محبة الإمام علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) معيار التمييز بين المؤمن والمنافق مصداقا لحديث الرسول الأعظم سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم والذي جاء بنصه الصريح ( يا علي لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق )، وسيظل الإمام علي ( كرم الله وجهه) قسيم النار والجنة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وفي عصرنا الحالي، وفي ظل الحرب الكونية التي يشنها كيان العدو الإسرائيلي على قطاع غزة والحصار الجائر الذي يفرضه على سكانه، وجرائم الإبادة الجماعية التي يرتكبها هذا الكيان الإجرامي الإرهابي الغاصب بدعم وإسناد ومشاركة وتأييد أمريكي، وأمام هذا الصمت الدولي المخزي، والتواطؤ العالمي القذر، تجاه ما يعتمل بحق أطفال ونساء وشيوخ غزة العزة، باتت غزة، وبات الموقف تجاه ما تتعرض له من حرب إبادة معيارا للإيمان والنفاق، فلا يوجد مسلم يشهد لله بالوحدانية، ولرسوله بالنبوة، وفي قلبه ذرة إيمان، يقف مع كيان العدو الإسرائيلي، ضد أبناء غزة، أو يلزم الصمت تجاه ما تتعرض له غزة وأهلها من قتل وتدمير وتهجير وتنكيل مع سبق الإصرار والترصد، لم يعد أي مجال للمراوغة، ما من مسلم يقبل بذلك على الإطلاق، سقطت الأقنعة، وتجلت الحقائق، إما مؤمن صريح، أو منافق صريح، لا منزلة بين المنزلتين .
السبت الماضي، أقدم جيش كيان العدو الإسرائيلي على ارتكاب مجزرة فظيعة، ومذبحة مروعة بحق مجموعة من العائلات النازحة في مخيم النازحين بمنطقة المواصي بخانيونس جنوب قطاع غزة، من خلال شن ثلاث غارات وحشية على مخيمات المواطنين، مخلفا أكثر من 400شخص بين شهيد وجريح غالبيتهم من النساء والأطفال، استهداف بشع للمواطنين الأبرياء في مخيمات النزوح التي ظنوا أنها ستمنحهم حقهم في الحياة، بعد أن أمعن كيان العدو الصهيوني الإسرائيلي في غيه وإجرامه، ودمر المنازل والأحياء، وأتى على كافة مقومات الحياة في رقعة جغرافية صغيرة شن عليها حرب إبادة شاملة، وفرض على سكانها حصارا مطبقا، مستقويا (بالشيطان الأكبر ) أمريكا، التي تمثل الحاضنة، والداعمة، والحامية، له .
أكثر من 400شهيد وجريح في ثوان معدودة، بكل صلف ووحشية، قررت آلة القتل والإجرام الإسرائيلية أن تعتدي على حقهم في الحياة بدم بارد، والأنظمة العربية العميلة الخانعة، مشغولة بالاطمئنان على صحة مرشح الرئاسة الأمريكية دونالد ترامب، والذي تعرض – حسب الرواية الأمريكية – لمحاولة اغتيال، هي أشبه بالمسرحية من أجل كسب تعاطف الشارع الأمريكي، قنوات الإعلام السعودية والإماراتية والبحرينية ومن دار في فلكها، أفردت التغطيات المفتوحة لمتابعة تداعيات ما تعرض له ( سيدهم ) ترامب، الكل يحلل ويشجب ويندد، دونما أدنى إشارة إلى مذبحة مخيم المواصي الدامية، يظهرون حالة غير مسبوقة من القبح والسقوط والسفالة والوقاحة .
نزع الله منهم الحياء، وسلب منهم العقول، وباتوا أشبه بـ”الجواميس والعجول”، يفتقرون للضمائر الحية، والقلوب الرحيمة، يؤلمهم ما أصاب ترامب، ولا يكترثون لمصاب غزة وأهلها، لا أدري بأي وجه سيقابلون الله يوم القيامة عندما يسألهم عن عمالتهم وتآمرهم على غزة وأهلها، وتفريطهم عن القيام بواجب نصرتها، أمريكا لن تقف مساندة لهم، ولن تدافع عنهم يوم المحشر، لن يقول بايدن أنا من أمرهم، وأنا من سأتحمل المسؤولية والعقاب بالنيابة عنهم، المسألة خطيرة جدا، والصمت العربي المصبوغ بالتخاذل والتواطؤ والمساندة للكيان الصهيوني تجاه مذبحة المواصي وما سبقتها من مذابح ومجازر بحق النساء والأطفال في قطاع غزة، سيدفع الإسرائيلي نحو ارتكاب المزيد من الجرائم، وسيشكل عاملا مساعدا له للإغراق في الدم الفلسطيني بكل صلف ووحشية، وخصوصا أن الصمت العربي القذر يأتي بأوامر وتوجيهات أمريكية، في سياق الدعم والإسناد الأمريكي للجيش الإسرائيلي في محرقة غزة التي أوشكت على انقضاء شهرها الثامن .
جريمة مخيم المواصي، شاهد عيان على الخذلان العربي المشين، يقال إنه للعرب جامعة، تأسست من أجل الدفاع عنهم، وتبني قضاياهم، والانتصار لها، ويقال إن للمسلمين كياناً يطلق عليه مسمى منظمة المؤتمر الإسلامي يتبنى قضايا الأمة وينافح عنها وينتصر لها، ويقال إن للعرب برلماناً عربياً، يقف إلى صفهم، ويعبر عن تطلعاتهم، ويقال إن للعرب والمسلمين هيئات واتحادات للعلماء مهمتها مساندة العرب والمسلمين، وإعلان النصرة لهم، ويقال ويقال ويقال ….، ولكن كل ما سبق أشبه بغثاء السيل، فلا جامعة العرب عربية، ولا منظمة المؤتمر الإسلامي إسلامية، ولا البرلمان العربي عربي، ولا علماء العرب والمسلمين ينتمون للعروبة والإسلام بأدنى صلة، تصهينوا، وتيهودوا، وتأمركوا، وتنصرنوا، كل أولئك تحركوا عندما شرعنوا لتدمير سوريا، واليمن، وليبيا، والسودان، عقدوا القمم والمؤتمرات، وأصدروا القرارات، والبيانات، والفتاوى، وأقاموا الدنيا ولم يقعدوها، ومع غزة لبسوا ثوب النذالة والخسة، لا قرارات، ولا بيانات، ولا فتاوى لنصرة غزة، وإدانة مجازر ومذابح أحفاد القردة بحق أطفالها ونسائها، ويا له من عار سيظل يلاحقهم، ويا له من مصير دنيوي وأخروي ينتظرهم، ليذهبوا إلى الجحيم، وليتركوا غزة وأهلها، الله معهم، لن يتخلى عنهم، سينتصر لمظلوميتهم، وكفى بالله نصيرا، وبوركت كل الجهود والمواقف والأيادي التي تعمل على نصرة غزة، لهم ترفع القبعات احتراما وتقديرا وإجلالا وتعظيما .
Prev Post