تقلب كفاه صفحات الكتاب يعدها عدا يحدث نفسه خفية: بقي كذا وكذا صفحة يتمنى أن تتزحلق هي الأخرى أو تحذف من المقرر..
ليته ينتهي من صف الكلمات والمقاطع والحروف يبقى في قلق يتذكر أن عليه مراجعة المقاطع ينفخ في الهواء لتستدير عيناه نحو الهدف يحاول تذكر المعلومات السابقة تهرب من ذاكرته بعض تفاصيل كانت قد حاولت الهروب في غفوة غير معلنة يستعيد السيطرة.. يقبض قبضة عزرائيل يسكت النسيان.. يتمركز حول زاويته المقصودة يلتهم الكلمات الجمل تلو الجمل بنفس عميق ينجز انتصار الحفظ ثم يعاود أدراجه المتبقية على قارعة الطريق..
تتجول غمامة هادئة حول عينيه يحاول أن يفلت من قبضتها.. نام لساعات ثم أيقظه سعال مباغت ففزع لينظر محدقا نحو الساعة لقد مر وقت طويل ولم ينته بعد من بلع المقرر وينتابه شعور بالملل.. يعاوده التثاؤب مرة أخرى يصرخ في محياه ليس مجددا ينطلق مسرعا نحو الماء يغمس وجهه بداخله يكرر المحاولة يتحدث لنفسه: أريد أن أنتهي.. أريد أن أنتهي!
يمسك بالكتاب فتلسعه أشواكه يستمر في المناورات بين كر وفر مصطحبا معه الملل والتثاؤب ذاتهما.. يقترب موعد الامتحان يدخل القاعة متهيئا لمبارزة مع الأسئلة.. يبدأ ب بسم الله وينتهي بالحمد لله.. ليستعد لمناورة أخرى.. وثمة صنف آخر من الممتحنين لا يصيبهم هم ولا تهزهم رياح الخوف.. وثمة من قد نام مبكرا من هؤلاء لا يحمل في رأسه ما يحمله المستعد مبكرا للامتحان.. وثمة في هذه الأجواء من تساقط أوراقه ويضمحل مستقبله وتنتهي أحلامه ليبقى المستقبل معلقا أمام عينيه كل لحظة وكلما التقى بزملائه القدامى وصار يحفظ عن ظهر قلب عبارة مضمونها: ” في الامتحان يكرم المرء أو ……..”!
نتمنى التوفيق لجميع الطلاب والطالبات الذين يخوضون امتحاناتهم العامة هذه الأيام في ظروف قاسية وفي غياب للكهرباء وتلويحات لجرعة مرعبة بدأت تتشكل في الأفق اليمني المباغت بالمشاكل وتعقيدات اللحظة السياسية.. ويبقى الأمل في الغد وفي جيل الغد.