الثورة / محمد شرف
منذ حرب صيف 1994 ، التي انتهت بانتصار جناح صالح عفاش وحلفائه وهزيمة البيض ، لكن الوحدة اليمنية تعرضت لجروح لم تندمل ، وعلى اثرها تشكلت الحركات وتعالت الأصوات المطالبة بانفصال الجنوب وعودته سياسيا إلى ما قبل 1990 – دولة مستقلة باسم جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية .
ومع مرور السنوات ، تبدلت الحركات والأصوات المطالبة بالانفصال واستقرت المطالب على العودة بالمحافظات الجنوبية إلى ما قبل عام 1967» واعتماد تسمية المحتل البريطاني – الجنوب العربي.
لأسباب متعددة ، أهمها : الجذور العميقة للوحدة اليمنية في التاريخ والجغرافيا والوجدان ، لم تستطع تلك الحركات على اختلاف مسمياتها أن تعود بالجنوب ، لا إلى ما قبل عام 1990 ولا إلى ما قبل 1967 ، وما استطاعت فعله ، هو العودة بالجنوب إلى خلفيات وتداعيات يوم 13 يناير 1986 ، المجازر والتصفيات التي حدثت بخلفيات مناطقية قبلية بين رفاق الحزب الاشتراكي اليمني الحاكم في الجنوب .
حرب الرفاق تحولت إلى حرب مناطقية أركانها القبائل في أبين ويافع والضالع وردفان ، ولم ينج منها الرفاق الذين كانوا ينتمون لمحافظات شمالية ، ابرزها محافظة تعز ، وعلى رأسهم عبدالفتاح إسماعيل .
يبدو أن رماد 13 يناير 1986 لا يزال ساخنا ، ولا يزال يخفي تحته جمرا متقدا ، فما تشهده المحافظات الجنوبية من حروب وتوترات على خلفيات مناطقية تشير إلى ذلك .
وما شهدته مدينة عدن أمس ليس سوى مشهد من صراع الماضي .
أمس السبت قُتل شخصان وجرح العشرات ، بنيران قوات الانتقالي الموالي للإمارات والسعودية في التظاهرة الكبيرة التي شهدتها خور مكسر بعدن .
واستخدمت قوات الانتقالي القوة المفرطة ضد الجماهير المشاركة في مليونية «عشال السلمية» بمدينة عدن واعتقلت العشرات. ما أدى إلى سقوط عشرات الشهداء والجرحى والمخطوفين وفق مصادر محلية .
وشنت قوات الانتقالي حملة اعتقالات واسعة في أوساط المتظاهرين.
وتداول ناشطون بمواقع التواصل الاجتماعي، قيام قوات الانتقالي في عدن بإطلاق نار كثيف باتجاه المتظاهرين لمنعهم من التظاهر ومحاولة تفريقهم.
وخرج الآلاف من أبناء أبين الذين احتشدوا إلى عدن فيما سمي بمليونية عشال للمطالبة بكشف مصير القيادي الجنوبي علي عشال ، ويتهمون أجهزة أمنية تابعة للانتقال باختطافه وإخفائه قبل أسابيع ولم يعرف مصيره حتى اللحظة.
وكان المجلس الانتقالي دفع بمزيد من التعزيزات العسكرية، بعد فقدان السيطرة على الحشود التي تمكنت من الوصول لساحة العروض بشكل كبير.
وقال شهود عيان إن عشرات المدرعات والأطقم العسكرية تحركت إلى نقطة العلم لمنع تدفق حشود قبائل أبين القادمة إلى عدن للمشاركة في مليونية “عشال” والمطالبة ببقية المختطفين والمخفيين في السجون السرية التابعة للانتقالي.
وبحسب شهود عيان ،فإن قوات أمنية اطلقت النار بكثافة بحي العريش وبخط ساحل أبين لمنع أي مظاهرات تضامنية مع عشال.
وسادت حالة من الإرباك والمخاوف لدى قيادات المجلس الانتقالي عقب تزايد حالة الغضب في أوساط المتظاهرين بعد سقوط شهداء وجرحى ، وسط مخاوف من تحول المظاهرات إلى ثورة شعبية .
يذكر أن ميليشيا الانتقالي المدعوم إماراتيا ذهبت بعيدا في تبرير جريمة اختطاف وإخفاء العميد عشال نظرا للحساسية المناطقية الشديدة التي خلفتها أحداث 13 يناير المشؤومة عام 1986والتي ما تزال جراحها تثور بين الحين والآخر .حيث قدم أمن عدن التابع للإنتقالي يسران المقطري «كبش فداء».
وأعلن مدير أمن عدن مطهر الشعيبي يسران المقطري مطلوبا امنيا مضيفا أن إدارته وجهت مذكرة تخاطب عبر وزارة الداخلية إلى الانتربول الدولي تطالب بتسليمه.
غير أن المقطري والذي كان يشغل منصب قائد قوات ما يسمى مكافحة الإرهاب في عدن طالب إدارة أمن عدن باستعراض كافة الأدلة.
ونقلت عنه وسائل إعلام وصف بيان إدارة الأمن الذي اعلنه مطلوباً أمنياً بالهزيل.
وقال أن البيان كان عبارة عن عبارات قالوا قالوا.
ويخشى «الانتقالي الجنوبي» الذي تسيطر على قيادته مناطق ما كان يعرف بعد أحداث يناير بـ”الطغمة” من أن تبعث هذه الأحداث من جديد الثارات القديمة مع أبناء أبين “الزمرة “والذين يشعرون بالغبن من الوضع الجديد الذي فرضه الاحتلال ومرتزقته.
تقديم المقطري كبش فداء استغله الكثيرون للتحريض على سكان مدينة عدن الذين ينحدرون من اصول شمالية ، ومطالبات بالتخلص منهم .