عاش الكيان الصهيوني المجرم مساء الأحد الماضي أسوأ ليلة في تاريخ وجوده الإجرامي على أرضي فلسطين المحتلة تلقى فيها ضربة عسكرية واسعة وقوية تحت عنوان الرد على جريمة استهدافه للقنصلية الإيرانية في دمشق قبل حوالي أسبوعين، وقد نفذت هذه العملية بحسب ما أعلنته وسائل إعلام العدو ووكالات أخبار عالمية بأكثر من 350 صاروخاً وطائرة مسيرة من أجيال وطرازات مختلفة، وبعيداً عن التصريحات الإعلامية الظاهرية حول هذه العملية سواء الصادرة من إيران أو من العدو الصهيوني أو من أي جهة دولية أخرى تناولت هذه العملية في أخبارها أو تقاريرها ووصفتها بالرد الإيراني على العدو الصهيوني، فإن هذه العملية المباركة أكبر بكثير من مسمى الرد فهذا الوصف قد يُقْبَلْ من الجانب الإعلامي من إيران لإكسابها المشروعية العملية أمام المجتمع الدولي، لكنه غير مقبول من وجهة النظر العسكرية والسياسية بسبب طبيعة الصراع في المنطقة والعدوان الصهيوني الوحشي المستمر على غزة من جهة وبسبب حجم العملية الواسع وزمنها والأطراف التي شاركت فيها من جهة أخرى، فمن وجهة النظر العسكرية والسياسية لا يعقل أن تكون هذه العملية مجرد رد على عملية قام بها العدو الصهيوني ضد قنصلية إيرانية مهما كانت الخسائر، لأنها أكبر وأقوى بكثير من عملية العدو الصهيوني على القنصلية الإيرانية ولو كانت مجرد رد لكانت متناسبة مع جريمة العدو أو أقوى منها بقليل.
لكن عملية كبيرة بهذا الحجم ومشاركة أطراف محور المقاومة فيها كل ذلك يشير إلى أنها أكبر من مجرد رد، ما يعني أنها عملية مدروسة تضمنت هدف الرد وأهدافاً أخرى قد تكون أهم من الرد نفسه لإيران وأطراف محور المقاومة خصوصاً ونتائجها حتى هذه اللحظة تؤكد ذلك ومنها أن العدو الصهيوني ادعى نجاحه في اعتراض 99% من صواريخها ومسيراتها وبتكلفة تجاوزت المليار والنصف دولار، لكن الكثير من الدلائل تؤكد عكس ذلك وهو ما أكده الكولونيل الأمريكي المتقاعد ماك غريغور مستشار “البنتاغون” السابق في مقالة له نشرتها مجلة “ذا اميركان كونسر فاتيف” أن إيران أثبتت أنها قادرة على تدمير إسرائيل وأن الحرب الإقليمية في الشرق الأوسط لا تخدم أحداً لا أمريكا ولا أوروبا ولا آسيا – منبهاً إلى خطورة إغلاق مضيق هرمز وإغلاق مضيق باب المندب كلياً أمام العالم، ومحذراً من تدخل روسي مباشر لصالح إيران وأنها لن تقبل بأي هجوم مدمر ضد إيران وفيما لو ردت إسرائيل على هذه العملية قال: إن ردها سيكون شرارة تشعل حرباً إقليمية كارثية على مصالح الولايات المتحدة الأمريكية التي ستكون مجبرة على الدخول فيها مع إسرائيل، وستكون أمام العالم هي السبب في إشعال حرب إقليمية لا يستبعد أن تطور سريعاً إلى حرب عالمية كبرى ثالثة قد تتمخض عن زوال إسرائيل.. وأضاف، أن الدفاعات الجوية الإسرائيلية والأمريكية والفرنسية والبريطانية والأردنية فشلت في صد أسلحة العملية وأن إيران وحلفائها نجحوا في تصنيع أسلحة قادرة على اختراق أحدث منظومات الدفاع الجوي، من جهة أخرى فإن تحليلات الكثير من الخبراء الإسرائيليين عبر قنواتهم أكدت كارثية عواقب أي رد إسرائيلي على إيران محذرين من كارثية الرد الإيراني على أي رد إسرائيلي قادم وأنه لن يكون من إيران فقط، بل سيكون من حزب الله ومن اليمن وهما يمتلكان ترسانة صاروخية ومسيرة كبيرة جدا إضافة إلى العراق وإيران والتي لم تستخدم في هذه العملية أي من أسلحتها الفتاكة إضافة إلى أن الظروف الداخلية والخارجية التي تعيشها إسرائيل غير مناسبة حاليا للرد على إيران إطلاقا.
وهذا يعني أن العدو الصهيوني بعد هذه العملية أصبح بعد هذه العملية في مأزق خطير ولم يعد أمامه إلا خيارين إحدهما أمر من الآخر الأول الرد على إيران وإشعال حرب إقليمية ومنها إلى حرب عالمية كبرى يكون من أهم نتائجها زوال إسرائيل والثاني عدم الرد على إيران وحينها ستكون مجبرة على إنهاء عدوانها على غزة في أسرع وقت ولن تنجح في ذلك إلا بالموافقة على شروط حماس وبذلك تكون قد أعلنت انهزامها أمام المقاومة الفلسطينية ورسخت أساساً صلباً لقيام دولة فلسطينية بعيدة عن تدخلها وخالية من أي عمالة لها، وهو ما يعني تضاعف قوة المقاومة الفلسطينية وبشكل يستحيل القضاء عليها مستقبلاً، وفي هذه الحالة سيكون زوال إسرائيل أهون من زوال المقاومة الفلسطينية.
فماذا ستقرر الأفعى الصهيونية بعد هذه الضربة المباركة وكيف ستخرج من هذا المأزق؟