فلسطين والصهيونية العالمية..!

طه العامري

 

 

أربعة أشهر منذ بدء العدوان الصهيوني الوحشي على الشعب العربي في فلسطين، عدوان ذو طابع دولي، إذ لم يقتصر على قدرات وإمكانيات قوات الاحتلال، بل انضمت لقوات الاحتلال قوات دولية كبرى ممثلة في أمريكا وبريطانيا وفرنسا والمانيا، وفي ظل تواطؤ عربي رسمي وأيضا صمت إسلامي، أربعة أشهر من هذا العدوان الهمجي والبربري وغير المسبوق مشفوعا بحصار جائر وظالم بهدف إبادة شعب بكامله من خلال حرب تفتقد لكل القيم والأخلاقيات، ومع هذا التوحش العدواني تواصل المقاومة تسطير ملاحم بطولية في مواجهة عدوان عالمي لم يتمكن المعتدون خلاله من كسر شوكتها أو النيل من قدراتها ولكنهم -أي المعتدون- استطاعوا استهداف أكثر من مائة ألف مواطن فلسطيني بين شهيد وجريح ومفقود، غالبيتهم من النساء والأطفال والشيوخ والمدنيين العزل، وتشريد أكثر من مليونين آخرين أصبحوا بلا مأوي وبلا طعام وأدوية ومياه، أي تم حرمانهم من جميع ممكنات الحياة الإنسانية الأساسية، عدوان همجي تقوده دول كبرى انهارت قيميا وأخلاقيا وضد من؟ ضد شعب محتل ومقاومة تعتمد على قدراتها وعزيمتها وحقها القانوني والشرعي والأخلاقي في مقاومة المحتل، أربعة أشهر من حرب إبادة منظمة تقودها واشنطن ولندن وباريس وبرلين نيابة عن الكيان الصهيوني اللقيط الذي اخفق في حماية نفسه، ناهيكم عن حماية مصالح رعاته ومموليه، وبعد أن استفز العدوان العالم بجرائمه الوحشية بحق النساء والأطفال وتعمده تدمير كل مقومات الحياة في القطاع، خرجت شعوب العالم في كل القارات منددة بالعدوان وبتواطؤ أنظمتها وحكامها مع العدوان، وبعد أن صوتت الجمعية العامة للمرة الثانية مطالبة بوقف العدوان وإدخال المساعدات وبعد أن أصدرت المحكمة الدولية قرارها ضد الكيان وطالبته بإدخال المساعدات، تحركت الصهيونية العالمية بطريقة غير مباشرة للرد على قرار المحكمة بتعليق تمويل منظمة الاونروا على ذمة دعاية صهيونية قالت إن بعض موظفي المنظمة شاركوا في معركة طوفان الأقصى وبدون التحقق من المعلومات اعتبرت بعض الأنظمة الدولية المعلومة الصهيونية حقيقة مطلقة وراحت مسرعة لتعليق مساعداتها للمنظمة المعنية بإغاثة الشعب الفلسطيني، في إصرار صهيوني على إبادة شعب وان من لم يقض بالعدوان وقنابل أمريكا الذكية يقضي بالجوع والعطش والبرد..!! بمعنى أن الحركة الصهيونية العالمية ومن خلال قرار بعض الدول وقف دعمها للاونروا دخلت هذه الحركة بكل ثقلها خط المواجهة لنصرة الكيان اللقيط ضد الشعب العربي في فلسطين وهذه الخطوة الإجرامية الإضافية تتطلب ردا عربيا وإسلاميا، هذا إن كان لدى العرب والمسلمين بقايا كرامة ونخوة..! إن هذا الإجراء الصهيوني الدولي جاء بعد قرار المحكمة الدولية الذي ألزم الكيان الصهيوني بإدخال المساعدات وتحمل مسؤوليته ككيان محتل لفلسطين، وبدلا من أن ينفذ الكيان قرار المحكمة الدولية راح يلتف على القرار عبر الادعاء بحق موظفي الاونروا لتسارع الأنظمة الدولية المتصهينة إلى تعليق مساعداتها للمنظمة الدولية ومباركة واشنطن لهذه الخطوة، في إصرار صهيوني دولي على تضييق الخناق، بل والحق بالحياة لأشقائنا في فلسطين بهدف التهجير وتكرار مأساة 1948م ..! هذه الإجراءات الدولية التي تمارسها دول وأنظمة بحق أشقائنا في قطاع غزة وفلسطين تجعل الموقف اليمني أكثر من موفق وأكثر من مطلوب ومباركاً من الله والرسول ومرحباً به من قبل العرب والمسلمين وكل أحرار العالم. أن الدول الاستعمارية التي حشدت قواتها لتواجه القوات اليمنية في البحرين الأحمر والعربي ومضيق باب المندب وخليج عدن، إنما هي دول استعمارية تسعى لإعادة هيمنتها على المنطقة، وليس كما تزعم لحماية الملاحة الدولية التي لن تمس، بل المطلوب والمستهدف هي السفن الصهيونية وتلك المتعاونة مع الكيان، وقد ربطت اليمن هذا الإجراء بوقف العدوان على قطاع غزة وإدخال المساعدات الإغاثية والأدوية والمعدات الطبية والمياه وكل المتطلبات الحياتية الأساسية التي تساعد أشقاءنا الفلسطينيين على البقاء، في أن الغطرسة الاستعمارية التي تمارسها أمريكا وبريطانيا والأنظمة الصهيونية العالمية التي أعلنت تحالفها ضد الشعب العربي في فلسطين وانضمامها إلى جانب الكيان الصهيوني اللقيط، يعملون دوما على حماية كيانها ويسعون من خلال جرائمهم بحق الشعب الفلسطيني إلى صهينة المنطقة وتطويعها لتكون في خدمة الصهيونية العالمية وهو ما لم يحدث طالما وهناك لا يزل في هذه الأمة أحرار وأيضا في العالم ممن يرفضون الهيمنة الصهيونية رغم كل المحاولات الأمريكية ومساعيها لتطويع أنظمة المنطقة لتكون في خدمة كيانها اللقيط، غير أن الموقف اليمني ازعج الحركة الصهيونية بزعامة البيت الأبيض كما ازعجها فشل كيانها اللقيط في تحقيق إنجاز عسكري ضد المقاومة، فهرولت بالتالي للبحر الأحمر لتعزيز موقف كيانها وإحداث اختراق يتيح لها إخراج كيانها من ورطته وهزيمته في قطاع غزة من خلال إثارة أزمات جانبية من شأنها الإبقاء على كيانها محتلاً للأرض ومهيمناً على المنطقة !

قد يعجبك ايضا