ماذا يعني إعلان “الهستدروت” إضرابا شاملا؟

كامل المعمري

 

 

إعلان الاتحاد العام لعمال إسرائيل (الهستدروت) عن إضراب عام للمطالبة بصفقة تبادل فورية لإطلاق سراح الرهائن المحتجزين في قطاع غزة يمثل خطوة غير مسبوقة ولها تداعيات كبيرة على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في إسرائيل.
هذا القرار يأتي في وقت حرج للغاية، حيث يعيش الداخل الإسرائيلي في ظل توترات وانقسامات كبيرة نتيجة الحرب في غزة.
الإضراب العام، الذي يشمل قطاعات حيوية مثل النقل، الصحة، والصناعة والبنوك والخدمات العامة، يشكل ضربة قوية للاقتصاد الإسرائيلي..
كما أن تأثير هذا الإضراب على قطاع النقل سيكون محسوسا بشكل كبير، حيث يتوقف عمل وسائل النقل العامة، بما في ذلك الحافلات والقطارات، مما يعطل حركة البضائع والأفراد، وهذا الإيقاف يمكن أن يؤثر سلبا على سلسلة التوريد، ويؤدي إلى تأخير في تسليم السلع والمواد الأولية، مما يزيد من الفوضى الاقتصادية، إضافة إلى تأثير الإضراب على المطارات يعني توقف الرحلات التجارية، مما يؤدي إلى توقف
الإيرادات لشركات الطيران ويؤثر على السياحة والأعمال الدولية.
أما في القطاع الصناعي، فإن الإضراب يمكن أن يؤدي إلى توقف الإنتاج في المصانع، مما يؤثر على قدرة الشركات على تلبية الطلبات ويضر بالإنتاجية العامة.
وتوقف الإنتاج يعني أيضا فقدان الإيرادات وتأثير سلبي على الأرباح، مما يمكن أن يؤدي إلى تسريح مؤقت للعمال أو تقليل ساعات العمل.
كما أن قطاع البنوك والخدمات المالية سيكون أيضا عرضة للتأثر، حيث قد يتسبب الإضراب في تعطيل المعاملات المالية اليومية، بما في ذلك الخدمات المصرفية والتداول، وهذا يمكن أن يؤثر على سيولة السوق ويزيد من عدم الاستقرار المالي.
بالمجمل، يتسبب الإضراب العام في شلل متكامل في الاقتصاد الإسرائيلي، حيث يتوقف تشغيل القطاعات الأساسية التي تعتمد عليها إسرائيل لاستمرار عملها بشكل سلس.
هذا التوقف لا يضر فقط الاقتصاد من حيث الإنتاجية والإيرادات، بل يعمق أيضا من الأزمة الاقتصادية القائمة ويزيد من التحديات التي تواجهها حكومة الكيان الصهيوني في إدارتها للأزمة.
جدير بالذكر أن الهستدروت هو أكبر نقابة عمالية في إسرائيل، ويمثل مئات الآلاف من العمال، وبالتالي فان الإضراب العام قد يدفع بالاقتصاد الإسرائيلي إلى مرحلة شلل حقيقية، فالأسواق المالية قد تشهد تراجعات حادة، مع هبوط قيم الأسهم وفقدان الثقة من قبل المستثمرين .
وهذا التحرك يأتي في وقت يشهد الداخل الإسرائيلي انقسامات حادة وغير مسبوقة إلى جانب المعارضة السياسية، يصطف الحريديم وأهالي الأسرى والهستدروت وغيرهم من الفئات التي تعارض استمرار الحرب والمطالبة بصفقات تبادل الأسرى، وبالتالي فإن هذا الوضع يزيد من حدة التوترات الداخلية، خاصة في ظل المظاهرات الكبيرة التي شهدتها تل أبيب مؤخراً، حيث خرج قرابة 300 ألف شخص للمطالبة باستقالة نتنياهو وإطلاق سراح الرهائن من خلال صفقة تبادل
وإجمالا فإن تدخل الهستدروت عبر إعلان الإضراب العام، يعكس تفاقم الانقسام الداخلي في إسرائيل، وهو انقسام يُعتبر الأخطر منذ تأسيس الكيان الصهيوني.
رغم أن مشاهد الانقسام بين اليهود في إسرائيل، لم تكن نادرة تاريخيا، فإن الوضع الحالي يتجاوز كل الأحداث السابقة في شدته وتداعياته.
في تاريخ إسرائيل، تكررت مشاهد الانقسام، خاصة خلال الأزمات الاقتصادية والسياسية، كانت هناك فترات من التوتر بين مختلف القوى السياسية والاجتماعية، حيث شهدت إسرائيل حروبا اقتصادية محدودة بين القوى المتنافسة على سبيل المثال، في بعض الأحيان نشأت نزاعات بين الحكومة والنقابات العمالية حول قضايا الأجور وظروف العمل، ولكنها كانت غالبا ما تُحل ضمن إطار محدود دون أن تؤدي إلى أزمة شاملة.
ومع ذلك، فإن الأزمة الحالية تتسم بعمق غير مسبوق، فالإضراب العام الذي أعلن عنه ليس مجرد استجابة لأزمة محددة، بل هو انعكاس لتصدع أعمق في النسيج الاجتماعي والسياسي لإسرائيل.
فالأزمة التي تشهدها إسرائيل الآن تشمل قطاعات حيوية متعددة، بدءاً من النقل والصحة إلى الصناعة والبنوك والخدمات العامة، مما يسبب شللاً تاما في الاقتصاد وفي الأنشطة الأساسية التي يعتمد عليها الكيان ليعمل بشكل طبيعي.
وتأتي هذه التطورات بالتزامن مع اتهامات لنتنياهو بعرقلة صفقة إطلاق سراح الرهائن لأسباب سياسية وبمحاولة توظيف قضية الرهائن لأغراض سياسية، مما يثير استياء عميقا بين قطاعات واسعة من الجمهور.
إذ يعتقد العديد أن نتنياهو يتجنب التوصل إلى صفقة تبادل الرهائن بسبب اعتبارات سياسية، أهمها تجنب تقديم تنازلات قد تُستخدم ضده في المشهد السياسي الداخلي وتحقيق مكاسب سياسية على حساب حياة الرهائن.

قد يعجبك ايضا