بعد مرور أكثر من اربعمائة يوم على جرائم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية التي ينظم الكيان المحتل مذابحها كوجبات يومية لجنوده و المرتزقة الذين استقدمهم للقضاء على الأشقاء في غزة وبدعم ومباركة من الزعماء والرؤساء والملوك العرب، كانت الخطة معدة مسبقا، وهي تكرار تهجير الفلسطينيين من الجيب المحصور-غزة-والمعزولة بالجدار العازل من جميع الاتجاهات بالإضافة إلى البحر هنا يلخص بوب ودورد-راي -نتن ياهو-لنقم بإنشاء ممر إنساني سنأخذهم جميعا إلى مصر ونتركهم يذهبون إلى هناك-يقول بلينكن (كان الواضح من البداية أن أمريكا وإسرائيل يريان بنفس الطريقة دفع كل الفلسطينيين إلى خارج غزة نحو مصر)، وهو تكرار تهجيرهم فيما عرف بالنكبة بعد إعلان قيام كيان الاحتلال وطرد مئات الآلاف إلى خارج الأراضي الفلسطينية .
الزعماء العرب الذين تحدث إليهم بلينكن اتفقت آراءهم على الربط بين حماس والإخوان المسلمين وهو ما يشير إلى رغبتهم باستغلال الأمر لتحريض الحلف الصهيوني – الصليبي عليهم، نظرا لدورهم الفاعل في مقاومة عصابات الاحتلال وتكبيدها الخسائر الكبيرة والانتصار عليها لولا الدعم البريطاني والأوروبي والأمريكي حتى انه تم سحب كتائب المجاهدين والمتطوعين والاستعانة بالجيوش العربية مما أدى إلى تمكن العصابات الصهيونية وهزيم الجيوش العربية.
كانت حماس مستعدة لعملية تبادل الأسرى مع كيان الاحتلال وكانوا يريدون إيقاف الحرب أو عمل هدنة لتنظيم عملية التبادل لكن الاحتلال رفض كل ذلك من أجل تنفيذ خطته المعدة مسبقا بإبادة أهل غزة وتهجيرهم كما حدث في النكبة بعد قيام كيان الاحتلال كانت أراءهم تتركز على من سيتم تسليم غزة له بعد القضاء على حماس لكن لا بأس بإبادة غزة على أنها محاولة للقضاء على حماس، يقول وزير الخارجية السعودي لبلينكن-تعرفون داعش كان أسوأ من القاعدة-ومعلوم أن أمريكا استعانت بالتمويلات الخليجية والمقاتلين من الدول العربية والإسلامية لإخراج الاتحاد السوفيتي من أفغانستان وبعد التحرير تم تنظيم اغتيالات جماعية لزعماء الجهاد الذين رفضوا الارتباط بالمخابرات الغربية والأمريكية عموما-أما الذين كانوا يعملون معهم فقد أوجد لهم تنظيمات لتنفيذ توجهاته وتحقيق استراتيجيته داخل الأنظمة العربية وبقية العالم.
كتاب الحرب يحاول أن يجمل صورة وجه العُملة الأول أمريكا وأنها حرصت كثيرا على إدخال المساعدات وضغطت على اليهود والدليل على العكس انه تم تزويد اليهود بالمخزون الاستراتيجي من الأسلحة الفتاكة الموجودة في الأراضي المحتلة وتم تامين ما نفد منها بواسطة الجسر الجوي بين أمريكا وإسرائيل تلبيه لطلب نتن ياهو –الأسلحة -الأسلحة – الأسلحة.
صحيح أن السيسي رفض دخول المساعدات إلى قطاع غزة كما رفض السماح للمحاصرين بدخول مصر وأبدى رغبته الكاملة في القضاء على المقاومة حماس وغيرها ، وهنا يقول –بوب ودورد- إن الرئيس السيسي أخرج فريق بلينكن ليبقى وحده معه وهي عبارة قاسية في العلاقات الدبلوماسية لا يجرؤ السيسي على فعلها ما بالك اذا المقصود الأمريكان-مثل نائب رئيس الأركان توم سيلفان والمستشار-ديريك شوليت –والمتحدث باسم الخارجية ماثيوميلر- والحقيقة انه تم إرسالهم إلى رئيس المخابرات عباس كامل ليقدم لهم (تقييمات حول مدى وعمق واتساع انفاق حماس تحت غزة)، وليخبرهم بأن حماس متجذرة في غزه وأن القضاء عليهم سيكون صعبا للغاية.
ولا ينسى كامل: إن يدلهم على كيفية القضاء على حماس (يجب ألا تدخل إسرائيل مره واحده انتظروا حتى يظهروا ثم اقطعوا رؤوسهم)، وكل هذا التعاون مع إسرائيل يبرره المؤلف –من اجل الحفاظ على اتفاقيه كامب ديفيد.
لقد تعاون الزعماء والملوك العرب على تدمير غزة وإبادة أهلها لصالح كيان الاحتلال ماديا ومعنويا وعسكريا وقدم الغرب الصليبي لإسرائيل الجنود والأسلحة الحديثة وأحدث المنظومات الاستخبارية وحسب انه سيقضي على المجاهدين في غزه وقبل ذلك كانت اليمن من خلال تمكين الذراع الآخر للهيمنة –السعودية وحلفائها –وتم التوجه إلى لبنان للقيام بذات المهام القذرة التي تريد تحطيم إرادة المقاومة لصالح إرضاء الصهاينة والمتصهينين من الزعامات العربية والخونة والعملاء ومبررهم في تعاونهم مع شذاذ الآفاق القضاء على حماس والحركات الجهادية ، أما منظمة التحرير وغيرها فقدتم تصفية قيادات النضال والكفاح لصالح من يخدم اليهود والحلف الصليبي الجديد.
الإجرام الذي يمارسه كيان الاحتلال في غزه هو حصيلة تعاون وتكاتف الحلف الصليبي الصهيوني بوجهه العربي والغربي لم يكن محصلة لتلاقي أهداف بل تنفيذا لاتفاقات مسبقة بدأت بتنصيب الأمراء والحكام كما أوضحت الاتفاقيات المعقودة مع أمراء دول الخليج وعلى رأسها المملكة السعودية والإمارات، ويحسب لصمود غزه ومحور المقاومة انه أماط اللثام وأبان الحقيقة للعالم اجمع لماذا منيت الأمه العربية بالهزائم في كل المجالات.
وإذا كان -نتن ياهو- قد أقال وزير الحرب جالانت الذي كان مستعدا للمضي في الحرب إلى ما لا نهاية فليس معنى ذلك انهم سيتجهون إلى السلم بل انهم ماضون في إجرامهم وسبب الإقالة تصريحه بأن الحرب ليست الحل وانه يحترم قوة حزب الله بعد أن كان يقول: لدي مهمة وسأتمها الثمن ليس مهماً لا من جانبنا ولا من جانبهم؛ ويقول: لا يهم عدد القتلى لدي مهمة للقضاء على حماس؛ ولا يهم كم من الفلسطينيين سيموتون ولا كم من الإسرائيليين سيموتون؟ سأكمل مهمتي؟
وهنا يزداد بلينكن نشوة وانشراحا:” يا يسوع هذا هو العقلية التي تعيش فيها إسرائيل”.
معظم دول الغرب تدعم الكيان الصهيوني لأنه يحقق لها مصالحها أما الشعوب فإنها تقف مع مظلومية الشعب الفلسطيني ولأن الحرية مكفولة هناك فقد خرجت الشعوب في مظاهرات كبيرة لنصرة فلسطين أما القيادات العربية فقد جمعت بين الاستبداد والإجرام في تعاملها مع شعوبها وجهزت متحدثين باسم الدين يطلقون صفة القداسة على الحكام والأمراء ما يتجاوز ما أعطاه لرسوله صلى الله عليه واله وسلم، وهذا الانحراف لا يقل ضرره وأثره عن جرائم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية التي يرتكبها الحلف الصليبي الصهيوني ويباركها زعماء العرب ويبررها بطانة السوء.
في مواجهة عدو لا يمتلك أخلاقا ولا مبادئ ولا قيم يريد تدمير وإبادة كل شيء وصدق رسول الله صلى الله عليه واله وسلم القائل ((يوشك أن تتداعى عليكم الأمم من كل أفق كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها: قيل يا رسول الله: أفمن قلة يومئذ يا رسول الله؟ قال: لا.. ولكنكم غثاء كغثاء السيل “يجعل الوهن في قلوبكم وينزع الرعب من قلوب عدوكم لحبكم الدنيا وكراهيتكم الموت)).