الشال الفلسطيني سلعة عيدية وتعبير يمني عن التضامن مع غزة
حملات دولية تدعو لارتدائه تضامناً مع ضحايا الإرهاب الصهيوني بغزة
.. قبل أيام من عيد الفطر المبارك ، دعت حملات مختلفة ، وناشطون يمنيون إلى ارتداء “الكوفيّة الفلسطينيّة” أو “الشال الفلسطيني” في أيام عيد الفطر ، تضامناً مع فلسطينيّي قطاع غزّة الذين يستهدفهم العدوان الصهيوني ، والذي يرتكب أبشع المجازر بحق المدنيين الأبرياء من الأطفال والنساء ، منذ السابع من اكتوبر 2023م وحتى الآن ، كما أصبح لبس الشال الفلسطيني تقليداً سائداً لدى عدد كبير من المواطنين اليمنيين كباراً وصغاراً وحتى في المناسبات الرسمية والشعبية التي ينظمها اليمنيون دعماً واسناداً للشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة .
“الثورة” رصدت مدى اهتمام واقبال اليمنيين على شراء ولبس الشال الفلسطيني أثناء العيد ، كما أن لبس الشال الفلسطيني يُعد تعبيراً عن الصمود والمقاومة والإنتماء للهوية الفلسطينية العربية الأصيلة في اليمن وفلسطين ومختلف البلدان العربية والإسلامية وعلى مستوى العالم كله ، إلى درجة جعلت الكيان الصهيوني يستاء وينظم حملات ضد لبس الشال الفلسطيني داخل أمريكا ..فإلى التفاصيل:الثورة / أحمد المالكي
قبل عيد الفطر المبارك كنت أحد الأشخاص الذين خرجوا إلى السوق للبحث عن الشال الفلسطيني لارتدائه في العيد ، أخبرني أحد باعة الشيلان في أمانة العاصمة أن هناك ندرة كبيرة للشال الفلسطيني هذا الموسم ، وأنه بحث عن الشال الذي يصنع بواسطة “الحياكة” خيوط القطن ، وأنه لم يجده في السوق وذلك نتيجة للإقبال الكبير على شراءه من قبل التجار وكذلك المواطنين الذين يبحثون عنه للبسه في العيد وفي المظاهرات الشعبية بالذات هذه الأيام مع التضامن الكبير الذي يبديه الشعب اليمني مع الشعب الفلسطيني ومقاومته البطلة ، وبالفعل أصبح الشال الفلسطيني في العاصمة صنعاء ومختلف المحافظات اليمنية سلعة نادرة وعالية الثمن حيث وصل سعر الشال الفلسطيني القطن إلى أكثر من اربعة آلاف ريال ونادر جدا ، بينما الشال الفلسطيني “ الطبعة” وهو المتوفر عند الباعة العاديين في الأرصفة والمحال الصغيرة إلى ما بين ألفين إلى الفين وخمسمائة ريال ، وقد لاحظنا الكثير من المواطنين والأطفال وكذلك الأئمة والخطباء في جبانات العيد وهم يرتدون الشال الفلسطيني وبشكل ملفت.
حملات دولية
وفي هذا السياق ، دعت حملات دولية إلى الحفاظ على الهويّة الفلسطينيّة والتعبير عن التضامن مع الشعب الفلسطيني الذي يتعرض لأبشع الجرائم والمجازر والانتهاكات التي يرتكبها جيش الكيان الصهيوني المجرم في غزة وفلسطين ، والتي يشيب لها الرأس ويندى لها جبين الإنسانية وذلك من خلال ارتداء الشال الفلسطيني عند الخروج لأداء صلاة عيد الفطر.
هذه الدعوات تأتي وفق ناشطون إيماناً بوحدة الشعب الفلسطيني وتضامن الشعوب مع قضيّته العادلة، وتأكيداً للحفاظ على الهويّة الفلسطينيّة والانتماء إلى فلسطين وتأكيد حق المقاومة والعودة والانتماء للقضية الفلسطينية والثقة بالنصر من خلال نهج الصمود والبطولة الذي يسطّره الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال الصهيوني المجرم.
لا يجوز
وقال ناشطون على مواقع التواصل الإجتماعي أنه “لا يجوز شراء ثياب باهظة الثمن من أجل العيد والاحتفال به في حين يستهدف القصف أطفال غزّة فيتحوّلون إلى أشلاءً حيث يجب ارتداء الكوفيّة الشال الفلسطيني خلال أيام العيد ، للتضامن مع اهلنا في غزة وتكريمًا لأرواح الشهداء.
رمز وطني
وأصبحت الكوفية الفلسطينية رمزاً وطنياً فلسطينياً، تجاوز استخدامها المنطقة العربية واكتسبت شعبية بين الناشطين المتضامنين مع الفلسطينيين في الصراع مع الكيان الصهيوني ، حيث تستخدم الكوفية في تعبيرات التضامن الأممي مع الفلسطينيين، وأصبح الناشطون السياسيون حول العالم يحملونها في حراكات احتجاج سياسية مختلفة ، وقد قفزت مبيعات الكوفية الفلسطينية على نحو غير مسبوق في الولايات المتحدة، واوروبا والعالم منذ بدء العدوان الصهيوني على غزة في 7 أكتوبر 2023م الماضي.
تميّز
يتميز الشال الفلسطيني الأصلي بلونيه الأبيض والأسود والأحمر والنقشة المميزة، كان غطاء للرأس في المناطق الريفية، ثم أصبح رمزًا للمقاومة الفلسطينية في ثورة فلسطين الكبرى 1930، ولتجنب الاعتقال في ظل الانتداب البريطاني على فلسطين عام 1963، ويقال أن أول من استخدمه في المقاومة هو شاب فلسطيني تلثم به لإخفاء ملامحه وظل الشاب يقاوم الاحتلال البريطاني ببسالة ولم تستطع القوات البريطانية كشف هويته، ومن حينها أصبح رمزًا للمجاهدين والمقاومة الفلسطينية ، ويعبَر اللون الأبيض عن الأمل، والأسود عن محطات المقاومة في تاريخ فلسطين.
وقد تحول الشال الفلسطيني” كذلك إلى رمز للثورة الفلسطينية المعاصرة، وظهر الثوار وهم يرتدونه بشكل كبير في كل الانتفاضات ، حتى أصبح رمزاً لقضية فلسطين في العالم كله، وبعد الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة، والذي راح بسببه عدد كبير من الشهداء والجرحى الذين تجاوز عددهم 100 الف شهيد وجريح ، هذه المجازر تركت بصمة واضحة في المنطقة والعالم ، وأصبح الشال الفلسطيني، شعاراً التفّت به الأعناق في كافة دول العالم ، مع ظهور المسيرات المؤيدة والمتضامنة مع الشعب الفلسطيني.
هدف إسرائيلي
وتحوّلت الكوفية أو الشال الفلسطيني من ناحية أخرى إلى هدف لمؤيدي إسرائيل الذين ينتقدون من يرتديها، ففي الولايات المتحددة اخترع الصحفي الصهيوني برادلي بورستون مصطلح “كيفيه كيندرلاخ” (بالإنجليزية: keffiyeh kinderlach)، وتعني كيندلرلاخ بلغة الييدش “أولاد”، وتشير إلى اليهود اليساريين الشباب وخاصة طلاب الجامعات الذين يرتدونها حول الرقبة تعبيرا سياسيا بوصفها موضة، ويصف مرتديها من الشباب في بيركلي بأنهم “فلسطينيين أكثر من الفلسطينيين” في انتقادهم لإسرائيل.
ففي عام 2007 توقفت سلسلة متاجر ملابس أمريكية عن بيع الكوفية بعد أن قدم نشطاء مؤيدون لإسرائيل شكوى من هذه المواد”، وأصدر المتجر أيضا بياناً مفاده أن الشركة لم تكن تنوي أن تعبّر عن أي تعاطف أو دعم لما أسمتهم بالإرهابيين ببيع الكوفيات وسحبها، فيما قارنتها كارولين غليك نائبة رئيس تحرير صحيفة جيروزاليم بوست اليمينية الإسرائيلية بالقمي صان البنية التي كان يرتديها النازيون ، وفي عام 2011 أجبرت شركة “دنكن دونتس” الأميركية على سحب إعلان ترويجي ظهرت فيه مقدمة برنامج الطبخ ريتشيل راي مرتدية وشاحا يشبه الكوفية الفلسطينية، بعد حملة ضغط نظمها مؤيدو إسرائيل في الولايات المتحدة اتهموها فيها بالتعاطف مع “الإرهاب”.
استيلاء إسرائيلي
من جانب آخر، ظهرت عدة منتوجات إسرائيلية استخدمت رسومات الكوفية في تصميمات أزياء استشراقية، وظهرت كوفيات بنفس التصاميم بألوان العلم الإسرائيلي الأزرق والأبيض، ما اعتبره فلسطينيون جزءا من الاستيلاء الإسرائيلي على ثقافة المنطقة ، فعلى سبيل المثال هاجمت مغنيّة الراب والهيب هوب البريطانية الفلسطينية شادية منصور الاستيلاء الثقافي على الكوفية ودافعت عنه باعتباره رمزاً للتضامن الفلسطيني في أول أغنية واحدة لها هي الكوفية العربية ، وهي ترتدي ثوبا فلسطينيا تقليديا وتعلن في أغنيتها: «هذه هي الطريقة التي نرتدي بها الكوفية وسأبقى وفيّة لأصول بلدي الفلسطينية». على مسرح في نيويورك عرضت الأغنية بالقول: “يمكنك أن تأخذ فلافل وحمّص بلدي ولكن، اللعنة، لا تلمس كوفية بلدي”.