الثورة / متابعة / ناصر جرادة
آلاف الأطفال الفلسطينيين في غزة تدمر مستقبلهم بفعل الحرب العدوانية التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة منذ أكثر من عشرة أشهر، ما شكّل مأساة كبيرة وتمزقاً عميقا في الأسرة والنسيج الاجتماعي للقطاع.
ونشرت صحيفة” نيويورك تايمز” الأمريكية، في تقرير لها أمس. عن تقدّيرات خبراء أمميون أن ما لا يقل عن 19 ألف طفل يعيشون الآن منفصلين عن والديهم في قطاع غزة، سواء مع أقاربهم، أو مع مقدمي الرعاية الآخرين، أو بمفردهم .
التقرير الذي اعتمد علي خبراء استخدموا أسلوباً إحصائياً مستمداً من تحليل الحروب الأخرى، أشار إلى أن الرقم الحقيقي لهؤلاء الأطفال الأيتام ربما يكون أعلى من ذلك. فالحروب الأخرى لم تشمل هذا القدر من القصف والنزوح في مثل هذا المكان الصغير المزدحم، الذي يضم عدداً كبيراً من السكان جلّهم من الأطفال، بحسب ما ذكره جوناثان كريكس، المتحدث باسم وكالة الأمم المتحدة للطفولة.
وتضيف الصحيفة أن الحرب في غزة تحرم الأطفال من آبائهم والآباء من أطفالهم، وتفسد النظام الطبيعي للأشياء، وتمزق الوحدة الأساسية للحياة في غزة. إنها تجعل العديد من الأيتام في حالة من الفوضى لدرجة أن أي وكالة أو مجموعة إغاثة لا تستطيع إحصاءهم.
ورصد تقرير الصحيفة الأمريكية الأوضاع الصعبة التي يعاني منها الأطفال الأيتام الوحيدون في غزة ممن قتل والديهم أو اعتقلوا في ظل الحرب الإسرائيلية على غزة، التي دخلت شهرها الحادي عشر وخلفت أكثر من 120 ألف شهيد وجريح فلسطيني، وفقاً لأرقام وزارة الصحة.
ففي خان يونس، أقيم مخيم يديره متطوعون لإيواء أكثر من ألف طفل فقدوا أحد والديهم أو كليهما. وهناك قسم مخصص للأطفال “الناجين الوحيدين”، وهم الأطفال الذين فقدوا أسرهم بالكامل، باستثناء أحد أشقائهم.
وبحسب التقرير، كانت 41% من الأسر التي استطلعت وكالة الأمم المتحدة للطفولة آراءها في غزة ترعى أطفالاً ليسوا من أطفالها في شهر أبريل الماضي. وقال التقرير: “إن الحرب في غزة تحرم الأطفال من آبائهم، وتحرم الآباء من أطفالهم، وتقوّض النظام الطبيعي للحياة، وتدمر الوحدة الأساسية للحياة في غزة. كما تتسبب في خلق أعداد هائلة من الأيتام وسط حالة من الفوضى التي لا تستطيع أي وكالة أو مجموعة إغاثة إحصاءها “.
ونقل التقرير عن طواقم طبية قولها إن الأطفال يُترَكون يتجولون في ممرات المستشفيات بعد نقلهم إلى هناك وهم ملطخون بالدماء وحيدين. كما تأوي وحدات حديثي الولادة أطفالاً لم يأت أحد ليطالب بهم.
وكانت طبيبة أطفال أمريكية عالجت مرضى في غزة أثناء الحرب قد نقلت شهادتها عن الأهوال التي شهدتها في القطاع إلى أنصار الحزب الديمقراطي خلال ندوة عقدت ضمن فعاليات المؤتمر الوطني الديمقراطي في مدينة شيكاغو.
وتناولت شهادة الطبيبة تانيا حاج حسن الأطفال الذين فقدوا أسرهم بالكامل، وعانوا من إصابات بالغة، وغيرهم ممن تُرك الكثيرون منهم بلا أسر، حتى بات مصطلح “الطفل الجريح بلا أسرة على قيد الحياة” شائعاً، بحسب ما نشرته صحيفة الغارديان البريطانية.
وتحدثت تانيا عن طفل صغير جاء إلى غرفة الطوارئ بإصابات بالغة في نصف وجهه ورقبته بينما كان يقول لها إنه يتمنى لو مات هو أيضاً لأن كل من يحبهم في الجنة.
ونقل تقرير “نيويورك تايمز” عن الدكتورة ديبورا هارينجتون، طبيبة التوليد البريطانية التي تطوعت في غزة في ديسمبر الماضي، قولها إن بعض الأطفال ولدوا أيتاماً بعد وفاة أمهاتهم الجريحات أثناء الولادة.
وفي كثير من الأحيان، ينفصل الأطفال عن آبائهم عندما تعتقل قوات الاحتلال والديهم، أو عندما يهرع الأطفال إلى المستشفيات بمفردهم وسط حالة الارتباك التي تخلفها الغارات الجوية.
وقال الأطباء إنهم عالجوا العديد من الأطفال الأيتام حديثاً، وكثير منهم من مبتوري الأطراف.
وأشار التقرير إلى أنه رغم محاولة عمال الإغاثة البحث عن عائلات هؤلاء الأطفال الوحيدين، إلا أن انهيار الأنظمة الحكومية التي كان من الممكن أن تساعد في عمليات التتبع والبحث يعوق عمليات البحث في ظل انقطاع لأنظمة الاتصالات وأوامر الإخلاء المتواصلة التي تفرق العائلات.
وأشار التقرير إلى أن بعض الأطفال الصغار يعانون من صدمة شديدة لدرجة أنهم يصابون بالخرس ولا يستطيعون إعطاء أسمائهم، مما يجعل من مهمة الوصول إلى عائلاتهم أمراً مستحيلاً، وفقاً لجمعية قرى الأطفال، وهي منظمة مساعدات تدير داراً للأيتام في غزة.