نهاية قاتل

عبدالكريم الوشلي

 

 

أجبن المحاربين وأجدرهم بالهزيمة هو الذي يلجأ إلى قصف المدنيين وقتل الأطفال والنساء وتدمير البيوت والمنازل والمشافي والمدارس، حين يعجز في المواجهة عبر خطوط التماس وخنادق المواجهة والقتال، أما العدو الصهيوني فهو قاتل مجرم كُلياً، إذْ لا وجود لخطوط تماس ولا يواجه جيشا نِدَّاً له في العدة والعتاد في غزة والضفة والعموم الفلسطيني بكله وشموله.. بل يقتل شعبا أعزل بأبشع صور القتل والإبادة ويقف فاقدَ الحيلة أمام مقاومته الباسلة التي لا وجه للمقارنة بينها وجيشِ هذا العدو الجزار لافي الإمكانات ولا في العديد.. ولذلك فهو أجدر بما هو أشد وأنكى من الهزيمة والاندحار، هو وعصبتُه الإجرامية الدولية التي يقف على رأسها الأمريكي .
هذا الأمريكي الذي لا تُذكر مآسي الشعوب خلال القرنين الأخيرين من تاريخ البشرية وما عانته وتعرضت له من مَقَاتل وإبادات ونكبات في أرجاء هذه المعمورة إلا ذُكر اسمه في رأس قائمة الفاعلين أو المتسببين.. وظَلَّ هذا واقعَه وطبعَه وميسمَه حتى اليوم، مع تفنُّنٍ وتنوعٍ عجيب ومحترِف ومتمرس في وسائله لقتل الشعوب وإبادتها وتسويد عيشها بالسريع والبطيئ وبالخفي والمعلن وبالأصالة والوكالة على حدٍّ سواء.
فأمريكا التي قتلت بنفسها وأبادت ملايين (الهنود الحمر) بالسلاح والنار والحروب الجرثومية، وفعلت مثل ذلك بالقنابل الذرية في اليابان وبقنابل النابالم في فييتنام ..هي نفسها التي قتلت وتقتل الملايين من عشرات الشعوب المستهدفة بالحصار والحظر وبسلب ونهب ثرواتها وإثارة الحروب والفتن وتدبير الانقلابات الدموية فيها وتسليط النخب الفاسدة عليها وتجويعها وإفقارها وحرمانها من أبسط حقوقها الطبيعية وشروط عيشها الكريم بواسطة تلك النخب المتسلطة الطَّيِّعة في يدها وأحيانا بواسطة الوكلاء و”جيران” تلك الشعوب المنخرطين في سلك الخدمة الأمريكية ! .
وهي نفسها أمريكا التي ذبحت وخنقت وحاولت خنق شعوب أخرى بكل تلك الأساليب مجتمعة أو بكل ما تيسر لها منها، كما هو حال الشعب الفلسطيني والشعب اليمني والسوري والعراقي والأفغاني وسواها..
أما عن المآل أو الواقع الحتمي- الذي أشرنا إليه بدايةً في شأن هذا الإجرام ومسالكه ومآلاته، خصوصا على ضوء ما يجري في غزة وفلسطين وعموم منطقتنا اليوم- فجميع المعطيات والخلاصات والنتائج الواقعة في شباك المحللين والخبراء وكل المعنيين بالخوض في المشهد الميداني الواسع للصراع المفصلي الوجودي الجاري مع العدو الصهيوني وشركائه ووكلائه، بمن فيهم نفر مهم من خبراء ومحللي ومختصي أمريكا والغرب بل كيانِ العدو نفسه.. جميع هذه المعطيات يكاد يتفق على أن مسار هذه المرحلة النوعية والمصيرية والحاسمة من المعركة أو الصراع مع العدو والمتمترسين خلفه بكل أشكال الدعم والشراكة والتواطؤ.. هو في غير صالح هؤلاء، بل إن “طوفان الأقصى” ومعركةَ “الجهادِ المقدس والفتحِ الموعود” بكل ما لهما من ارتباطات وأبعاد إقليمية، قد أفضيا إلى “تصفير” آمال الكيان المستقبلية الوجودية والتوسعية وإصابة المشروع الغربي الصهيوني الهيمني المرتبط به في هذه المنطقة في مقتل.. كما تشير الاستنتاجات المرصودة في السياق إلى أن العد العكسي لنهاية الكيان الملفق المصطنع في فلسطين قد بدأ فعليا، ومعها، أيضا، نهايةُ النفوذ الأمريكي الغربي في غرب آسيا وشمال أفريقيا، وكذلك ركائزُه في الإقليم ومجتمعاته القُطرية.. أو على الأقل انكماشه إلى حد كبير .

قد يعجبك ايضا