صنعاء…روحانية المولد

علي محمد الاشموري

 

هاتفني صاحبي (ع الغفاري) وقال (اقتشط اليوم)، عرفت انه المولد النبوي الشريف وبالفعل كان قد وضع برنامجاً لزيارة صنعاء القديمة، كانت الساعة التاسعة صباحاً..

دلفنا إلى باب السبح واخترقنا السائلة ومن ثم العلمي والخراز وشوارع وأزقة أخرى أفضت بنا إلى سوق الملح..

استقبلتنا روائح الطيب من البخور والعودة حتى تنفسنا عبق التاريخ وناطحات السحاب (المنازل) الضاربة جذورها في أعماق التاريخ.. هدوء نفسي بذكر الصلاة على المصطفى صلوات الله عليه وسلم.. الناس الطيبون من كبار السن، والشباب يمزجون العودة والبخور ويرشون العطور الفاخر على ملابس وأيدي الزوار ويقولون(صلى على النبي) يتخلل ذلك فرح الأطفال الذين يتسابقون للحصول على الحلويات والعسب وكأنه العيد الكبير (عرفة) بروحانيات ذكر خير الأنام محمد صلى الله عليه وسلم في ذكرى مولده..

في مكان منزو يقعد شيخ طاعن في السن على كرسي من الخشب القديم رمقنا بعين الفراسة .. موجها كلامه لنا خذا كأسين وإملآهما بالفيمتو وصليا على النبي المختار..

مضينا في السوق والأصوات تتداخل بالتواشيح والأناشيد والقران الكريم، وإذا بأحد التجار الشباب يوزع أكياس(جعالة وعصائر وأنواع أخرى من المكسرات) وكلما مد يده بكيس إلى الزائر يقول(صلى على الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم).

امتزج الذكر بالصلاة على النبي، فاطمأنت القلوب بينما الأطفال يتجمعون في باب كل دكان ليظفروا بما تجود به نفس صاحب الدكان والجميع يصلي على الرسول الأعظم..

وهذه عادة صنعاء الأصالة والتاريخ منذ دخول اليمنيين الإسلام برسالة..

هاتفت صاحبي يحيى المقيم هناك وكان رده أن اليوم هو اليوم الثالث للاحتفالية بمولد الرسول صلى الله عليه وسلم.

وكانت الفرحة الثانية هدية إلى رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله وسلم التي قدمها اليمانيون الأنصار في ذكرى مولده الكريم باستهداف تل أبيب بصاروخ يماني (كروز فرط صوتي) الذي جعل اكثر من مليوني مستوطن يهودي يهرعون إلى الملاجئ رعباً من القادم اليماني…

انتقلنا إلى مسجد الصحابي الجليل علي بن أبي طالب -رضوان الله عليه- لنصلي ركعتين كذكر وهدية لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وانتهى بنا المطاف إلى صلاة الظهر في الجامع الكبير الذي قبلته نحو جبل ضين المتجه نحو الكعبة المشرفة في مكة المكرمة..

اليوم اصبحت لليمن واليماني سمعة فاقت اسم كل الدول العربية والإسلامية وأصبحت لها صولات وجولات تحدث عنها السيد حسن نصرالله وأبو عبيدة وباركتها حماس والجهاد وحزب الله والشعبية لتحرير فلسطين وكل الأطياف الفلسطينية الذين اكتووا على مدى 360 يوماً من نيران العدو الإسرائيلي الأمريكي الغربي المنكسر أمام صمود الجبارين وجبهات الإسناد…

هذا هو صاروخ واحد يجعل الفئران تلتجئ إلى مخابئها، فأبهر العالم بالقول والفعل كما قال السيد عبدالملك وأصبح نتنياهو يتخبط كالأعمى في ظل الفشل الذريع والهزيمة النكراء على يد المقاومة الفلسطينية ومن يساندها، ورغم أن الكيان له إسناد لوجستي وعسكري غربي وأمريكي.. عتاده وعدته وجيشه المهزوز المهزوم الذي جعل من نتنياهو يتجه نحو عسكرة الافارقة مقابل الإقامة الطويلة، وما خفي كان أعظم.

إما الخروج المشرف اليمني، فقد تجاوز وفاق تصور العالمين العربي والإسلامي.. وكل عام وانتم بخير…

 

قد يعجبك ايضا