ما بين الدعاء والرجاء والتمني لأهل غزة استقبل بعض ملوك الدول العربية رمضان هذا العام 1445هـ كملك الأردن والعاهل السعودي وكأن دورهم لما يحدث لأهلنا في غزة من عدوان صهيوأمريكي غاشم لأكثر من خمسة أشهر قد اقتصر على ذلك الدعاء والتمني وليس أكثر من ذلك!!
طال الوقت أو قصر فلن يسلم رؤساء وملوك وزعماء الدول العربية من الحساب والمسألة عن تقصيرهم تجاه ما يحدث اليوم لأبناء غزة وتركهم فريسة ولقمة سائغة للعدو الصهيوني يتعربد ويقتل ويفتك بهم كيفما شاء بالسلاح والحصار معا.
أما تلك الجيوش العربية الجرارة وترسانة الأسلحة الفتاكة التي تمتلكها تلك الدول فقد تأكد لكل الشعوب أنها ليست إلا لقمعها وقتلها؟! وثالثة الأثافي التي يعانيها أهل غزة في العدوان عليهم فهي مرارة الحرب والعدوان الوحشي الصهيوأمريكي من جهة، والحصار المطبق عليهم من كل جهة لمنع دخول الدواء والغذاء والماء من جهة ثانية، وخذلان قادة الدول العربية والإسلامية من جهة ثالثة، كل تلك المعاناة قد فاقمت الوضع وحولته إلى كارثي قد لا يقدر على تحمله الجبال الرواسي، غير أن إيمان أهل غزة بخالقهم وعدالة قضيتهم ووقوف من تبقى من شرفاء الأمة وعلى رأس الجميع محور المقاومة هو ما يصبر أهلنا في غزة ويمدهم بالعزيمة والإصرار على المقاومة والمواجهة حتى يتحقق لهم النصر المبين، مع أنه وبكل المقاييس والحسابات العسكرية والسياسية فإن إسرائيل قد خسرت عدوانها على غزة رغم ما تمتلكه من قوة سلاح وبالرغم كذلك من يقف خلفها ويدعمها بالسلاح والمال والإعلام والموقف السياسي العالمي كأمريكا والغرب المنحط، ومع كل ذلك لم تحقق إسرائيل سوى التدمير وقتل الأبرياء الآمنين في منازلهم.
وتتجه أنظار كل اليمنيين صغيرهم وكبيرهم صوب غزة وما يحدث فيها من قتل وتدمير شبه كلي وتجويع مفض للموت كل ذلك ينغص على اليمنيين فرحتهم برمضان هذا العام غير أن عزائنا الوحيد علمنا الأكيد أن ضحايا العدوان الوحشي الصهيوني على إخواننا في غزة أنهم شهداء، والشهداء مع الأنبياء والصديقين، لأن الشهداء هم صفوة المجتمع وخيار الناس وهم الأساس للحاضر والمستقبل، ولولا تضحية الشهداء لساد الظلم وعم الشر أنحاء المعمورة، وصلافة العدو الصهيوني تحتاج من يقارعها ويقف في وجهها بكل قوة وحزم بصرف النظر عن حجم التضحيات والخسائر، وما تقوم به المقاومة داخل غزة وخارجها من اليمن ولبنان والعراق هو لأجل وقف تلك الغطرسة الصهيونية وظلمها المتمادي يوما بعد آخر على مدى خمسة وسبعين عاماً ولأجل طرد الصهاينة الغاصبين من الأراضي الفلسطينية المحتلة وتحرير المقدسات من دنس أولئك الأنجاس، فالمقاومة لا تدافع عن فلسطين الأرض المحتلة وشعبها المكلوم وإنما تدافع عن شرف الأمة العربية والإسلامية بأسرها، شرف الأمة الذي اهدره حكامها بجبنهم المعهود، وعمالتهم للصهاينة والغرب المشهود، والذين لم تحرك فيهم كل جرائم الإبادة الجماعية والمجازر الوحشية التي ارتكبت بحق أهلنا في غزة وازعاً من الإنسانية ناهيك عن الواجب الديني والقومي، فتخاذل حكام العرب والمسلمين وصمة عار في جبينهم وسيسألون عن تواطؤهم فالتاريخ لا يرحم أحد.
والشاهد أن تخاذل الحكام في نصرة إخوانهم الفلسطينيين مكن الصهاينة الغاصبون ومعهم الغرب الحاقدون من بقاء الصهاينة في جسد الأمة العربية حتى اليوم، والأكيد كذلك أن التدمير الذي لحق بقطاع غزة منذ بداية طوفانه المبارك في السابع من أكتوبر من العام المنصرم ليس له مثيل منذ بداية الاحتلال لأكثر من خمسة وسبعين عاماً ماضية وهو أشبه بما حدث لألمانيا في الحرب العالمية الثانية، ألمانيا التي تقف اليوم مع الجلاد ضد الضحية!
أما أهل غزة وفلسطين عموما فيكفي ما قال عنهم من لا ينطق عن الهوى سيد الخلق محمد صل الله عليه وآله وسلم : “ لا تزال طائفة من أمتي على الدين ظاهرين، لعدوهم قاهرين، لا يضرهم من خالفهم إلا ما أصابهم من لأواء، حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك، قالوا : يا رسول الله وأين هم؟ قال ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس” فقدر الفلسطينيين أن يقفوا في وجه العدو الصهيوني وأن يقدموا قوافل من الشهداء، وأن يضحوا بالغالي والنفيس من أجل دين الله والدفاع عن المقدسات ومقارعة الظلم والظلمة ولهم بذلك كل الشرف والرفعة والعزة في الدنيا والآخرة.