لا يوجد أدنى شك في أن عملية “الوعد الصادق” الإيرانية هي عملية نوعية وجريئة وشجاعة، وحفرت عميقًا في الوعي الغربي والعربي، على حد سواء، ولا شك أيضًا، بغضّ النظر عن نتائجها، أن هناك الآن انكبابًا واهتمامًا غير مسبوق في العواصم المختلفة، من أجل دراسة هذه الهجمات، وتحليلها وتفكيكها، باستخدام كلّ السيناريوهات والافتراضات سواء في إيران أو حتّى في المراكز الغربية.
بالنسبة لإيران، وهي التي لم تدخل أي حرب منذ الحرب المفروضة نهاية القرن الماضي، فإن العملية تعتبر جديدة عليها، وهي أول مناورة خارج الحدود، والخبراء العسكريون والجنرالات في الحرس والجيش الإيراني، بحاجة إلى دراسة هذه العملية، من ألفها إلى يائها، لا سيما وقد ظهرت ادعاءات إسرائيلية وأمريكية باعتراض 99 من صواريخها وطائراتها.
من المعطيات المهمّة في العملية، مشاركة دول كبرى في حماية الكيان، وهذا بالتأكيد، سيجعل جنرالات الحرس الثوري يعيدون حساباتهم، ويضعون في الاعتبار، مثل هذه المشاركة في أي عملية قادمة، وبالتالي زيادة أعداد الصواريخ المستخدمة، كمًا ونوعًا، أو استخدام مدى زمني أطول، من أجل إنهاك تلك القوى، والحد من فاعليتها، وبالتالي زيادة فرص التأثير وإلحاق أكبر دمار في الكيان، والمواقع المستهدفة.
بالنسبة لكيان العدوّ الإسرائيلي، فإن دراسة العملية تتعدى مفاعليها العملياتية، وتطرح الكثير من الأسئلة على الكيان وقادته من مجرمي الحرب، أهمها ماذا لو لم تشارك دول كبرى على رأسها أمريكا وبريطانيا وفرنسا والمانيا، في التصدي للصواريخ والمسيّرات الإيرانية؟
من ناحية أخرى، فإن مجرد اتّخاذ القرار في طهران بالرد المباشر على الكيان ربما كان خارج حسابات قادته، وحتّى خارج حسابات داعميه في الغرب بقيادة الولايات المتحدة، وتقول تقارير متعددة إن هذا يعبر عن الفشل الاستخباري للكيان الذي يضاهي الفشل في تقديرات ما قبل “طوفان الأقصى” في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، وهذا بدروه لا يزال يخيم على طاولة صناع القرار في الكيان، والذين خرجوا بعد اجتماعهم الطويل في ما يسمّى مجلس الحرب يوم الاثنين الفائت، حتّى من دون صدور بيان أو إعلان.
الحصالة اليوم، هي معادلة جديدة ترسيها إيران، أي استهداف مهما كان صغيرًا، للمصالح الإيرانية داخل أو خارج إيران، سيواجه برد فوري، وطالما كان هذا الكيان موجودًا على الأرض الفلسطينية، فإن الكلمة الأخيرة لم تقل بعد.