مفهوم الإرهاب في السياسة الدولية

إسكندر المريسي –
عقب تفجير مركز التجارة العالمي ومقر وزارة الدفاع (البنتاجون) في الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة الأمريكية¡ استكمل ما يسمى بالنظام العالمي الجديد تشكيلاته المتعددة ضمن ثلاثة حروب إقليمية خاضها ذلك النظام تحت يافطة الحرب على الإرهاب¡ حيث ظهر ذلك المصطلح على نحو مطاطي متعدد الأغراض والأهداف كان ذلك قبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر¡ وعلى إثر حرب ذلك النظام على الاتحاد اليوغسلافي من أجل تفكيك ذلك الاتحاد واعتباره حالة المسح الثانية التي أحرزها النظام العالمي الجديد بعد انهيار الاتحاد السوفياتي.
وبمجرد ما استكمل حلف شمال الأطلسي حربه على الاتحاد اليوغسلافي اعتلى مفهوم الإرهاب في السياسة الدولية وصار أحد أدواتها في تحقيق أهداف الرأسمالية وهي في مرحلة العولمة بوصفها اسما◌ٍ حركيا◌ٍ لأمركة كل شيء له علاقة بالسياسة والاقتصاد والثقافة¡ حيث أخضعت تلك العولمة في جانبها السلبي وهي القرين الموازي لمفهوم الإرهاب الدولي الرسمي¡ منظومة القيم بما فيها الهوية والانتماء الوطني لأعمال متعددة من التسليع بما في ذلك الإنسان الذي صار في غرف المواطنة الدولية مجرد آلة أو رقم يتحدد وفقا◌ٍ لشيوع مفاهيم الإرهاب¡ باعتباره في تلك السياسة الدولية بالظرف الراهن أعلى مراحل الامبريالية المتوحشة¡ خاصة وقد تحول مفهوم الإرهاب كما قلنا سيفا◌ٍ مسلطا◌ٍ على الشعوب الصغيرة والبلدان النامية¡ ومن خلاله ترسم الاستراتيجيات الجديدة للنظام الدولي.
وإذا كان الفجور العالمي المتواطئ ضد القضية الفلسطينية¡ يعتبر ذلك الفجور أعلى كائن إرهابي بشع لم تعرفه البشرية منذا لعصور الوسطى مرورا◌ٍ بمذابح التفتيش في الأندلس أبان ممارسة الفاشية القديمة المتوحشة في طابورها الخامس الذي يتكئ على تسويق منتج الإرهاب الذي نشأ وترعرع في بيئة غربية منذ بدء تهجير الأفارقة إلى تطهير أمة الهنود الحمر في أمريكا إلى ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من مجازر الإبادة الجماعية في ظل صمت مريب من قبل الغرب الذي هو نبتة شيطانية في الكرة الأرضية تتماثل بالإغلاق بين الغزو من جانب ولعنة التاريخ والجغرافيا من جانب آخر.
لذلك تم مع سابق الإصرار والترصد تسويق مفهوم الإرهاب إلى الوطن العربي وأنشأوا له كيانا◌ٍ لقيطا◌ٍ في فلسطين المحتلة ليصبح الإرهاب أرقى المشاريع الناجحة في السياسة الدولية¡ لأنه إرهاب منظم بقوى السيطرة والهيمنة التي تجتاح البحار والمحيطات¡ ويتم تحريكه وفقا◌ٍ لمصالح تلك القوى ولتحقيق أهدافها لاستكمال سيطرتها على مناطق النفوذ في العالم¡ فكل من يعارض الهيمنة ولا ينضم إلى فلك التبعية الشاملة يعتبر في عرف النظام الدولي الجديد مؤطر ضمن بؤر الإرهاب حتى كتاب الله القرآن الكريم لم يسلم من عبث الإرهابيين وكذلك الإسلام أصبح في لائحة الاتهام عند أولئك الإرهابيين فالمسلمين مطلوبين سنة وشيعة لا تفرق بينهم مكانة الإرهاب الموحد.

قد يعجبك ايضا