مما لا شك فيه أن المرحلة التي تعيشها الأمة العربية والإسلامية هي أسوأ مرحلة وصلت إليها، فهي لم تصل إلى هذا المستوى الذي تعيشه اليوم من الضعف والهوان إطلاقا من حيث خضوعها لأعدائها وتقبلها لهيمنتهم واستكبارهم حتى صارت هي مضروبة بالذلة والمسكنة التي ضرب الله بها أعداءها والعدوان الوحشي على غزة منذ ما يقارب العام أكبر شاهد على ذلك ودليل تحرك الأحرار والشرفاء في شعوب الأرض تضامنا ومساندة مع غزة ولم تتحرك غالبية شعوب الأمة العربية والإسلامية.
لقد صارت أغلب شعوب الأمة وأنظمة العمالة والنفاق فيها تخشى أعداءها ولا تخشى الله خانعة ذليلة لهم يسومونها سوء العذاب فلا تبدي أي مقاومة، يسيؤون إلى نبيها فلا تستنكر حتى استنكار ويحرقون ويدوسون القرآن فلا تغضب ويستبيحون دماء أبنائها وأعراضهم ومقدراتهم فتبارك وتسمع اليهود والصهاينة يهتفون بعبارة (محمد مات وخلف بنات) فلا ترى فيها ذرة غيرة أو حمية وأصبحت شعوبها التي يتجاوز عددها المليار والنصف كغثاء سيل لا وزن لهم ولا قيمة ولا موقف لهم ولا حراك وكل ذلك بسبب ابتعادهم عن رسولهم ونهجه وعن قرآنهم ونوره.
وفي ظل هذا الحال المخزي والمزري الذي تعيشه غالبية أمة الإسلام المحمدي فإن المخرج الوحيد لها من هذا الحال يتمثل بإثارة ما تبقى من ذرات إيمان في قلوب شعوبها واحياء رسول الله في وجدانها، ليشدها إلى كتاب الله تعالى والى هديه الشريف ونهجه القويم، فتفيق من غفلتها وتصحو من سباتها، ولن يتحقق ذلك إلا إذا عاد محمد صلى الله عليه وعلى آله إلى قلوب أبنائها واسترجعت أفئدتهم نور رسول الله ومواقفه واستعادت ذاكرتهم عظمته ومنزلته واستشعرت نهجه وهديه ونوره ودربه وشاهدوا بأم أعينهم كل ذلك عن رسول الله بمواقف حية تعظم رسول الله وتجله وتقدسه قولا وعملا، نهجا وسلوكا وتسير على خطاه بشجاعة وثبات في مواجهة أعداء الله والتصدي لهم باستبسال وعزم وإقدام، لا يخيفهم في الله لومة لائم ولا يثنيهم كثرة العدو وقوته ولا يزعزع إيمانهم قوة أسلحة المستكبرين ولا إمكانياتهم، وقد رأوا هذه المواقف للشعب اليمني وبدأوا يستعيدون ثقتهم ويقينهم بوعد الله، ويدركون أن النصر بيده لا بكثرة العدد والعدة وان السبيل إلى بلوغه في متناول أيديهم بحسن التوكل على الله وبيقين الثقة في وعده ووعيده وبالتحرك وفق توجيهاته القرآنية والانطلاق استجابة له وسعيا إلى نيل رضاه، كما فعل اليمنيون واصبحوا يعون أن كل ذلك لا يتحقق في نفس أي مسلم إلا بمحبته لرسول الله وتعظيمه واتباعه وتقديسه وطاعته والمضي على خطاه وهذه هي الأهمية التي يسعى السيد العلم عبدالملك الحوثي ـ يحفظه الله ويرعاه ـ هو ومن معه إلى أن يعكسوها للامة من خلال الاحتفاء والابتهاج بالمولد النبوي الشريف والتعبير عن ذلك بكل المظاهر المشروعة والممكنة وفي مواجهة الاستكبار الأمريكي والبريطاني والصهيوني والغربي وهو الأمر الذي تحقق بفضل الله ولاحت ثماره في يقظة شعوب الأمة وعرفوا حقيقة أمريكا ومن معها وشاهدوا كيف كسر اليمنيون هيبتهم وكيف أذلوا قواتهم البحرية في البحر الأحمر بمدمراتهم وبوارجهم وحاملات طائراتهم التي فرت منه تجر أذيال الفشل والهزيمة وفضحوا حقيقة مسيَّراتهم الأكثر تطورا، كالأمريكية (MQ9) التي كانت تستعرض بها أينما تشاء وتقصف بها حيثما تشاء بعد ، إلا أنها صارت أسهل فريسة للجيش اليمني واسقطوا الكثير منها أمام العالم بمنظومات دفاع يمنية الصنع كان آخرها في التاسع من سبتمبر الجاري.
لقد كان لكل المواقف اليمنية السابقة اثر بالغ في نفوس أبناء الأمة وكل أحرار وشرفاء العالم، عززت وعيهم وأعادت رسول الله إلى قلوبهم وبدأوا يعودون للاحتفالات بمولده في السنوات القليلة الماضية في كثير من الدول العربية والإسلامية وعادوا إلى الفرح به والى تعظيمه وتقديسه والتعبير عن محبتهم له والاحتفاء بمولده, وهذا هو السبيل لإعادة رسول الله إلى وجدان الأمة، ومتى ما عاد اليها، فسيستنهضها رسول الله من سباتها ويفيقها من غفلتها ويعيدها إلى المسار الذي أمرها بالتزامه والى صراطه المستقيم الذي حذرها من الانحراف عنه وهذا هو الهدف الذي يسعى قائد الثورة ومن معه إلى تحقيقه وسيتحقق بإذن الله مهما حاول أعداء الله من اليهود والنصارى والمنافقين الحيلولة دون بلوغه، فالله غالب على أمره وهو الهادي إلى سواء السبيل.