الهارب:من مسؤولياتنا الكبرى أن نقدم نموذجاً راقياً في استثمار الموارد المتاحة
خطوة استراتيجية لتعزيز مشاركة المجتمع:مشروع طموح لتحويل العاصمة والمدن الأخرى إلى مراكز للصناعات التحويلية
النقيب:سنعمل على تفعيل دور المبادرات المجتمعية في تسريع عجلة البناء والتنمية
الآنسي:حريصون على تنمية قدرات المرأة والأسر المنتجة خصوصا في المدن
الشوتري:هناك خطط لتعزيز قدرات الأسر الإنتاجية وتحويلها إلى كيانات اقتصادية قوية
القدمي:الجمعية أنجزت العديد من مشاريع تقديم القروض وتوزيع البذور وآلات الحراثة
بالشراكة مع مؤسسة بنيان التنموية والاتحاد التعاوني الزراعي، وتحت إشراف وزارة الإدارة المحلية واللجنة الزراعية والسمكية العليا، تخوض أمانة العاصمة، وبتمويل من وحدة تمويل المبادرات المجتمعية الزراعية والسمكية والسلطة المحلية، تجربة تنموية فريدة من نوعها.
هذه التجربة تعتبر جزءًا من تنفيذ الرؤية الوطنية لبناء الدولة المدنية الحديثة 2030، والتي تضمّنت محاور وأهدافًا استراتيجية للنهوض بمقومات الإنتاج المحلي، وخصوصًا في مسار بناء وتنمية الاقتصاد المجتمعي المقاوم، ومن المتوقع أن تؤدي هذه الجهود إلى خفض النفقات العالية المرتبطة باستيراد الخامات الزراعية والمنتجات ذات القيمة الصناعية.
يتم ذلك من خلال برامج تمكين تستهدف سكان الريف بهدف زيادة فرص التنمية الريفية في مجال الإنتاج الزراعي، إلى جانب برامج أخرى لتمكين ظهور مشاريع صغيرة وأسر منتجة في حارات وأحياء مديريات أمانة العاصمة. وتهدف هذه البرامج، في مجملها، إلى تمكين هذه المشاريع والأسر من استخدام الخامات الزراعية المنتجة محليًا في التصنيع الغذائي.
في هذا الاستطلاع، نسلط الضوء على هذا المشروع، من خلال المعنيين في تنفيذ المشروع، فإلى التفاصيل:
الثورة / يحيى الربيعي
البداية مع تأكيد وكيل الإدارة المحلية لقطاع المحليات، عمار الهارب، بأن التنمية الحضرية تمثل تحديًا كبيرًا وخاصة في المدن، حيث أن الجميع كان نشطًا في الميدان إلا أن تركيزنا الأولي كان على تنشيط المجتمعات الريفية، مع بقاء الاهتمام بالمجتمعات المدنية في حال استثناء. الآن، جاء مشروع الواحة الخضراء كباكورة لانطلاقتنا الثورية نحو هذا الاتجاه. والذي يهدف إلى تحويل العاصمة والمدن الأخرى إلى مراكز رئيسية للأنشطة التنموية الممتدة من الريف.
وأضاف: إحدى ثمار هذا الحرك التنموي هي ظهور مشاريع صغيرة وأسر منتجة قادرة على استيعاب الخامات الزراعية المنتجة محليًا. وتعد إحدى الخطوات الأولية هي السعي لخفض النفقات المرتفعة المتعلقة باستيراد الخامات الزراعية والمنتجات ذات القيمة الصناعية، على الرغم من كون اليمن من أكبر الدول إنتاجًا لهذه المواد. ولنأخذ، على سبيل المثال، لاحظنا أن لدينا إنتاج سنوي يتجاوز 470 طنًا من المانجو وحدها، لكن المشكلة تكمن في أن سعر الكيلوجرام الواحد من المانجو المصدر يصل إلى 300 ريال، بينما تباع علبة المانجو المستوردة والمصنعة بأسعار تتراوح بين 300 إلى 700 ريال.
وتابع: ولم تقتصر المشكلة على هذا الحد، فقصتها تشابه قصص العديد من المحاصيل التي تطرح في الأسواق. هناك فائض في الإنتاج يكفي لسد متطلبات مصانع التحويل الغذائي المحلية، التي حالياً تستورد خاماتها من الخارج باستخدام العملة الصعبة، ولديها القدرة أيضاً على تصدير الفائض. وهذه القضايا تتطلب مواقف جادة وجهوداً مشتركة لسد هذه الفجوات وتحويل التحديات القائمة إلى فرص حقيقية.
وأضاف: نهدف من خلال هذه الجهود إلى تحويل العاصمة ومدن أخرى إلى مراكز صناعية كبرى تستوعب المخرجات الزراعية للمحاصيل المختلفة، وذلك بتنشيط الصناعات التحويلية وتعزيز قيمة المنتجات المضافة. وفي هذا السياق، نحث جميع الجهات المعنية في العاصمة على زيادة عنايتهم بالتأهيل المهني، وندعو قيادات العاصمة، وخاصة مدراء المديريات، للتركيز على مخرجات هذا المشروع. كما أنه حري بالمتطوعين والرياديين في مجال التنمية استغلال فرصهم لتعزيز العمل الجاد والتسريع في تأسيس تعاونيات تقوم عليها مشاريع إنتاجية قوية. ونثق أنه لن يتم تجاهل الدور الذي يلعبه الرجل التنموي الذي أطلق شعار “يد تحمي ويد تبني” الرئيس الشهيد صالح الصماد.
وقال: إخواننا في جبهة “يد تحمي” قد حققوا الكثير من الإنجازات التي نفخر بها ونعتز، إذ استطاعوا أن يلقنوا العدو دروساً بليغة ورفعوا رأس الشعب اليمني عالياً بين الأمم جميعها. نحمد الله عز وجل على هذه النعم، ولكن يتعين علينا ألا نغفل أن النتائج يجب أن تتناسب مع عظمة هذه الانتصارات؛ فهي ثمرة تحرك واعٍ ومسؤول، استلهاما من قوله تعالى: “وأعد لهم ما استطعتم من قوة”.
وحث في الشق الآخر من المشروع والمعروف المتمثل في “يد تبني”، وجوب الاستعداد لتحقيق ما نستطيع من قوة إنتاجية، واستثمار كل الموارد المتاحة بكفاءة. الخطوة الأولى اليوم هي أن نكون على قدر التحدي، نكرر الأدوار الناجحة التي أثبتت فاعليتها، ونتذكر دائماً أن قدرتنا على خدمة هذا المجتمع تمثل هبة الله لنا، وتليق بالمشروع القرآني العظيم. ومن مسؤولياتنا الكبرى أن نقدم نموذجاً راقياً يليق بهذا التكليف.
تأهيل الكادر
من جهته، أشار رئيس لجنة الشؤون الاجتماعية في أمانة العاصمة، حمود النقيب، إلى أن المشروع يهدف، في مرحلته الأولى، إلى رفع قدرات كوادر السلطات والمؤسسات المحلية بالتدريب في مجال التنمية المحلية الاجتماعية والاقتصادية، وتأهيل كوادر الهيئات الإدارية للجمعيات التعاونية المزمع تشكيلها بواقع جمعية في كل مديرية في مجال التخطيط التشغيلي والمهارات الإدارية، والانتقال إلى مرحلة العمل التشاركي اللامركزي، الذي تكون فيه سلطة المديرية هي المسؤولة عن إدارة عجلة التنمية في منطقة اختصاصها، بالتعاون مع المجتمع والجمعيات التعاونية والقطاع الخاص، وكل الفعاليات الاجتماعية والاقتصادية على كل المستويات الرسمية والشعبية.
وأكد اهتمام القيادة الثورية والمجلس السياسي الأعلى وقيادة أمانة العاصمة بالنهوض بالتنمية الحضرية الشاملة من خلال إنشاء جمعيات تعاونية متعددة الأغراض، وتفعيل دور المبادرات المجتمعية في تسريع عجلة البناء والتنمية، والنهضة الاقتصادية للبلد.
برامج مكثفة
فيما أوضح مدير وحدة تمويل المشاريع والمبادرات الزراعية في أمانة العاصمة، عبدالملك الإنسي، أن الوحدة بالشراكة مع أكاديمية بنيان، وفي إطار المشروع، تعملان على تنفيذ سلسلة من الدورات التدريبية الهادفة إلى تدريب “2048” فارسا ورائدة في مجال العمل الطوعي والمبادرات المجتمعية، وأسس التنمية وفق هدى الله (مع الأخذ في الاعتبار خصوصية الرائدات، حيث سيكون التدريب مفتوحا وغير مغلق)، بواقع فارس ورائدة من كل حارة، البالغ عددها 1024 حارة في مديريات الأمانة العشر.
وأضاف أن ذلك من أجل تمكين هذه القيادات الميدانية بمهارات إدارة وتنظيم وتنفيذ المبادرات المجتمعية في مجال التنمية المحلية (زراعية – تدريبية – اقتصادية – صحية – طرق – نظافة – توعية وإرشاد – إغاثة وتكافل – تعليمية)، وكذا تفعيل أو إنشاء جمعيات تعاونية متعددة الأغراض على مستوى المديريات العشر؛ بواقع جمعية في كل مديرية.
وأشار إلى أنه سيتم تأهيل 40 فارسا في مجال البحوث PRA))، و40 فارساً ورائدة في مجال التصنيع الغذائي، 10 فرسان في مجال الصحة الحيوانية، 40 فارسا في مجال التسويق، 20 فارسا في مجال الإدارة التنفيذية، و20 ضابط إقراض.
ولفت إلى أن وحدة تمويل المشاريع والمبادرات الزراعية والسمكية في أمانة العاصمة ومؤسسة بنيان التنموية، ومعهما شركاء التنمية في مكتب الشؤون الاجتماعية والعمل، والاتحاد التعاوني الزراعي، ومكاتب السلطة المحلية في الأمانة، وفي الجهات ذات العلاقة على المستوى الرسمي والشعبي، حريصون على التركيز على تنمية قدرات المرأة والأسر المنتجة، خصوصا في المدن، بنسبة تفوق 80 % في هذا الجانب.
مدينة إنتاجية
بدوره، أكد مدير عام التعاونيات في وزارة الشؤون الاجتماعية، يوسف بشر، أن المشروع سيعمل على تقديم قروض حسنة؛ توزع عبر الجمعيات التعاونية، تصب في مسار تعزيز تماسك البنية المجتمعية، وتقوية الاقتصاد المجتمعي، من خلال برامج تمكين تستهدف سكان الريف بغرض زيادة فرص التنمية الريفية في مجال الإنتاج الزراعي، وأخرى.
ويضيف مدير عام مكتب الشؤون الاجتماعية والعمل ناصر الصفي الكاهلي: يهدف مشروع أمانة العاصمة إلى تعزيز وعي وإدراك المختصين في المديريات، وإنشاء تكامل في العمل والتخطيط التشاركي، وذلك لخدمة الجمعيات التي نطمح إلى أن تكون على مستوى توجيهات القيادة والإرادة السياسية.
منوها بأن المشروع سيعمل على إنعاش المجتمع وتحويله إلى مجتمع إنتاجي يتماشى مع التوجيهات القيادية الثورية والسياسية، خاصة وأن من يقطن أمانة العاصمة اليوم هم قرابة 7 ملايين نسمة. إذا نظرنا إلى هذا التعداد من السكان كمدينة إنتاجية، فإننا نتحدث عن قدرات إنتاجية هائلة تتيح لنا بتكاتف مجتمعي وتعاون كامل، إمكانية تغطية احتياجاتنا الداخلية وتوجه نحو التصدير. كل هذه الطاقات يمكن توظيفها بشكل سليم وجيد من خلال الجمعيات التي من المزمع إنشاؤها في أمانة العاصمة.
وقال “بالرغم من أن الجانب الزراعي في أمانة العاصمة قد يكون منخفضًا جدًا، إلا أننا نعول كثيرًا على الصناعات التحويلية. نسعى للاستفادة من العدد الكبير للسكان وتوظيفهم في خدمات إنتاجية تحويلية، والتي تضمن لنا ديمومة المنتجات والاستفادة منها خارج الموسم من خلال التعليب والتجميد والتغليف الجيد. هذه المحورة الأساسية هي ما نركز عليها في أمانة العاصمة من خلال تأسيس الجمعيات والمبادرات المجتمعية”.
تنمية شاملة
وفي السياق، يقول مدير عام مديرية الشعوب، أحمد محمد الشوتري: إن مشروع تحويل أمانة العاصمة إلى مركز للصناعات التحويلية يمثل خطوة استراتيجية نحو تعزيز مشاركة المجتمع في عملية بناء الدولة بشكل أساسي ودفع عجلة الاقتصاد المحلي، حيث يتضمن الاعتماد على القوى العاملة المجتمعية في مختلف المجالات كالزراعة والصناعة والتنمية الشاملة. يتيح المشروع فرصا كبيرة للتطوير المستمر ويرسخ مفهوم التعاون بين أفراد المجتمع، سعيًا لتحقيق تنمية شاملة تبدأ من الأحياء والمجتمعات المحلية وتصل إلى مستوى الأسرة، التي تعتبر اللبنة الأساسية في بناء المجتمع والدولة.
وبشر الشوتري “بالنظر إلى آفاق المشروع الواسعة، فإنه يستلهم روح العمل التعاوني الذي يتجلى في التعاونيات الشعبية ويهدف إلى تحقيق التنمية المحلية انطلاقاً من الحياة اليومية للأسر، مما يعزز من مفهوم الإنتاجية داخل الأسرة ويؤدي إلى تنشئة جيل يؤمن بأهمية العمل والإنتاج. وبذلك، لن يقتصر الأمر على تحفيز الأسر المنتجة فحسب، بل سيشمل أيضاً الدعم للمشروعات الصغيرة والمتوسطة بهدف تعزيز قدراتها الإنتاجية وتحويلها إلى كيانات اقتصادية قوية قادرة على الاكتفاء الذاتي، مما ينعكس إيجاباً على المجتمع ككل”.
مشاريع على الواقع
وفي الصعيد ذاته، أوضح رئيس جمعية بني الحارث التعاونية متعددة الأغراض، د. صادق عبد الله حسن القدمي: أن الجمعية تأسست في 23 مايو 2022م، وقد خطت خطوات جبارة رغم التحديات والصعوبات التي تواجهنا في الميدان. تم إنجاز العديد من المشاريع بشكل عام مثل تقديم القروض، توزيع البذور وآلات الحراثة، بالإضافة إلى دعم المزارعين ميدانيًا.
وتطرق إلى أن الجمعية في القطاع النسائي، قامت الجمعية بتدريب وتأهيل النساء في الأحياء والعزل، حيث تم تنظيم العديد من الدورات التدريبية المتعلقة بالمنتجات الغذائية والأسر المنتجة والعصائر الطازجة. كما تم إنشاء مصنع متواضع لهذا القطاع بدعم من التمويل القادم من أمانة العاصمة لتعزيز الصناعات التحويلية ودعم الأسر المنتجة، بالإضافة إلى المشاريع الصغيرة والأصغر.
وأفاد أن الجمعية بادرت بإنشاء مشاريع نقاط بيع متعددة، منها نقطتي بيع الأسماك، واحدة في جولة عمران والأخرى في جزيرة كمران بسوق دارس، تم تدشينهما الأسبوع الماضي بحضور قيادات من أمانة العاصمة ووزير الثروة السمكية. هذه المشاريع لا تقتصر فائدتها على الجمعية فحسب، بل تعود بالنفع أيضًا على المستهلكين، وهناك خطط لإنشاء ثلاث نقاط جديدة لبيع الخضروات في الأسابيع القادمة بتمويل من الجمعية وبالشراكة مع كالة (سيمدس).
وأضاف “والآن، تخطط أمانة العاصمة لتمويل إنشاء 27 نقطة لبيع الأسماك عبر جميع مديرياتها، حيث ستنال جمعية بني الحادث خمس نقاط منها. وفي سياق متصل، هناك العديد من المشاريع المشاتل المزمع البدء فيها بما في ذلك استخدام البذور المحسنة والقروض البيضاء لدفع عجلة التنمية الزراعية والصناعية والحرفية في المديرية”.
مؤكدا أن توجيهات القيادة الثورية والسياسية واضحة في تشجيع الأفراد على التحول من ثقافة التقاعس والاتكالية التي ساعدت في تحويل الأراضي الزراعية إلى تجمعات سكنية، إلى ثقافة إنتاجية تساعد في تحريك عجلة التنمية.
مشيرا إلى أنه، وفي مسار الاستجابة لتنفيذ التوجيهات، تجتهد جميع الجهات لاستغلال الأراضي الزراعية في تمكين المزارعين من خلال توزيع البذور المحسنة، وتقديم القروض البيضاء، وخدمات الحراثة بأسعار مناسبة، حيث تم إقراض المزارعين ما يقرب من 5 أطنان من بذور القمح و3 أطنان من بذور الثوم، ونجح المزارعون، وتمكنت الجمعية من تسويق إنتاج الثوم وسداد قروض المحصولين من حصاد الموسم.
مختتما “واستطاعت الجمعية، بحمد الله، تحقيق الاستقرار في مكانها الجديد مع تجهيزات كاملة وفريق عمل مؤهل من المحاسبين، وضباط القروض، والصحة الحيوانية، والإرشاد، وتعمل على استكمال النواقص وتطوير البناء المؤسسي لتلبية متطلبات كل مرحلة من مراحل العمل”.