“لقاء الاربعاء”

مصطفى عامر

 

هي حرب وجود منذ البداية،
بالنسبة لنا كما هي ليهود!
على أن السؤال يبقى قائمًا:
من هو الطرف الأكثر تشبّثًا بالأرض؟ حينما يتعلق الأمر بمرحلة الصراع الصفري؟
الإجابة: نحن، وبكل تأكيد!
تبقى أهم عناصر الضعف في الكيان الصهيوني، أنه مجتمعٌ خليط، كما أنه كيان وظيفي!
أي، وللتقريب: من حيث البقاء فهو ثكنة عسكرية تابعة للغرب المستعمر! ومن حيث النفس اليهودية فتبقى الأولوية دائمًا للحياة، لا للأرض، ولا لما يتصوره واجبًا عقيديًّا!
«لتجدنهم أحرص الناس على حياة»!
لهذا فمسألة «الأمن» محورية بالنسبة للصهيوني! ولطالما كان إغراء الهجرة مربوطًا بعنصرين، لا يمكن لليهوديّ القبول بفقدان أحدهما:
الأمن، والرفاه!
لهذا، فإن اليهودي القادم من منهاتن- مثلا- ليس مستعدًّا للبقاء في أرضٍ لا تؤمِّن له هذين العنصرين. وعلى صعيد اليهوديّ الفرد فلديه- دائمًا وعلى الأقل- جوازيّ سفر!
هنا ينبغي الانتباه- في بعدٍ آخر- إلى أن الحلم الصهيوني صناعة غربية أيضًا، وإن اتكأت بالفعل على أفكارٍ تلمودية، إلا أن فلسطين لم تكن الخيار الوحيد منذ البداية.
أي: في المؤتمر الصهيونيّ الأول!
وحتى على صعيد التكوين العرقي، فنسبة من ينتسبون إلى نبي الله إسحاق، قد لا تتجاوز في أفضل الأحوال ٤٪ من مجموع سكان الكيان.
الأشكيناز ليسوا في الأصل من أبناء سام! وأسلاف نتنياهو مثلًا من يهود الخزر!
وهي مملكةٌ ذات أصول أوراسية، نشأت حول البحر الأسود في القرون الوسطى، وكانت وثنية قبل أن تعتنق اليهودية!
ليس على نهج التوراة، حتى المحرفة، ولكن على أساس عقيدة الكابالاه، فكر السامريّ وعبدة بافوميت!
على أية حال،
وخلاصة القول: حينما يصل الصراع إلى الحلقة الأخيرة، فالأرض لدى أفراد الكيان المأزوم تمثل الأولوية رقم «٣»، لا رقم «١»!
أي: بعد الحياة، والمال!
ولو شعر اليهودي بأن الخطر اقترب إلى مصالحه المالية، فضلًا عن حياته، فلا بأس لديه في العودة من حيث أتى!
ولا ضير بالطبع في أن يأخذ حلمه الصهيونيّ معه!
عند الجِّد فتطغى عليه- دائمًا- نفسية «فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ»!
وقد قالها عندما لم يكن لديه بالفعل أي خيارٍ باستثناء المواجهة، أو التيه في الصحراء!
فاذا كان قد اختار التيه في حينه، ومعه النبي موسى، عليه السلام، والوعد الإلهي الذي يتطلب- فحسب- مخاطرة!
فكيف الآن؟
والخيارات أمامه مفتوحة؟
يبقى بعد هذا أن الكيان قد خرج بالفعل من لبنان، في الألفين، دون حتى اتفاق، وهكذا فعل في غزة ٢٠٠٥م! إنه دائمًا يفرّ، تحت درجة معينة من الضغط!
ويتوسع في حال اليأس والتراخي!
ويبقى السؤال الحقيقي:
من المستهدف بخطابنا الإعلامي؟!
أما الميدان فما يجمع الإعلام- حتى مع العدو الصهيوني كما ثبت- هو سوء التقدير الجمعيّ بشأنه! أي: سواءً حزب الله أم حماس!
لقد أظهرت أحداث الطوفان، بالذات، أن الآخر- كل الآخر- لا يعرف بشأنهما إلا رأس الجليد! وبالنسبة لحزب الله فالمسيرة التي أطلقها قبل أيام إلى حيفا، مثلًا، تكفي لنسف كل السرديات بشأن ضعفه!
إذن، فللميدان دائمًا قراءاته التي تقرأ الأحداث بأعمق مما نظن، ولهذا فتحركات المقاومة تأتي أشد بهاءً حتى مما هو مأمول!
أما المخاطب بالإعلام فهو الجمهور، والحاضنة!
وهؤلاء لا يملكون إلا شيئًا واحدًا ينبغي الحرص عليه في أي معركة.
وهو: المعنويات، والسردية!
ليس لأثرها الفوري، ولكن لأن الحاضنة هي التي تصنع المقاوم، في المستقبل حتى!
أما عن الوقت المتوقع للصراع، فليكن مفتوحًا إذن إلى ما شاء الله!
نحن لا نعد الناس بأن المعركة ستنتهي خلال شهر، أو أسبوع، أو عام!
ببساطة لأننا لا نملك المعطيات، ولسنا من يتحكم بمقاديرها. من منطلق عقائدي فالنصر بيد الله، وهو مؤكدٌ للذين آمنوا، صبروا وصابروا ورابطوا، وأما من قبل ومن بعد فقد كانوا دائمًا على ثقةٍ بنصر الله!
لكننا نؤمن بأن النصر قريب، ووفقًا للمؤشرات فهو قريبٌ للغاية بإذنه، وإذا كان العدو الصهيوني سيكابر فإنه لن يفعل شيئًا بالفعل:
باستثناء تقريب ساعة زواله!
حتى من منطلقٍ عقائدي، ثمة هاجسٌ لدى الكيان باقتراب موعد لعنة العقد الثامن! وبحساب السنوات فهذا يوافق 2027م!
كان الشيخ أحمد ياسين يتوقع هذا الموعد، وبالنسبة للصهيوني المهزوم فسوف يقول: حسنًا، إنه اللعنة قضاءٌ لا بد منه!
إن تم هذا وإلا فلا بأس، فليستمر الصراع إلى مواقيته، لكن تبقى القاعدة أن كيان القاذورات- وداعميه أيضًا- محض قشة!
فليفكر بعدها حتى باحتلال القمر! تبقى محض أحلامٍ ومخططات!
ويبقى أن نتحرك وفقًا للتكليف، بتبصر ولكن أيضًا بثقة، وأما النصر فتقدير العزيز الحميد.
وفي صبيحة الأربعاء القادم، في الزاوية ذاتها بإذن الله.
يبقى لنا حديث.

قد يعجبك ايضا