من الطبيعي جدا أن تكون العلاقات الثنائية بين الدول الجارة والشقيقة ؛ علاقات احترام متبادل ، ومصالح مشتركة ، يسودها الإخاء والود والتفاهم ، فهذه هي الحالة الطبيعية التي يجب أن تسود بين الجيران ، ولا مصلحة لطرف على حساب طرف آخر في الدخول في حروب وخلافات وصراعات وتوترات ، كونها لا تخدم سوى أعداء الطرفين ، ونحن في اليمن ما قبل 26 مارس 2015 لم يكن لدينا أي عداء تجاه السعودية والإمارات والبحرين ومصر والأردن وبقية الدول التي تشارك في تحالف العدوان على بلادنا الذي تقوده السعودية ومن خلفها أمريكا ، ولم يصدر منا أي تصرف يستدعي الاعتداء على بلادنا وفرض الحصار على شعبنا ، ولكن الإدارة الأمريكية هي التي اتخذت قرار شن العدوان بشهادة عادل الجبير ، وذهبت السعودية لارتكاب حماقتها الكبرى تجاه دولة جارة لم يصدر تجاهها منها أي سوء .
فرضت علينا الحرب فرضا ، خضنا غمارها من باب الدفاع عن النفس ، وأبلينا فيها بعون الله وتوفيقه بلاء حسنا ، وطيلة ما مضى من سنوات العدوان والقيادة الثورية والسياسية تمد يدها للسلام وتدعو السعودية والإمارات لإيقاف العدوان وإنهاء الحصار والعودة إلى جادة الحق والصواب، من باب الحرص على السلام وحقن الدماء، ومراعاة لحق الجوار ، ولكنهما كانتا تتعاملان بحالة من اللامبالاة وعدم الاكتراث تجاه تلكم الدعوات ، وتصران على التصعيد تحت الضغط الأمريكي الذي كان حاضرا وبكل قوة ، ومع شن كيان العدو الصهيوني اللعين حرب الإبادة على قطاع غزة ، ودخول بلادنا على خط المواجهة دعما وإسنادا لإخواننا في قطاع غزة ، سعى الأمريكي والبريطاني والإسرائيلي للضغط على السعودية والإمارات من أجل القيام بخطوات تصعيدية من شأنها التأثير على حجم الدعم والإسناد اليمني لغزة ، من خلال سلسلة من الإجراءات التعسفية ذات الصلة بالشأن الاقتصادي ، ورغم التحذير اليمني الصريح للجانب السعودي من خطورة الذهاب خلف الإملاءات الأمريكية؛ إلا أن السعودية ذهبت لاتخاذ هذه الخطوات ، وكالعادة تحت الضغط الأمريكي المكثف .
قيادتنا الحكيمة تعاملت بحكمة وأرسلت رسائل واضحة للسعودية مفادها أن المعاملة ستكون بالمثل ، وذهبت لمواصلة معركة إسناد غزة ، في هذه الأثناء بدأت السعودية تبحث عن مخرج وعلى ضوء الوساطة العمانية ، تم التوقيع على اتفاق ثنائي بين اليمن والسعودية نص على : ( الغاء القرارات والإجراءات الأخيرة ضد البنوك من الجانبين والتوقف مستقبلا عن أي قرارات أو إجراءات مماثلة ، واستئناف طيران اليمنية للرحلات بين صنعاء والأردن وزيادة عدد رحلاتها إلى ثلاث يوميا، وتسيير رحلات إلى القاهرة والهند يومياً أو بحسب الحاجة ، وعقد اجتماعات لمعالجة التحديات الإدارية والفنية والمالية التي تواجهها الشركة ، والبدء في عقد اجتماعات لمناقشة كافة القضايا الاقتصادية والإنسانية بناء على خارطة الطريق ) التي تحمل في مضامينها المرتكزات والمحددات الأساسية للحل الشامل للأزمة اليمنية ، بما في العدوان والحصار وتداعياتهما على مختلف الأصعدة والمجالات .
الاتفاق شكل خطوة هامة ومتقدمة على طريق تعزيز الثقة بين الجانبين ، والمعيار والمحك الرئيسي فيه هو التنفيذ على الأرض والترجمة العملية لمضامينه دون مماطلة أو تسويف أو استثناء ، ندرك جيدا استياء وانزعاج الأمريكي والإسرائيلي وشرعية الفنادق والشاليهات ، وقطيع المرتزقة الموالين للإمارات على وجه الخصوص ، كونه شكل لهم صفعة قوية ، دخلوا على إثرها في حالة سعار هستيرية ، وأظهرت ردود فعلهم إلى أي مدى بلغت بهم الخسة والنذالة والسقوط القيمي والأخلاقي ، للحد الذي انزعجوا من رفع الحظر عن البنوك ، والذي يصب في مصلحة كل اليمنيين دون استثناء ، خصومتهم مع أنصار الله ، دفعتهم إلى الفجور في الخصومة للحد الذي لا يعقل على الإطلاق .
بالمختصر المفيد، الاتفاق مع السعودية بشأن البنوك والرحلات الجوية عبر مطار صنعاء للأردن ومصر والهند وما يتعلق بشركة الخطوط الجوية اليمنية ؛ يشكل خطوة إيجابية من شأنه أن يدفع بالأوضاع نحو الانفراج ، والجميل في هذا الاتفاق بعد مضامينه سالفة الذكر ؛ أنه تم بمعزل عن أي تدخل أمريكي أو إسرائيلي وفي توقيت بالغ الأهمية وخصوصا عقب العدوان الإسرائيلي على الحديدة ، ونتطلع إلى أن تتواصل الجهود الخيرة التي تصب في جانب إيقاف العدوان وإنهاء الحصار المفروض على بلادنا ، والتوقيع على خارطة الطريق التي تحمل معها نهاية لمعاناة وأوجاع شعبنا الوفي الصابر الصامد .
قلت قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ووالدينا ووالديكم وعاشق النبي يصلي عليه وآله .