ظلت صحيفة الثورة منذ تأسيسها في سبتمبر 1962م، إحدى أهم قنوات الاتصال بين السلطات المتعاقبة والشعب، الثورة – الصحيفة الرسمية الأولى، ممولة من الحكومة نعم، لكنها ليست صوتا أو صدى للسلطة أو الحكومة، فصفحاتها مفتوحة لهموم الشعب وقضاياه.
بعد أيام تكمل صحيفة “الثورة” عامها الثاني والستين.. عمر طويل لكنه لا ينعكس على واقعها الحالي، من حيث الانتشار والتطور مقارنة بالصحف الحكومية في الدول العربية.
صحيفة الثورة تمر بأزمة مركبة، فهي مثل كل الصحف الورقية في العالم تعاني المنافسة الشرسة لوسائل الإعلام الحديثة كالفضائيات والإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، وتعاني من تداعيات العدوان والحصار المفروض على بلادنا منذ عشر سنوات.
ومع ذلك لم تتوقف الصحيفة عن الصدور مع أنها تعمل بموازنة تساوي تقريباً 5% من حجم موازنتها قبل العدوان.
صحيفة الثورة التي أصحبت الإصدار الوحيد لمؤسسة الثورة للصحافة والطباعة والنشر ـ بعد توقف صحيفتي الوحدة والرياضة ومجلة معين ـ مهددة بالتوقف إذا استمر تجاهل أهميتها وأزمتها من قبل الحكومة.
الأزمة المالية التي تعانيها الصحيفة ليست معضلة يستعصي حلها ليقال (دبروا حالكم أو اغلقوها).
تمتلك المؤسسة الكثير من الأصول والمقومات المادية والبشرية التي تحتاج إلى توظيف واستغلال أمثل بما سيؤدي حتما إلى زيادة الموارد المالية وبالتالي تحسين أدائها وتحسين مستوى معيشة قرابة ألف من منتسبيها، دون أن يشكل ذلك عبئاً على الموازنة العامة.
لدى المؤسسة مطابع حديثة تلبي معظم احتياجات الوزارات والمؤسسات الحكومية، لكن احتكار هذه الأعمال في أماكن محددة يساهم في تجفيف مواردها ويعجل بانهيارها، في الوقت الذي تنفق فيها الجهات الحكومية المليارات للأعمال الطباعية، مع أن إحدى الوزارات الحكومية تنفق سنويا 250 مليون ريال للأعمال الطباعية.
عدم قدرة الحكومة على تقديم الدعم المالي الكافي للمؤسسات الإعلامية الحكومية لا يبرر إخلاء مسؤوليتها عن ما قد يؤول إليه مصير هذه المؤسسات، إذ أن عليها البحث عن (حلول إبداعية)، كما أشار قائد الثورة في كلمته التوجيهية لأعضاء حكومة التغيير والبناء الخميس الماضي.
في بعض دول المغرب العربي تدخلت السلطات لدعم الصحف التي كانت مهددة بالتوقف من خلال توجيه الوزارات والمؤسسات الحكومية بعمل عقود اشتراك سنوي مع تلك الصحف، وزيادة نسبة الإعلان فيها، فاستعادت عافيتها من جديد.. وفي بلادنا، تمر سنوات على بعض الجهات الحكومية دون أن تنشر إعلانا أو تهنئة في مناسبة وطنية.
أكثر من 600 موظف يعملون حاليا في مؤسسة الثورة للصحافة، 8% منهم صحفيون، متوسط ما يتقاضاه الصحفي شهريا بين 45 – 50 ألف ريال .. في ظل هذا الوضع يصعب الارتقاء بأداء الصحيفة ومضمونها.
ونختم بالآتي:-
• لا يمكن توجيه اللوم للسلطة أو الحكومة فقط، إذ تتحمل قيادات المؤسسة المتعاقبة جزءاً من المسؤولية..
• البوح بهذه المشاكل أو المعاناة في هذا التوقيت لا يعني يأسا أو إحباطا، بل بدافع الأمل في ” التغيير والبناء عامة،” وفي تولي الوزير هاشم شرف الدين حقيبة الإعلام، وهي المرة الأولى التي ” يعطى فيها الخبز لخبازه”.