما زالوا يرون استكبار العدوان الصهيوني الأمريكي قويا، وهي نظرة فاضحة تظهر غياب الثقة بالله وضعف التوكل عليه .. تظهر غياب المعتقد الإيماني بنصرة الله لجنوده، وتظهر انعدام الإيمان بمسؤولية الجهاد في نفوسهم، ويتضح ذلك بجلاء من خلال عدم طاعتهم لأولي الأمر وغيابهم عن الحضور والمشاركة في العمليات الجهادية ضد العدو، وهؤلاء المثبطون عديمو الثقة بالله وبالنصر لا يمتلكون رؤية إيمانية بقدوم الوعد الصادق.

والمجاهدون في سبيل الله هم خلائف الشهداء، وجهادهم يجسد قوة إيمانهم بالله، ويجسد طاعتهم لله ورسوله وأولي الأمر من المؤمنين في استجابتهم للنفير والتوجه للجبهات، وبإيمانهم يرون كيد واستكبار العدوان الصهيوني الأمريكي ضعيفا .. يرون بمعتقدهم وثقتهم بالله أن الله العزيز الحكيم ناصر جنوده.

والنظرة الإيمانية للمجاهدين في سبيل الله المقتفين مبادئ وأهداف الشهداء، نظرتهم لأفق هذه المواجهات الدائرة بين جبهات المقاومة والعدوان، هي نظرة يقينية بانتقال مستوى هذه المواجهات إلى معركة كبرى، وبناء على ذلك يتم الاستعداد بمختلف الأعمال الجهادية والأنشطة تحقيقا للوعد الإلهي (النصر).

إن حتميات التغلب على التجبر والعلو الأمريكي والإسرائيلي تسير بخطى ومراحل مدروسة وموفقة بتأييد الله عسكريا وميدانيا وسياسيا، وهذا التوفيق يعزى إلى القيادة الحكيمة وإلى الإرادة الصادقة لإخواننا المجاهدين في بلادنا والمنطقة ولاقتفائهم أهداف وقيم الشهداء والقادة الشهداء العظماء -رضوان الله عليهم- في المنطقة وفاءً لدمائهم الطاهرة الزكية.

الله أكبر ..

الموت لأمريكا ..

الموت لإسرائيل ..

اللعنة على اليهود ..

النصر للإسلام ..

 

 

 

 

قد يعجبك ايضا