أظهرت جريمة اغتيال شهيد الأمة والمقاومة المناضل العربي الفلسطيني الغيور إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس ، إلى أي مدى نجح اللوبي اليهودي الصهيوني ومن خلفه الإدارة الأمريكية والوهابية السعودية في شيطنة إيران ، في أوساط الشعوب العربية والإسلامية ، وتصويرها على أنها العدو اللدود للإسلام والمسلمين ، وأنها أخطر عليهما من اليهود والنصارى ، في سياق حملة التشويه المنظمة التي تشن ضدها ، لأنها تقف ضد مشروع الهيمنة الأمريكية في الشرق الأوسط ، وترفض القبول بكيان العدو الإسرائيلي ، والذي ترى فيه غدة سرطانية خبيثة يجب استئصالها ، وتدعم وبكل قوة حركات المقاومة المناهضة لهذا الكيان الإجرامي المتغطرس .
منشورات فيسبوكية ، وتغريدات ، وتعليقات عربية الهوية ، للكثير من أبناء جلدتنا ، تعليقا على جريمة اغتيال الشهيد القائد إسماعيل هنية ، وكلها ضد إيران ، تهاجم إيران ، تحملها المسؤولية ، والبعض منها لم يجد أصحابها أي حرج في اتهام إيران بالتنسيق مع كيان العدو الصهيوني من أجل تصفية هنية ، وكثر الهمز واللمز حول هذا الموضوع بشكل مباشر وغير مباشر ، نفثوا سموم حقدهم وكراهيتهم لإيران التي تعد نتاجا للتحريض المتواصل ، والتعبئة القذرة ، والتشويه المتعمد على إيران ، والإساءة إليها ، تصفية لحسابات سياسية ومذهبية وطائفية ، من قبل وسائل الإعلام ذات التوجه الوهابي ، وبعض الناشطين والإعلاميين والحقوقيين المحسوبين على التيارين الإخواني والسلفي ، الذين وجدوا في اغتيال هنية مادة دسمة لإفراغ حقدهم وغلهم على إيران بكل تلكم البذاءة المستقبحة .
عندما كانت إيران في عهد الشاة أمريكية الولاء والانتماء كانت دولة مرضياً عنها أمريكيا وحتى عربيا وصهيونيا ، ولكن عندما قامت الثورة الإسلامية الإيرانية على يد الإمام الخميني ، تحولت إيران إلى عدو ، وتكالب عليها الجميع ، لأنها قطعت اليد الأمريكية التي كانت ممتدة إلى داخل عمقها الإستراتيجي ، قامت القيامة عليها لأنها ضد أمريكا وإسرائيل ، لأنها تقف مع القضية الفلسطينية ، لأنها تدعم حركات المقاومة الفلسطينية ، واللبنانية ، وتقف إلى جانب المستضعفين في المنطقة ، وزادت كراهيتهم لإيران عقب تزعمها لمحور المقاومة الممتد من إيران والعراق وسوريا وفلسطين ولبنان إلى اليمن .
مع أحداث ما سمي بثورات الربيع العربي ، تنكرت حركات المقاومة ذات التوجه الإخواني لإيران وسوريا ولكافة الأطراف التي وقفت معها وساندتها ، ولكن تلكم الأنظمة لم تقدم للمقاومة الفلسطينية أي دعم ، ولم تمنحها أي اهتمام ، بل ذهبت للتآمر عليها من خلال الإساءة لتاريخها الجهادي ، وكانت في أغلب الأوقات تمارس ضغوطاتها على حركات المقاومة من أجل إجبارها على الرضوخ للإملاءات الإسرائيلية ، حينها أدركت تلكم الحركات خطورة الموقف وذهبت لتصحيح مسارها والعودة إلى محور المقاومة ، وخلال فترة وجيزة شهدت نقلة نوعية في الجوانب العسكرية واللوجستية ، وبدأت تلمس ثمار هذا التحالف الإسلامي .
لم ترفض إيران ( الشيعية ) دعم وإسناد حركة حماس وبقية حركات المقاومة الفلسطينية ( السنية ) ولم تشترط عليهم مقابل الدعم الإرسال في الصلاة ، ولا الأذان بأشهد أن عليا ولي الله ، ولم تطلب منهم التخلي عن فكرهم وعقائدهم ، فكان الدعم الإيراني في سياق النصرة والمدد وبناء القدرات لمواجهة كيان العدو الصهيوني ، لقد خذل العرب فلسطين ومقاومتها ، وأعلنوا براءتهم منها ، ووسموا حركات المقاومة بالإرهاب ، وعندما اغتيل الشهيد إسماعيل هنية ، ذهبوا لمهاجمة إيران ، والتشفي في حركة حماس ، ولم تجد مصر والأردن أي حرج في الحديث عن قيامهما بالتصدي لأي صواريخ أو مسيرات تعبر فوق أجوائهما باتجاه كيان العدو الصهيوني في سياق الرد على جريمة اغتيال القائد إسماعيل هنية .
صهاينة العرب أثبتوا أنهم ماركة مميزة في الحقارة والعمالة والخيانة ، للحد الذي جبنوا عن إصدار بيان إدانة لجريمة اغتيال هنية ، وأطلقوا العنان لمساطيلهم لتوزيع الاتهامات لإيران ، والتحريض عليها ، بكل وقاحة وقلة حياء ، نسوا أو بالأحرى تناسوا أن إيران قامت بالدور الذي كان من المفترض أن يقوموا به هم في دعم القضية والمقاومة الفلسطينية في مواجهة كيان العدو الصهيوني ، نسوا أنهم من شجّع هذا الكيان على التمادي في غيه وإجرامه وحصاره لقطاع غزة ، نسوا أنهم من منحه الضوء الأخضر في التنكيل بالفلسطينيين من خلال التطبيع والتقارب والتحالف معه ، إيران قامت بما عليها فيما يتعلق بدعمها لفلسطين ووقوفها إلى جانب دول محور المقاومة ، إيران ليست كما يصورها لهم الأمريكي والإسرائيلي والوهابي ، إيران دولة إسلامية في المقام الأول ، فوبيا إيران سياسة أمريكية صهيونية ، الخطر الذي يتهدد الجميع هو الخطر الأمريكي الإسرائيلي ، اغتيال القائد إسماعيل هنية في طهران ، هو مخطط قذر يستهدف إيران وفلسطين والمقاومة و الأمة لأنها هي الظهر والسند للمقاومة ، وهي من تقف خلفها وتدعمها وتساندها ، هي من تدعم فلسطين وقضيتها التي تعتبرها قضيتها الأولى ، إسرائيل قتلت قرابة الأربعين ألفا من الفلسطينيين في غزة غالبيتهم من النساء والأطفال، ولم نسمع لهؤلاء أي إدانة ، وعندما ذهب نفس القاتل لاغتيال القائد إسماعيل هنية في طهران ، سارعوا لمهاجمة إيران ، ولم يهاجموا القاتل، أتدرون لماذا ؟!! لأن مشكلتهم هي مع إيران ( الشيعية ) ، لا مع إسرائيل الصهيونية النازية ، هكذا تم تدريسهم ، وتعبئتهم ، وحشو عقولهم ، إيران عندهم عدوة الإسلام والمسلمين ، وإسرائيل حمامة سلام وحمل وديع ، وهي حامي حمى الإسلام والمسلمين ولا خطر منها على الإطلاق ، والمشكلة لا تكمن في قناعتهم بذلك فحسب ، ولكن المشكلة الأدهى والأمر أنهم يريدون أن يقنعوننا بذلك !! .