د. أمين الشامي
أولاً: قبل فترة قال محافظ بنك عدن “بأن إجبار البنوك على الانتقال من صنعاء إلى عدن، سيتطلب ترليون وسبعمائة مليون، كحقوق للمودعين، وهذا مستحيل وغير ممكن نتيجة للظروف المتدهورة في مناطقهم.
ثانيًا: مرَّ عام على تصريحه وازدادت الأوضاع الاقتصادية تدهورًا وبؤسًا في عدن وأخواتها، وأصبح الدولار يعربد بثلاثة أضعاف سعره في صنعاء.
ثالثًا: لم تفِ السعودية ولا الإمارات بالتزاماتهم، ولا بإيداع وديعة تنعش الاقتصاد، وتعيد الدولار إلى حجمه الطبيعي، أو على الأقل ينافس صنعاء المستقرة. وكأن الدولتين في متعة غامرة وسعادة كبيرة في تدهور أوضاع أتباعهم، اتِّباعا لقاعدة “جوِّع كلبك يتبعك”.
رابعًا: كانت صنعاء، وبرغم نقل البنك إلى عدن، وانقطاع الرواتب من لحظة النقل، إلا أنها قاومَت الضغوط، ومَنعَت بالقوة، سرقة النفط اليمني من الموانئ المحتلة.
خامسًا: بدلًا من مطالبة دول التحالف بوديعة ضخمة، تهز صنعاء، وتجلب الاستثمار، قامَت حكومة الرياض، بطبع العُملة بكميات ضخمة دون غطاء، مما رفعَ سعر الدولار والأسعار في عدن وأخواتها، إلى مستويات خيالية، وجعلَ الناس تعجز عن توفير لقمة العيش ولا تجد الكهرباء…وباتَت أحلام مساواة عدن بدبي وجدة، تتبخر معَ بُخار المجاري الطافحة.
سادسًا: دخلَت صنعاء مع محور فلسطين بقوة، فيما كانت حكومة الرياض تابعة لمَن يدفَع تكاليف نفقات فنادقها وسفرياتها.. وبعدَ أن عجز الأمريكي والبريطاني عن المواجهة العسكرية مع أبطال صنعاء. عادَ لخططه القديمة، والتي هدد بها وجرب أكثر من مرة، وجاء قرار محافظ بنك عدن، بعد أن نسي أو تناسى تصريحه السابق، ونفذ الأوامر، وأصدر قراراته الفاشلة بسحب العملة الأصلية، واستبدالها بالعملة الرخيصة، والتي أسماها المواطنون “قعيطي/اخرطي”…وقراره الآخر بإيقاف التعامل مع بنوك صنعاء.
سابعًا: بحكم الخِبرة والتجربة، فإن صنعاء لم تترك لفرحة عدن أن تدوم لأربع وعشرين ساعة، وخرجَ بنك صنعاء، بقرارات أربكت المشهد كله، وخلطت أوراق الكفيل والمعيل والدليل، ودعَت أبناء المحافظات المحتلة، باستبدال العملة القديمة بالعملة (اخرطي) وبنفس القيمة في صنعاء.. وكذلك عدم التعامل مع أحد عشر بنكاً وصرافة غير ملتزمة في عدن.
ثامنًا: توقَّفَت البعرة في حلق المؤامرة، وبدأ الأب الروحي للقرار، يتدارس خطيئة الخيار، وأنه لا فائدة من الحرب الاقتصادية مع صنعاء، وأنها خطوة فاشلة، كما فشلت خطة الحرب والقصف والحصار.
تاسعًا: أدرك الأمريكي أن ثلاثة أرباع اليمن في المناطق المحررة، وذات النسبة من التجار والمُنظمات، وأن صنعاء استعدت لهذه الخطوة منذ وقت مبكر، وبيدها عوامل كثيرة، تفتقدها أدواته في عدن والرياض.
عاشرًا: جلسَ الأمريكي مع كبار التجار والاقتصاديين وسمع منهم كمية المخاوف التي يشعرون بها في عدن وأخواتها، وتعدد الرؤوس المتناحرة فيها، وأروه شريط الفيديو لاقتحام بنك عدن جهارا نهارا من قبل مسلحين، وإحراق سفينة أحد التجار، ونهب بيوت، وسلب ممتلكات…
وأكدوا له بأن صنعاء تبقى الخيار الآمن، وتمتلك القرار الواحد الموحد، برغم كل الخلافات مع نظام الحكم.
وهكذا غدَت قرارات عدن الأخيرة؛ تحكي تخبطهم في الظاهر والسريرة، وتكشف عمالتهم للراعي الأمريكي سيء السيرة.
وأما المَلكةُ صنعاء، فتحتفظ بالقوة والدهاء، وفي جُعبتها ما تنصُر به الضعفاء، وتكسر به رؤوس الأعداء.
“وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ” صدق الله العلي العظيم.