غزة تفتتح مراسم تشييع الرئيس الإيراني ورفاقه

في عزّ مصابها وآلمها.. إيران بلسان عربي مبين “لن نتخلى عن فلسطين”

 

•هنية : ليطمئن الجميع بأن إيران بقائدها وقيادتها ثابتة في الموقف حتى ترفرف رايات النصر على قباب المسجد الأقصى

الثورة / إبراهيم الوادعي

انطلقت مراسم التشييع الرسمي والشعبي في العاصمة الإيرانية طهران بحضور رؤساء وممثلين عن رؤساء دول ورؤساء منظمات دولية، وممثلين عن حركات المقاومة في محور الجهاد والمقاومة وفي المقدمة الفصائل الفلسطينية .
كان لافتا أن مراسم التشييع صباح أمس الأربعاء استهلت بكلمة وحيدة لفلسطين، ألقاها رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس إسماعيل هنية، نيابة عن حركات المقاومة الفلسطينية والتي تخوض أقدس مواجهة ضمن معركة طوفان الأقصى.
تحدث هنية عن ثبات موقف الجمهورية الإسلامية تجاه القضية الفلسطينية منذ انطلاقة الثورة الإسلامية في إيران، مطمئنا كل الأحرار إلى أن الجمهورية الإسلامية في إيران ماضية بذات الدرب في الثبات على الموقف حتى تحرير القدس وكل حبة رمل في فلسطين باعتبار ذلك من صلب العقيدة الإسلامية .
وتحدث هنية عن أخر لقاء جمعه بالرئيس الشهيد إبراهيم رئيسي، متحدثا عن ثلاث نقاط تناولها الرئيس الشهيد .
الأولى أن المقاومة في غزة تمثل رأس الحربة لمحور الجهاد والمقاومة ويجب أن تتعزز ويتم تزخيمها، وأن المقاومة هي الخيار الاستراتيجي لتحرير فلسطين .
والنقطة الثانية أن الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني هو مبدأ ديني ولم يكن يوما سياسية أو تعاطفا إنسانيا، بل قضية تندرج في صلب العقيدة الإسلامية وواجب على كل المسلمين وأقطار المسلمين.
والنقطة الثالثة هي معركة طوفان الأقصى التي يخوضها الشعب الفلسطيني من أرض غزة وعلى امتداد أرض فلسطين، وبامتداد محور المقاومة، وهو يرى كما نرى أن طوفان الأقصى بمثابة زلزال ضرب في قلب الكيان الصهيوني، وأحدث تحولا تاريخيا على مستوى العالم .
هنية أكد من على منبر التشييع أن الشعب الفلسطيني وأن غزة الأبيّة التي مازالت تخوض هذه المعركة سوف تواصل مقاومة هذا العدو حتى تحرر أرضنا وكل أرضنا وفي القلب منها القدس المباركة.
وقال: بحضور قيادات محور المقامة وفصائل المقاومة نحن مطمئنون بأن الجمهورية الإسلامية ماضية في سياستها في استراتيجيتها برعاية قائدها وقيادتها في دعم القضية الفلسطينية وفي إسناد المقاومة حتى ترفرف رايات النصر والإسلام فوق قباب المسجد الأقصى المبارك.
رسائل على أكثر من اتجاه حملتها كلمة هنية حتى في مضامينها ، فمن ناحية اختيار ممثل عن فلسطين وبالذات حركات المقاومة التي تخوض معركة طوفان الأقصى، أرادت القيادة الإيرانية أن تقول للرئيس الشهيد الذي وقف إلى جانب فلسطين حتى آخر نفس ، وفي آخر خطاباته قبل استشهاده بنحو ساعات كان يتحدث عن فلسطين ، فكان اختيار فلسطين لاستهلال التشييع دون غيرها ودون كلمة لسواها هو من باب الإيفاء بوصية الرئيس الشهيد وتأكيد عملي على السير على خطاه في الدعم القوي وغير المحدود لفلسطين .
وللشعب الفلسطيني، أرادت الجمهورية الإسلامية أن تؤكد لفلسطين ولغزة وهي في خضم المعركة أن دعم الجمهورية الإسلامية لن يتوقف ولن يتأثر، وموقف طهران من فلسطين ودعم حركات المقاومة، هو ذاته الموقف قبل استشهاد الرئيس إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته الذي لم يكف عن نشاطاته اللافتة منذ انطلاقة طوفان الأقصى، وأن دعم طوفان الأقصى هو على رأس الأولويات.
ورسالة للمحور الأمريكي الصهيوني الخصم أن رحيل رئيس وإتيان خلف له لا يغير في الثوابت الإيرانية التي أرستها الثورة الإسلامية للإمام الخميني منذ عام 79م ، وإلقاء هنية رئيس أكبر حركات المقاومة ومن تقود طوفان الأقصى على الأرض هو رسالة عسكرية بالغة الدلالة ، أن الموقف هو قتال وأن استشهاد القائد لن يفت في عضد الفصائل المقاومة أو محور المقاومة .
وفي ثنايا كلمة هنية، كانت هناك تطمينات إيرانية بلسان فلسطيني مبين أن الجمهورية الإسلامية في إيران مع فلسطين باعتبارها قضية إسلامية راسخة وليست قضية سياسية يمكن أن تجري بها رياح السياسة يمينا وشمالا، وإن السيد علي الخامنئي يمثل اليوم الضمانة الكبرى لطوفان الأقصى لجهة الدعم على كل الصعد عسكريا وسياسيا، في مواجهة الدعم الأمريكي الغربي للكيان الصهيوني، والأمر ذاته ينساب لباقي محور المقاومة والذي تخوض قواه من غزة إلى الضفة إلى لبنان فالعراق فاليمن معركة طوفان الأقصى بشكل منسق وموحد.
حمل اختيار هنية ليلقي كلمة فلسطين دلالة أخرى إرتآها مرشد الثورة الإسلامية السيد علي الخامنئي وإيران تستعد عقب التشييع لاستقبال ملفات المرشحين لخلافة الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي وإجراء انتخابات رئاسية بعد 50 يوما، بأن الوقت وفلسطين تخوض معركة طوفان الأقصى هو للتضحية والعطاء والبذل، فالرئيس الشهيد لم يتوان عن نصرة فلسطين وتكثيف نشاطاته وخطاباته الداعمة لفلسطين ولمحور المقاومة حتى قضى نحبه في وفاة تماثل الشهادة.
وكذلك هنية الذي استهل التشييع بخطاب وحيد أفسح له ضحّى بأولاده وعدد من أحفاده في معركة طوفان الأقصى ، وفي هذا المقام أرادت القيادة الإيرانية العليا التأكيد على أن الصوت الأعلى هو لصوت المواجهة وليس للمهادنة، وأن الموقف في طوفان الأقصى هو للتضحية ولا مكان للصوت ضعيف أو للتراجع ، فالمعادلات تغيرت بعد الـ 25 من أبريل ورد الوعد الصادق
مثلت ضربة الوعد الصادق والتي ابتلعتها إسرائيل ولم تجرؤ على الرد، مرحلة جديدة دخلتها المواجهة مع الكيان منذ انطلاق الثورة الإسلامية، مواجهة تدرجت من اقتحام السفارة الصهيونية في طهران ، وتحويلها إلى سفارة لدولة فلسطين التي تعترف بها اليوم دول أوروبية وفق نظرة لاتزال قاصرة وبعد نهر الدماء ومجازر الإبادة التي عجزت البشرية أن تتحملها ، إلا من مسخت نفوسهم في لندن وواشنطن وعواصم أخرى.
ايران في يوم فاجعتها لم تنس فلسطين عن كونها الأولوية، وهي الحاضرة منذ اليوم الأول لثورة الإمام الخميني عليه السلام، وواجهت نتيجة موقفها الثابت من الحق الفلسطيني والإسلامي في القدس والأقصى معارك وجولات ابتدأها الأمريكيون وما عرف بعملية ” مخلب النسر” حين سقطت قوات المارينز في الصحراء الإيرانية ، حينها وقف السيد علي الخامنئي ولم يكن قد اعتلى سدة المرشد الأعلى للثورة الإسلامية السيد علي خامنئي أمام منظر الطائرات الأميركية المحترقة التي تناثر حطامها في الصحراء، التفت إلى رفيقه الشيخ رفسنجاني، وقال له: «بعض الناس يستخفّون بمشيئة الله سبحانه وتعالى وقوّته. ويستهزئون إذا حدّثتهم عن معجزاته وقدرته. ويقولون إنّه لا سلطان إلّا للقوة المادية، وأمّا قوى الغيب فهي محض خرافة. ليتهم ينظرون في هذا الجبروت المحطّم؟! ويسألون أنفسهم سؤالاً: من هو الذي أسقط طائرات أميركا وأحرقها، وقهر جنودها وأذلّهم؟!». ابتسم وزير الدفاع الإيراني مصطفى شمران، وكان بجانب خامنئي يسمع حديثه، وقال: «سبحان الله! لم يتطلّب إسقاط الطائرات الأميركية صاروخاً واحداً، ولم يحتج جنودُ كارتر، لكي يموتوا، إلى أن يطلق عليهم الإيرانيون رصاصة!». أجابه خامنئي قائلاً: «فلم تقتُلوهم ولكنّ اللهَ قتلَهم، وما رميتَ إذ رميت ولكنّ اللهَ رمى. ذلكم وأنّ اللهَ موهنٌ كيدَ الكافرين».
وفي عام 1980م شن نظام صدام حربا ظالمة غير مبررة أقر بذلك مجلس الأمن في قرار وقف القتال عام 1988م امتدت ثماني سنوات.
وبعد الفشل في اجتثاث الثورة الإسلامية بالقتال فرض الحصار والعقوبات التي لاتزال قائمة على إيران، وسقط الرئيس الشهيد إبراهيم رئيسي وزير الخارجية ورفاقهم ضحايا لهذا الحصار، الذي قدم الغرب طلبا أساسيا لإلغائه بل وغمر إيران بمليارات الدولارات والاستثمارات وهو أن تغير موقفها من إسرائيل.
إيران ممنوعة من الحصول على طائرات جديدة أو قطع غيار لها، وتستخدم طائرات بتقنيات قديمة تعود إلى السبعينيات من القرن الماضي، وهي التي سقطت بالرئيس الشهيد، وحوادث أخرى وقعت في مجال الطيران الإيراني المدني نتيجة لهذا الحصار الغربي الظالم.
وأمام الحضور الدولي لإيران في المحافل الدولية سواء على صعيد برقيات التعازي أو المنظمات الدولية التي وقفت دقيقة حداد على روح الرئيس الشهيد رئيسي ،وصولا إلى مجلس الأمن الذي وقف دقيقة حداد استفزت المندوب الصهيوني، إن اختيار ممثل عن فلسطين وهو بالمناسبة حضور غير استثنائي إذ سبق لإسماعيل هنية أن افتتح مراسم تشييع الشهيد الحاج قاسم سليماني قائد قوة القدس، ، وافتتاحه اليوم مراسم تشييع الرئيس إبراهيم رئيسي ورفاقه يجسد حضورا دوليا لفلسطين بما يحمله طوفان الأقصى ومكانة إيران والرئيس رئيسي دوليا ، ففي عز المهام ومصابها ، تحافظ إيران على فلسطين القضية الأولى والمركزية، فلسطين قضية المسلمين المركزية، تقولها بصوت عالٍ وبلسان فلسطيني عربي مبين.

قد يعجبك ايضا