الثورة /وكالات
كان واضحًا منذ بداية الحرب على غزة أن الاحتلال لن يُمكّن سكان القطاع من استكمال حياتهم في أيٍّ من جوانبها، وعلى رأسها السكن والصحة والتعليم، فاستهدف المنازل والمستشفيات ومعظم المدارس التي تحولت لمراكز إيواء النازحين، وذلك للقضاء على العملية التعليمية بشكل كامل داخل القطاع.
وفي وقت سابق كشفت وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، أن 10 آلاف طالب و400 معلم استشهدوا في العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي.
وقالت الوزارة إن 39 ألف طالب ثانوية عامة من قطاع غزة لم يتقدّموا لامتحان الثانوية العامة العام الماضي، بسبب عدوان الاحتلال المتواصل منذ السابع من أكتوبر، الماضي، مضيفة أن الاحتلال صادر حقّ عشرة آلاف من طلبة المدارس والجامعات في القطاع في الحياة، منهم 450 من طلبة الثانوية، علاوة على استشهاد 400 معلم.
حرمان من التعليم
من جهتها أعلنت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) أن جميع المدارس التابعة لها في قطاع غزة قد أغلقت بسبب الحرب، مما حرم 300 ألف طفل من التعليم.
وقالت الأونروا إن أكثر من 625 ألف طالب قد حرموا من التعليم منذ بدء الحرب على غزة، في حين فقد 22 ألف مدرس وظائفهم في قطاع التعليم.
وفي منشور له على منصة أكس مطلع الشهر الماضي قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، إن أكثر من 600 ألف طفل يعانون صدمة شديدة ويعيشون تحت الأنقاض، وما زالوا محرومين من التعليم، ونصفهم كان في مدارس الأونروا”، محذّرًا من أنه “كلما طالت مدة بقاء الأطفال خارج المدرسة، كلما زاد خطر ضياع جيل”.
وتابع: “أكثر من 70 بالمائة من مدارسنا في غزة دمّرت أو تضررت، والغالبية منها أصبحت ملاجئ مكتظة بمئات آلاف الأسر النازحة ولا يمكن استخدامها للتعليم”.
استهداف مدارس النزوح
مئات الآلاف من النازحين من كل أنحاء القطاع لجأوا إلى مدارس تابعة للأونروا ومدارس حكومية وأخرى خاصة بحثًا عن الأمان وهربًا من القصف الإسرائيلي، إلا أن كثيراً من هذه المدارس تحول إلى برك من الدماء النازفة بعد استهدافها من طائرات الاحتلال.
ووثق “المكتب الإعلامي الحكومي” و”الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني”، استهداف الاحتلال 181 مركز إيواء منذ اندلاع الحرب، من بينها 152 مدرسة تابعة للأونروا، وحكومية وخاصة، مأهولة بالنازحين، وقد تجاوز عدد الشهداء من النازحين داخلها أكثر من 1040 شهيدًا.
واستنادًا لتوثيق “الإعلامي الحكومي”، فإن الاحتلال تعمّد تدمير 15 قطاعًا حيويًّا، من بينها التعليم، كما دمر بشكل ممنهج 117 مدرسة وجامعة تدميرًا كليًّا، و332 مدرسة وجامعة تدميرًا جزئيًّا، إلى جانب قتل 500 معلم ومدير مدرسة، و100 عالم وباحث وأستاذ جامعي، و9 آلاف طالب مدرسة وجامعة.
ويقول مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي إسماعيل الثوابتة، إن شهور الحرب الماضية شهدت 9 آلاف حالة وفاة، فضلًا عن تسجيل مليون و800 ألف إصابة بأمراض مختلفة نتيجة ظروف الحرب والنزوح.
“تجهيل وتهجير”
ويؤكد الثوابتة -في حديث لشبكة الجزيرة- أن إسرائيل ترتكب المجازر وتستهدف كل سبل الحياة في غزة، ومنها مدارس ومستشفيات، في سياق “الضغوط العسكرية لتحقيق أهداف سياسية”.
أما رئيس الهيئة الدولية للدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني (حشد) صلاح عبد العاطي، فيرى أن إسرائيل تسعى من وراء استهداف المدارس وتدميرها إلى “التجهيل والتهجير”، وهي بذلك ماضية في جريمة الإبادة الجماعية ضمن إستراتيجية باتت واضحة هدفها “تدمير كل سبل الحياة في غزة”، ومن بينها قطاع التعليم.
وقد حرمت الحرب 800 ألف طالب وطالبة من التعليم، من بينهم 39 ألفا فاتتهم امتحانات الثانوية العامة (التوجيهي) المؤهلة للالتحاق بالجامعات.
وتندرج جرائم الإبادة الجماعية التي ترتكبها قوات الاحتلال على مدار الشهور العشرة الماضية ضمن “خطة ممنهجة”، بحسب وصف الثوابتة، وهدفها “قتل الفلسطيني بالصواريخ والقذائف والأمراض، وتجهيله وتهجيره”.
إبادة تعليمية
وفي أبريل، قال 19 خبيرًا ومقررًا أمميًا إن التدمير الذي طال أكثر من 80% يؤكد تعمد الاحتلال تدمير نظام التعليم الفلسطيني بشكل شامل، وهو ما يُعرف باسم “الإبادة التعليمية” التي تشير إلى المحو المنهجي للتعليم من خلال اعتقال أو احتجاز أو قتل المعلمين والطلبة والموظفين، وتدمير البنية التحتية التعليمية.
وقال الخبراء في بيانهم إن “الهجمات القاسية المستمرة” على البنية التحتية التعليمية في غزة، لها تأثير مدمر طويل الأمد في حقوق السكان الأساسية في التعلم والتعبير عن أنفسهم بحرية، ما يحرم جيلاً آخر من الفلسطينيين من مستقبلهم”.
انتهاك القانون الدولي
وتنص اتفاقية جنيف الرابعة في المادة 50 على أن “تكفل دولة الاحتلال، بالاستعانة بالسلطات الوطنية والمحلية، حسن تشغيل المنشآت المخصصة لرعاية الأطفال وتعليمهم، وعليها أن تتخذ جميع التدابير اللازمة لتيسير التحقق من هوية الأطفال وتسجيل نسبهم. ولا يجوز لها بأي حال أن تغير حالتهم الشخصية أو أن تلحقهم بتشكيلات أو منظمات تابعة لها”.
وتضيف المادة: “وإذا كانت المؤسسات المحلية عاجزة، وجب على دولة الاحتلال أن تتخذ إجراءات لتأمين إعالة وتعليم الأطفال الذين تيتموا أو افترقوا عن والديهم بسبب الحرب في حالة عدم وجود قريب أو صديق يستطيع رعايتهم، على أن يكون ذلك كلما أمكن بواسطة أشخاص من جنسيتهم ولغتهم ودينهم”.