في عشريتها الأولى.. ثورة الـ 21 من سبتمبر إرادة الشعب العصية على الاحتواء والمحو

إبراهيم محمد الهمداني

 

استطاعت ثورة الـ 21 من سبتمبر 2014م، الحفاظ على هويتها وطبيعة دورها، بوصفها الناطق الأمين الصادق، عن إرادة الشعب اليمني، وضميره الجمعي العام، لتصبح أول ثورة تحررية عربية، تكسر طوق التبعية الإمبريالية، وترفض كل أشكال الوصاية الاستعمارية، متجاوزة كل محاولات الاحتواء والتدجين الأمريكي الغربي، واستراتيجيات التدخل الإمبريالي السافر، تحت قناع الحقوق والحريات أو إحلال السلام، أو حماية الشعب من بطش النظام، ومساندة الشعوب في تقرير المصير، وغيرها من الأقنعة والحجج والذرائع، التي اعتمدتها (الأمم المتحدة) الاستعمارية – عبر شرعية منظمتها الإرهابية المزعومة – في ممارسة وظيفتها الاستعمارية الاستبدادية التسلطية، في ثوبها الحداثي المنمق بالشعارات الإنسانية، المطرز بمغريات وهم التفوق الحضاري، وهو ما لم تسلم منه معظم – إن لم نقل كل – الانتفاضات والثورات التحررية الشعبية، على امتداد جغرافيا ما يسمى العالم الثالث، على مدى قرنين من الزمان، حتى أصبح حضور أمريكا وأخواتها، في حياة الشعوب المستضعفة، قدرا لا مفر منه، واحتياج (سياسي) لا غنى عنه، في تموضعه الأبوي البطريركي، وصيغة سلطته المرجعية المطلقة، وصولا إلى تقرير مستقبل ومصير الشعوب، بما يخدم مصالح ومشاريع الهيمنة الأمريكية الاستعمارية.
سقطت ثورة 11 فبراير، اليمنية الشعبية السلمية – كغيرها من ثورات الربيع العربي 2011م – في دائرة الاحتواء الاستعماري، الذي أعاد إنتاج النظام الحاكم، في نموذج أكثر ديكتاتورية وعمالة وانحطاطا، على مبدأ المحاصصة وتقاسم الكعكعة، بين فرقاء العمل السياسي، الذين تسابقوا على خدمة، ونيل رضى البيت الأبيض، وتنافست القوى السياسية، في التضحية بالشعب، على مذبح المصالح الأمريكية الاستعمارية، وتسريع انهيار وتدمير كل مقومات الحياة، لجميع أبناء الشعب اليمني، حتى وصل الاضطراب الأمني والتفكك المجتمعي والاختلال الإداري، إلى مراحل متقدمة وغير مسبوقة، من التحلل والسقوط.
لذلك كانت ثورة الـ 21 من سبتمبر 2014م، هي فعل الضرورة القصوى، لإنقاذ الشعب اليمني من النهاية المأساوية، التي رسمها الإجرام الأمريكي، وسعى لتنفيذها العملاء النافذون علنا، بكل جرأة وقبح وصلف، دون وضع أدنى اعتبار لمشاعر وموقف الشعب، الذي كانت ثورة الـ 21 من سبتمبر، آخر نوافذ الخلاص – بالنسبة له – من الموت المحقق، لذلك سارعت الجماهير الشعبية الغفيرة، إلى الاحتشاد في ميادين ثورتها المباركة، غير متهيبة من المواجهة المصيرية، مهما كانت عواقبها، أو مترددة عن التضحية، مهما عظمت أثمانها، ولسان حالها يتمثل قول الشاعر:-
“إذا لم يكن إلا الأسنة مركبا … فما حيلة المضطر إلا ركوبها”.
نجحت ثورة الـ 21 من سبتمبر 2014م، في تجاوز كل العوائق والمؤامرات، رغم شراسة وضراوة أعدائها، المتكالبين في رسم وتنفيذ مشاريع ومخططات القضاء عليها، التي انتقلت من مرحلة التدجين والاحتواء، إلى مرحلة الاستهداف والاعتداء، لكنها كانت الصخرة الصماء، التي تحطمت عليها استراتيجيات الهيمنة الاستكبارية، والحصن المنيع، الذي حفظ للشعب حريته وعزته وكرامته، وكل حقوقه الإنسانية، الأمر الذي أفشل كل محاولات الاحتواء والتدجين والتشويه والاستهداف المباشر، بحق الشعب وثورته وقيادته، من قبل أمريكا وأخواتها وعملائها المحليين والإقليميين، وكل أعداء الشعب اليمني، الذين باركوا ثورته – 21 سبتمبر 2014م – وأشادوا بعظمة أخلاقها المتعالية على الجراح، وإنسانية مسارها المتسامح، وشمولية نهجها ورؤيتها السياسية، التي جسدها “اتفاق السلم والسراكة”، وتميز منظورها للتعايش السلمي، وغير ذلك من إيجابياتها، التي أذهلت العالم، بما فيه القوى الاستعمارية العالمية، ممثلة بالولايات المتحدة الأمريكية، ومنظمة الأمم المتحدة، التي سرعان ما انقلبت على موقفها الإيجابي السالف، واستعادت دورها الاستعماري، ونزعتها الاستبدادية التسلطية، ورغبتها في فرض هيمنتها وتسلطها، بمختلف الوسائل والطرق، وصولا إلى شن حروب الإبادة الشاملة، والمجازر الجماعية الوحشية، مباشرة أو عن طريق العملاء.

قد يعجبك ايضا