حذر أحد زعماء أمريكا من سيطرة اليهود على أمريكا فقال: إنهم يمتلكون كل ما يسيطر على العقل والمعدة، وبعدها غادر الدنيا غير مأسوف عليه، وشاهد العالم الدعم الأمريكي غير المحدود بالمال والسلاح والجنود والقنابل والصواريخ، وسمع وشاهد إعدام قرارات مجلس الأمن باستخدام (الفيتو) لأكثر من مرة لوقف الحرب أو لإدانة الصهاينة على جرائمهم في غزة وفلسطين، وهو ما لخصه رئيس روسيا بوتين حينما سئل عن حرب غزة، فقال: أمريكا تستطيع وقف الحرب بمنع إرسال الصواريخ والقنابل إلى إسرائيل.
إسرائيل تنفذ خطط أمريكا، وأمريكا تخطط لإسرائيل ولذلك فإن إدانة إحداهما إدانة للأخرى وهو الأمر المؤكد، لقد مارس الحلف الصهيوني الصليبي الضغوط الكبيرة على المحكمة وجعلها تدين الضحية وتتهمه بما يحاكم عليه المجرم الذي ارتكب تلك الجرائم، ومع ذلك فإن ما اتخذته من إجراءات لم يشفع لها أو يبرئ ساحتها أمام آلة الإجرام وحلفها ومحركها مايك جونسون- رئيس مجلس النواب الأمريكي الذي وضع في رئاسة المجلس بفعل الدعم من منظمة (ايباك) اليهودية التي تدير شؤون أمريكا، وتصريحاته تعني الموقف الأمريكي المعبر عن الشارع الأمريكي، الجامعات تتظاهر والشوارع تتحرك دعما لفلسطين وتنديدا بإجرام اليهود وجرائمهم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية.
لا قانون يعلو على قانون أمريكا ولا إسرائيل، فأمريكا هي القانون، وطالما أن المحكمة الجنائية الدولية، التي تمثل الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، تجرأت وخالفت تلك القاعدة، فإنه (يجب على الولايات المتحدة الأمريكية معاقبة المحكمة الجنائية الدولية، ووقف كريم خان عند حده)، هذه التأكيدات على ضرورة العقاب للمحكمة تؤكد عدم نجاح مساعي الحلف في التأثير الكامل على المحكمة من خلال الأساليب المعتادة التي تقوم بها أمريكا وإسرائيل مثل التهديد ونشر الفضائح وفبركة المعلومات ونشر الغسيل القذر ضد كل المخالفين لهما.
إن شراكة أمريكا وإسرائيل في ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية، هي شراكة تامة في الفعل والنتيجة والسبب، فالأوامر بالقتل وسفك دماء الأبرياء تصدر عن قادة أمريكا وإسرائيل وغيرهما من دول الغرب، لأن المفروض كما خطط لذلك هو إبادة شعب فلسطين وتسليم أرض فلسطين للمساكين اليهود وهو ما يؤكد المقولات المتكررة (وطن لشعب، لشعب بلا وطن) وهنا نجد “مايك جونسون” يؤكد عمق الترابط بين القاتل والمجرم وهو علاقة تكاملية: فإذا أبادت إسرائيل الشعب الفلسطيني فإن أمريكا قد سبقتها في سفك دماء الأبرياء من المسلمين والعرب على أرض أفغانستان والعراق وسوريا وليبيا وغيرها من الأقطار: (فإذا سمح للمحكمة الجنائية الدولية بتهديد قادة إسرائيل، فستكون الولايات المتحدة هي التالية)، تكامل الإجرام وسفك الدماء، أمريكا دمرت العراق وأفغانستان ومارست أقذر أنواع الإجرام وأبشعه في حق الأبرياء، وسجن أبو غريب خير شاهد على ذلك، وساقت الآلاف من المعتقلين إلى سجن جوانتانامو، وإسرائيل حولت الضفة الغربية إلى سجن كبير إلى جانب سجونها الكثيرة التي تتفرد بممارسة أبشع الأساليب الإجرامية في حق الأبرياء، وإلى ذلك تمارس جرائم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية بتمويل وتسليح من الحلف الصليبي وعلى رأسه أمريكا، وغزة والجدار العازل شاهد حي على ذلك والجرائم المشهودة التي تستمر حتى الآن تحصد أرواح الأطفال والنساء والعزل وأمريكا من وراء ذلك كله.
الإجرام والطغيان إذا مارسته أمريكا وإسرائيل أو فرنسا أو بريطانيا أو غيرها من الدول المتحالفة هو عين العدالة، وأي اعتراض أو مساءلة أو اتهام من قبل أي كائن كان يجب محاكمته على ما يصدر منه (يوجد سبب لعدم دعمنا يوما للمحكمة الجنائية الدولية، وذلك لأنها تحط مباشرة من قدر سياستنا الخاصة، فنحن لا نضع أي كيان دولي فوق السيادة الأمريكية وإسرائيل أيضا لا تفعل ذلك)، فالمواقف الأمريكية والصهيونية تحترم الكيانات الدولية إذا كانت قراراتها في صالحهما وتحقق أهدافهما، أما إن تعارضت أو وقفت مناصرة للحق والعدل، فإنها لا تستوجب الاحترام، فالحق والعدالة هما أمريكا وإسرائيل وغيرهما من الحلفاء، قد يفهم دفاعه عن أمريكا لأنه يمثل السلطة التشريعية فيها، لكن دفاعه عن إسرائيل أمر فيه نظر، لكن ذلك لا يستغرب- فبايدين يقول: ليس بالضرورة أن تكون يهوديا حتى تدعم إسرائيل وبلينكن وزير الخارجية يقول متضامنا مع إسرائيل: جئت إلى هنا بصفتي يهوديا لا بصفتي وزيرا للخارجية الأمريكية.
الخيارات التي يؤكد عليها أن أمريكا ستعاقب المحكمة الجنائية الدولية على مواقفها، وسيكون الأمر بواسطة الكونجرس (يراجع الكونجرس خياراتنا الحالية، إذ نملك بعض التشريعات العدوانية التي سندفع بها بأسرع وقت ممكن، وستسمح لنا بفرض عقوبات)، وليس غريبا ما ستفعله أمريكا ولربما يصل الأمر إلى اتهام قضاة المحكمة بجرائم الإرهاب والإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية وغيرها من الجرائم التي اتهمت بها المحكمة المجني عليهم، بفعل الضغوط الأمريكية- الإسرائيلية ولم لا؟، فإرادة أمريكا وحلفائها لا يمكن أن يعاقبها أحد، ولن يقف في طريقها أو يعرقل تحركاتها وإجرامها العالم بكله، فالقوة والطغيان والإجرام مباح له كل شيء.
إذا لم تنفع تلك العقوبات ومضت المحكمة في وجهتها وانتصرت للعدالة، فالعواقب وخيمة، ميثاق الأمم المتحدة يحرم التهديد باستخدام القوة أو استعمالها ولا يخجل رئيس المجلس التشريعي لأكبر دولة في العالم من التهديد للمحكمة وبشكل علني وتصريحات تصل إلى حد الإهانة للقضاء والعدالة الدولية (وفي حال مضت المحكمة الجنائية الدولية قدماً بأمر الاعتقال التافه أو بأي من طلباتها السخيفة فسيشكل الأمر مشكلة دولية ذات نطاق واسع)، إن هذه التصريحات القوية تهدف إلى منع القضاء الدولي من إدانة الحلف الصهيوني الأمريكي الذي أخذ على نفسه إبادة أمم الأرض وارتكاب المجازر وإبادة الملايين في سبيل تحقيق أهدافه وأطماعه والاستئثار بخيرات أمم الأرض والاستيلاء عليها بالقوة والبطش والإجرام، منهجية تفتقر إلى أبسط المبادئ والقيم والأخلاق، ومنهج يعتمد على القتل واستحلال دماء الشعوب الضعيفة والعاجزة عن الدفاع عن نفسها وحقوقها، وهو طغيان يتجاوز حدود طغيان فرعون الذي ادعى ملكية الأرض وادعى الألوهية، لكن في لمحة واحدة أهلكه الله وجعله عبرة لغيره من المجرمين.. فهل يتعظ المجرمون وفراعنة العاصر الحاضر؟