في مسلسل «شارة نصر» الفلسطيني، يقول ممثل يجسد شخصية قيادي إسرائيلي لقائد أعلى منه «لا شيء مستحيل على شخص قرر أن يكون حرا».
يتحدث المسلسل عن كيفية فرار الفلسطينيين الأسرى الستة من سجن «جلبوع» الذي يعد من أقوى سجون العالم ويطلق عليه الخزنة الحدية.
والإعجاز في عملية الفرار التي صدمت قادة الاحتلال هو قدرة هؤلاء الفلسطينيين من نسف أسطورة هذا السجن حيث نجحوا بحفر نفق من داخل سجنهم باستخدام أدوات بسيطة كالملاعق، فضلا عن كشفها لهشاشة العمل الأمني والاستخباراتي لدى القائمين الذين تم اختيارهم بما يوازي قوة السجن، إلا أن ما حدث جعل الصهاينة يُقرون بالإخفاق غير المسبوق للأجهزة الأمنية والاستخباراتية.
مع ذلك تعمد العدو ألا يعطي الحدث مساحة كبيرة من الاهتمام والتحليل، انطلاقا من أسلوب الاستخفاف الذي اعتاد التعامل به مع كل ما هو إنجاز غير صهيوني، ولذلك ظل الفلسطينيون يلقنون الصهاينة دروسا في الإصرار وقوة الإرادة على مواصلة الكفاح من أجل استرداد كل الأراضي الفلسطينية المحتلة، وإعادة الصهاينة إلى الشتات في الدول الأوروبية وأمريكا.
تشبّع قادة الكيان الإسرائيلي بالغرور حتى أنهم في المعركة المقدسة الدائرة الآن، لم يسألوا أنفسهم كيف امتلكت حركة المقاومة للأسلحة بما فيها آلاف الصواريخ، بل والأسلحة النوعية.
ولذلك جاء نجاح عملية طوفان الأقصى، طبيعيا للغرور والاستخفاف، وكانت النتيجة ضرب نفسية المستوطنين وهذا كان أول أهم الخسائر، إذا هزت العملية الثقة بين المستوطنين وقادتهم، ومن حينها عرفت شوارع الكيان التظاهرات المنددة بالخديعة الإسرائيلية لهم بقدرتها أن تضمن لهم العيش بأمان، هذا إلى جانب ضربة أكذوبة الاستخبارات التي ثبت أنها ليست أكثر من مجموعة عسكرية يتم تحديثها كل حين لتجنيد الجواسيس في غير مكان من العالم.
وفضلا عن ذلك وقف العالم بأسره على أكذوبة الجيش الذي لا يُقهر، وهي الدعاية الإعلامية التي اشتغل عليها الكيانان الإسرائيلي والأمريكي بالتعاون مع عناصر عربية، ولأجل ذلك وفي محاولة لتدارك ما بقي من هذه السمعة الزائفة التي عملوا عليها لسنوات، لجأ الكيان إلى كل هذا البطش والإجرام بقتل النساء والأطفال وممارسة لكل أشكال الانتهاك للقيم الإنسانية، ومعه انكشفت الحقائق وظهر المنافقون من الصادقين.
عزز ذلك دخول محور المقاومة بهذا العنفوان، وعجز الكيان عن فعل أي شيء حتى مع تصدر أمريكا لمجموعة المدافعين عن المحتل، لتتسع مساحة كشف الحقائق وليتبين أن أمريكا من جهتها ليست إلا «قشة»، وسلام الله على الشهيد القائد الذي رسم كل هذا التفاصيل التي نعيشها اليوم قبل أكثر من عشرين عاما، ولا يزال في القادم الكثير من المفاجآت التي تحدث عنها فسخروا منه حينها ولاحقوه.
إثر ذلك بدأت ثقافة جديدة تترسخ لدى العرب والمسلمين بل وحتى العالم، عن حقيقة أمريكا والكيان الصهيوني، ولن يكون مستغربا أن تظهر بين الفترة والأخرى دولة تعلن تمردها ورفضها لممارسات أمريكا وهيمنتها على قرارات الشعوب وثرواتها.
غرور الكيان الصهيوني، جعله غبياً، وتعصب أمريكا الأعمى للصهاينة أعمى بصيرتها وأدخلها في نطاق العد التنازلي لتلاشي هيمنها، ولن ينفعها حينذاك حتى أوراق الابتزاز التي تعمل على تجميعها للأنظمة بقصد فرض إرادتها عليها.
القوى تتخلق وتأخذ مكانها في ساحة الأفعال وتوجيهها، وستبقى هذه الكيانات إن طال وجودها، تعيش حالات الدفاع والرد، وبناء ترسانات الحماية، وكل ذلك بذاته يمثل معطيات أخرى تؤكد على تآكل تلك الواجهة المرعبة التي صنعتها الآلة الصهيونية الإعلامية بقيادة أمريكا لإرهاب العالم بقصد ضمان عدم تجرؤ أي دولة على المساس بمصالح ووجود هذه الكيانات.