الثورة/ إبراهيم الوادعي
للمرة الأولى تدخل قضية فلسطين الاجندة العالمية من بوابة المصالح، وهي البوابة التي يهتم بها العالم باحثا عن الحلول لمنع تراكم الخسائر.
على مدى 75 عاما تعامل العالم مع قضية فلسطين من بوابة الحقوق ومن هذه البوابة لم يقدم العالم لفلسطين أو لقضيتها شيئا، رغم أيمانه بان أناسا جلبوا من أصقاع شتى ليحلوا مكان شعب انتزع من أرضه، وخصوصا عندما غابت بعض القوة التي رفعها العرب ما قبل 73 م في وجه الكيان الإسرائيلي المصطنع على ارض فلسطين.
بل على العكس من ذلك تحولت فلسطين مع ضعف العرب وسلب الشعب الفلسطيني كل عناصر قوته عبر محيطه الذي ذهب إلى المهادنة كما هو حال مصر في اتفاق كامب ديفيد 79 م ومن تبعه لاحقا ، أو تعامل مع إسرائيل سرا ، وقدم المبادرات التي تعطي إسرائيل أرضا ليست لها وتبقى لذوي الحق اقل من 25 في المائة من ارض فلسطين أراضي 67م .
تحولت إلى صداع بات العالم ينشد التخلص منه، خاصة مع كل جولة مواجهة بين المقاومة العدو الإسرائيلي، وقبلا انتفاضتي الأقصى الأولى والثانية.
لكن التحول الكبير أتى بما لم يتوقعه الكيان الإسرائيلي وحتى العالم، حين عاد أصحاب الأرض يوم السابع من أكتوبر إلى أراضيهم التي ظلوا يشاهدونها من خلف السياج، وعلى غرار كل مواجهة أراد العالم المنافق أن يمنح إسرائيل الوقت للتعامل مع هذا التحول الذي ظنه مغامرة غير محسوبة.
قبل أن تأتي المفاجأة في دخول اليمن على خط الاسناد للطوفان الفلسطيني وحق أصحاب الأرض، جاعلا من فلسطين هما يسعى الجميع لحله على عكس القواعد السابقة حيث مس الضرر كل العالم ولم يعد مقصورا على أصحاب الأرض او المنطقة.
لقد نجح اليمن في تحميل العالم فاتورة الاحتلال الإسرائيلي لأرض فلسطين، وجعله ينظر من زاوية جديدة إلى مقاربة واقعية لمشكلة وحلول طالما تجاهلها نفاقا واستضعافا لأصحاب الحق.
فرض ملف غزة ووضع الملف الفلسطيني من البوابة اليمنية على رأس قائمة الأجندة السياسية والاقتصادية عالميا،
فقد تسبب الحصار البحري اليمني بخسائر اقتصادية كبيرة طالت الدول الغربية خصوصا التي تواصل النفاق وتحمل الخسائر تواطئا مع العدو الإسرائيلي في جريمته بغزة ومحاولات دفن قضية شعب بأكمله.
وفيما يلي أبرز مواقف وتعليقات الشركات الدولية للشحن البحري
سي.إم.إيه-سي.جي.إم
قال رودولف سعادة رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لمجموعة الشحن سي.إم.إيه-سي.جي.إم إن مجموعة الشحن الفرنسية علقت معظم الرحلات التي تمر عبر البحر الأحمر، لكنها لا تزال تسيّر بعض سفن الشحن على أساس فردي عندما تتسنى مصاحبة سفن البحرية الفرنسية لسفن الشحن.
ديانا شيبنج
قال رئيس الشركة أناستاسيوس مارجارونيس في فبراير “عمليات عبور قناة السويس تقل بنحو 40 بالمئة عن تلك المسجلة خلال النصف الأول من ديسمبر من العام الماضي. ويرجع ذلك جزئيا إلى تجنب عدد من المشغلين، ونحن منهم، للمنطقة”.
دي.إس.في
قالت ثالث أكبر شركة شحن في العالم في يوليو تموز إن الإيرادات ارتفعت في الربع الثاني بسبب زيادة أحجام الشحن.
وذكرت أنها تتوقع تأثيرا إيجابيا في النصف الثاني من العام نتيجة الاضطرابات في البحر الأحمر.
إيفرجرين
قالت شركة إيفرجرين التايوانية لشحن الحاويات إن سفنها التي تقدم خدمات الشحن في منطقة موانئ البحر الأحمر ستغير مسارها إلى ممرات أخرى آمنة، أما السفن المقرر أن تمر عبر البحر الأحمر فستسلك طريق رأس الرجاء الصالح.
هاباج لويد
قررت الشركة الألمانية لشحن الحاويات في يناير تحويل مسار سفنها لتدور حول أفريقيا حتى إشعار آخر.
وقال الرئيس التنفيذي للشركة رولف هابين يانسن امس الاول في الوقت الحالي، نعتزم الدوران حول رأس الرجاء الصالح حتى نهاية العام”.
وقالت الشركة في يونيو إنها لا تتوقع أن يستأنف قطاع الشحن البحري المرور عبر البحر الأحمر حتى إذا تم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) وكيان العدو الإسرائيلي.
وذكرت أيضا أن الاضطراب في البحر الأحمر ووفرة المعروض من خدمات السفن على الصعيد العالمي سيجبرها على تقليل التكاليف في 2024.
كونا + ناجل
توقعت شركة الخدمات اللوجستية السويسرية كونا + ناجل في الأول من مارس استمرار تأثير أزمة البحر الأحمر لأرباع تالية.
وقالت في 23 يوليو إن تأثير أزمة البحر الأحمر عليها كان “ضئيلا”،
ميرسك
ذكرت مجموعة ميرسك الدنمركية للشحن في الأول من أغسطس أنها تتوقع استمرار الاضطرابات حتى نهاية 2024 على الأقل فيما رفعت توقعاتها للعام بأكمله مرة أخرى جزئيا بسبب الأزمة.
وقالت ميرسك، التي أوقفت حركة المرور في البحر الأحمر، في يوليو تموز إن نطاق الاضطرابات التي تشهدها حركة الشحن بالحاويات عبر البحر الأحمر اتسع ليشمل كامل شبكتها في العالم.
إم.إس.سي
قالت شركة البحر المتوسط للشحن (إم.إس.سي) كانون الأول إن سفنها لن تمر عبر البحر الاحمر.
نيبون يوشن
قال متحدث باسم نيبون يوشن، أكبر شركة شحن يابانية من حيث المبيعات، إن الشركة أوقفت الملاحة عبر البحر الأحمر مؤقتا لجميع السفن التي تشغلها.
أوشن نتورك إكسبرس
قالت أوشن نتورك أكسبرس، وهي مشروع مشترك بين شركات ميتسوي أو.إس.كيه لاينز ونيبون يوشن وكاواساكي كيسن كايشا، في 19 ديسمبر إنها قررت تحويل مسار السفن بعيدا عن البحر الأحمر إلى رأس الرجاء الصالح أو وقف رحلاتها مؤقتا ونقلها لمناطق آمنة.
أورينت أوفرسيز كونتينر لاين
قالت شركة أورينت أوفرسيز كونتينر لاين (أو.أو.سي.إل)، ومقرها هونج كونج، إنها أصدرت تعليمات لسفنها بتغيير مسارها بعيدا عن البحر الأحمر أو وقف المرور عبره. كما توقفت شركة الشحن المملوكة لشركة أورينت أوفرسيز (إنترناشونال) المحدودة عن قبول عمليات الشحن من إسرائيل وإليها حتى إشعار آخر.
إسرائيليا ونتيجة للحصار البحري اليمني
فقد خفضت وكالة فيتش، التصنيف الائتماني لكيان العهد من A+ إلى مستوى A كنتيجة للمخاطر الجيوسياسية، بالإضافة إلى ارتفاع العجز في الموازنة، والذي من المتوقع أن يصل إلى 7.8 % هذا العام – أعلى من السقف الحكومي البالغ 6.6 % بعجز يصل إلى 4.1 % مقارنة بالعام الماضي 2023.
وقال عوفر كلاين، رئيس قسم الاقتصاد والأبحاث في شركة هاريل للتأمين والتمويل:
“في تقديرنا، هناك احتمال كبير نسبيًا أن نشهد تخفيضًا آخر في التصنيف من قبل شركات التصنيف الأخرى ويواصل العجز الحكومي الارتفاع وتجاوز نسبة 8 %. وسيرتفع العجز مرة أخرى الشهر المقبل “
وبالإضافة إلى ارتفاع أسعار السلع داخل الكيان وتضاعفها عدة مرات بالإضافة إلى انعدام سلع أخرى كان يعتمد الكيان على مرورها من البحر الأحمر ومع تضاعف حلقات الحصار البحري اليمني إلى السفن التي تتعامل مع موانئ فلسطين المحتلة، فقد اتى افلاس ميناء ايلات كحدث بارز ضاعف من أزمات الكيان الاقتصادية وشكل فضيحة دولية له ، وعلامة على الوضع الاقتصادي الصعب الذي يمر به الكيان نتيجة الحصار والدخول اليمني غير المتوقع إسناد لغزة وفلسطين.
وعلق رئيس اللجنة الاقتصادية في الكنيست تعقيبا على فشل الولايات المتحدة والدول الغربية في رفع الحصار البحري عن بلاده بالقول: يبدوا أننا سنضطر إلى التوجه إلى الحوثيين لطلب مساعدة لميناء ايلات
حاليا الحصار البحري يحكم الخناق على إسرائيل من البحر الأحمر وتطور ليحكم الخناق من المحيط الهندي، وهو امتد في مرحلته الرابعة وبالتعاون مع العراق إلى وضع البحر الأبيض المتوسط تحت قائمة الاستهداف بما يضع موانئ فلسطين المحتلة على البحر الأبيض المتوسط تحت الحصار، ما يعني إضافة مزيد من الأعباء والضغط على الكيان الصهيوني.
وبعد 8 أشهر من بدء فرض أولى حلقات الحصار البحري ووصوله في الشهر العاشر من العدوان على غزة إلى فرضه على جميع الشركات التي تتعامل مع الكيان الصهيوني، علا صراخ الشركات الدولية رغم الطلب اليها التحمل وتقديم بيانات خاطئة وتشكيل تحالفات لفتح طريق البحر الأحمر أمامها.
صراخها يعلو مع الوقت ولن يكون بالإمكان الصبر اكثر في انتظار الحلول السياسية أو العسكرية التي أثبتت فشلها وعقمها أما بلد كاليمن لم يعد فيه بنك أهداف بعد 9سنوات من القصف السعودي الأمريكي إلى أخر القائمة ، لا يمكن لرؤوس المال أو الاقتصاد تحمل الخسائر مع وقت مفتوح وفقدان المستهلكين والأسواق.
من سيصرخ أولا لن يكون اليمن بالطبع ولن تكون فلسطين التي تعودت على المعاناة بصمت ل75 عاما، سيصرخ أرباب المال والاقتصاد، في ظل انعدام وعدم جدوائية خيارات النقل الأخرى ، وسيجبرون في لحظة ما على البحث جديا عن حلول للقضية الاعدل على وجه الأرض بما في ذلك التخلي عن إسرائيل ، إذا مارأو خزائنهم بدأت تفرغ من المال.