-بخلاف كل الناس على كوكبنا، رأت أمريكا شيئا جميلا، في المذبحة المروعة التي ارتكبتها آلة القتل الصهيونية، في مخيم للنازحين برفح، مؤخرا، وأكدت على لسان أكثر من مسؤول لديها، أنه يستحق الإشادة والثناء، ذلك أن حكومة الاحتلال تفكّر في إجراء تحقيق، مع أن إدارة بايدن، كما يقولون، لم تر شيئا مما قيل حول العالم، عن هذه المجزرة، وعمّا سفكته من دماء أعداد كبيرة، من الباحثين عن لقمة عيش وشربة ماء وخيمة مأوى، وما أسالته من دموع غزيرة، وأحدثته من صدمة في نفوس الملايين، من حملة الضمائر الإنسانية.
-تعمدت دولة الاحتلال والإرهاب، اقتراف جريمتها البشعة، باستهداف المدنيين العزّل، في خيام النزوح برفح، بالتزامن مع صدور قرار محكمة العدل الدولية -أعلى هيئة قضائية في العالم- المتضمن إدانة الكيان وضرورة وقفه الهجوم على رفح، لتقول لكل المعترضين والحالمين، بشيء من العدالة والإنصاف، أن لا شيء فوق نزعات ورغبات ونزوات قادتها، وأن من يركن إلى شريك مخلص ومتفانٍ مثل أمريكا، فليفعل ما يحلو له، وليعبث بالإنسانية ومبادئها كما يريد، ولينتهك حياة وأرواح البشر كما يشاء، وسيبقى في مأمن من العقاب، ولن تطاله يد العدالة بمختلف أشكالها ومسمياتها ومستوياتها.
-إسرائيل أبادت وتبيد- على مرأى ومسمع من العالمين- عشرات الآلاف من الأطفال والنساء والحوامل وكبار السن والشباب والشيوخ، من أبناء الشعب الفلسطيني، ودمرت ما يزيد عن 250 ألف منزل، وأحرقت مخيمات النازحين وهدمت 53 مستشفى وحولت كثيراً منها إلى مقابر جماعية لمئات الأبرياء، وتواصل إبادتها الجماعية للفلسطينيين في قطاع غزة، بصورة غير مسبوقة من الوحشية والكبر والغطرسة والغرور والعنجهية، وكل تلك الفظائع، لم تحرك ضمير واشنطن وحلفاءها في الغرب والمنطقة العربية، وما زالت توفر للقتلة الحماية والدعم والتبرير والغطاء السياسي والعسكري والدبلوماسي، وكل ما تحتاج إليه من أدوات ووسائل للتمادي في جرائمها.
– لم يعد يقض مضجع القاتل الصهيوني وشريكه الأمريكي، غير عمليات مجاهدي المقاومة في الداخل الفلسطيني، وعمليات الدعم والإسناد القادمة من اليمن ولبنان والعراق على قلة إمكانياتها، وكذلك مظاهرات واحتجاجات عائلات الأسرى الصهاينة في الأراضي المحتلة، والاعتصامات المناهضة لمجازر الكيان في جامعات وشوارع الدول الغربية، وهي التي تغيب بشكل غريب ومريب في كثير من البلدان العربية والإسلامية مع أنها المعنية بالقضية الفلسطينية أكثر من الآخرين.
– في غياب التضامن العربي الإسلامي المأمول، مع شعب فلسطين في محنته هذه، وما قبلها، تحضر بوضوح البصمة الأمريكية، التي حوّلت كثيراً من تلك الأنظمة وشعوبها، إلى مجرد دمى منزوعة الإرادة والقرار والهوية، لا تتحرك ولا تنبس ببنت شفة، إلا وفقا لأهواء وأوامر حكّام البيت الأبيض، الذين جعلوا من أنفسهم وإمكانياتهم، رعاة أمناء للكيان الصهيوني، وحضنا دافئا للقتلة والمجرمين، من أبناء صهيون وعيونا ساهرة على حمايتهم، ولا ترى في جرائمهم، إلّا الجميل والإحسان.