الفرجة القاتلة والنصر القريب

طاهر محمد الجنيد

 

مع دخول الإجرام الصهيوني والحلف الصليبي الشهر الرابع في شن حرب الإبادة والجرائم ضد الإنسانية، على إخواننا المستضعفين في أرض غزة وفلسطين، يتساءل الإنسان وهو تساؤل مشروع، لماذا كل هذا الصمت المخزي والمذل من قبل الشعوب العربية الإسلامية وأيضاً الزعامات والأنظمة السياسية؟ وهنا نجد مفارقات عجيبة وظواهر تستحق التأمل والتفكير، فمن المفارقات العجيبة أن الشعوب في مختلف دول العالم خرجت مؤيدة لمظلومية أبناء فلسطين، مطالبة بإنهاء الحرب الإجرامية، وداعية إلى احترام حقوق الإنسان خاصة مع استمرار إجرام الحلف الصهيوني الصليبي في إبادة النساء والأطفال والعزل الذين لا شأن لهم بالحرب ولا بالمقاومة أو دعمها، لكن الإجرام الصهيوني جعلهم أهدافاً عسكرية وسلط عليهم أنواع الإجرام بأفتك الأسلحة وأشدها ضرراً وإجراماً .
أما الشعوب العربية واستثناء من ذلك الشعب اليمني الذي هب لمناصرة مظلومية إخواننا أبناء فلسطين فلا نكاد نشاهد سوى مظاهرات محدودة في بعض البلدان العربية والإسلامية، ولعل الجواب الصحيح هو أن اتجاه الأنظمة المدجنة والخاضعة للسياسات الأمريكية طوعاً وكرهاً، عمالة وخيانة، هو السبب في منع المظاهرات والمسيرات المؤيدة والداعمة للقضية الفلسطينية، فمثلاً النظام السعودي سيسمح لكل أنواع المظاهرات والمسيرات حتى للكلاب والحفلات الماجنة ونوادي القمار وغيرها، لكنه لن يسمح بأي مظهر من مظاهرات التأييد لفلسطين، فقد اعتبر حركة حماس محظورة وشن الحملات لاعتقال المنتمين لها، حتى أن اليمن لعبت دوراً في اطلاق الأسرى من خلال التبادل مع أسراها، ومثل ذلك الإمارات التي عملت جاهدة على دعم الصهاينة دعماً سخياً، وأبدت استعدادها المشاركة في جرائم الإبادة لأهل فلسطين، ومثل ذلك مواقف بقية الأنظمة الخليجية باستثناء الموقف المشرف لدولة الكويت حكومة وشعباً، ولا يخرج الموقف المصري عن المواقف السابقة إلا من حيث المشاركة في بناء (ممر فلاديفيا) لمنع عبور الفلسطينيين وأيضا منع دخول المواد الإغاثية من طعام ودواء، وعدم السماح للمرضى بالدخول للعلاج في أراضيها.
لقد انقسم العرب شعوبا وحكومات إلى ثلاث طوائف، الأولى ناصرت الحق ودعمت المستضعفين في أرض فلسطين ماديا ومعنويا وبكل ما تستطيع وهذا الموقف اختاره الفئة القليلة من الأنظمة والشعوب العربية والإسلامية، والثاني: موقف الخزي والعار الذي أخذت به الأغلبية الحاكمة فأصمت أسماعها وأسماع شعوبها عن أحداث الإجرام الذي يرتكبه الصهاينة على أرض غزة وفلسطين، والثالث: الموقف المساند للإجرام والداعم للصهاينة سرا وعلانية وهو موقف يفوق في الخزي والعار السابق له.
تحركت شعوب العالم شرقا وغربا وغيَّرت مواقف أنظمتها الداعمة للصهاينة والحلف الصليبي المجرم ولازال في المواقف العربية من يلوم حماس ويدعم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية، تحركت الملايين منددة ببشاعة أعمال اليهود التي شهدوا عليها ولم توقظ تلك المجازر نخوة وشهامة الأنظمة العميلة والمتصهينة، لو حدثت تلك الفظائع على شعب آخر لأظهروا إنسانيتهم وبعثوا بالمساعدات والمعونات السخية، لكن المجاهدين والمستضعفين على أرض الرباط لا يستحقون في نظرهم أي دعم أو مساندة، بل على العكس من ذلك يدعمون الإجرام ويؤيدون المجرمين.
دمر اليهود كل شيء على أرض غزة، المباني والمستشفيات والطرقات والأحياء السكنية دمروها على رؤوس أهلها وقتلوا الآلاف من الأطفال والنساء والعزل ولم يتركوا فعلا قذرا من جرائم الحرب إلا وفعلوه، والصهاينة العرب لم يتراجعوا عن دعمهم وتأييدهم، إن هذه الأفعال الإجرامية لن تذهب هدرا، فقد كشفت حقيقة الإجرام الصهيوني للعالم أجمع وأصبحت برهانا على مكنون الإجرام لديهم ضد الآخرين وليسوا أهل فلسطين وحدهم وسيأتي اليوم الذي تتحرك فيه تلك الشعوب للاقتصاص منهم، طال الزمن أم قصر.
وطالما أن الشعب الفلسطيني مضطهد ومهان وموصوف بالإجرام إن طالب بحقوقه، فإن المحتلين لن يستمروا على أرض الرباط، بل سيغادون إما بالمقاومة وبالمقاومة فقط، أما مشاريع الاستسلام والخيانة فهي لا تفيد سوى العملاء والخونة من قادة الأنظمة وغيرهم.
إن الخيانة والعمالة لن تطيل أمد الاحتلال والاستيطان على أرض فلسطين، لكنها ستقصر من أعمار الخونة والمجرمين والعملاء، ذلك لأن الحق باق ولا يحتاج إلا إلى أن ينهض أهله من سباتهم ويعتمدون على ربهم، لأنه الحق، وكم انهارت إمبراطوريات الإجرام تحت ضربات المستضعفين في مشارق الأرض ومغاربها، ولو تحالف كل العالم على إبادة أهل فلسطين وخذلهم الأقربون، فإن وعد الله باق وبشارة المصطفى ستتحقق، فقد بدأت بشائرها اليوم وأكد ذلك حديث الشهيد القائد حسين بن بدر الدين الحوثي –رحمه الله- (يصبح فخرا لنا أن تكون عدوتنا أمريكا وأن تكون عدوتنا إسرائيل، من خلالها سنكتشف من نحن متى عرفنا من هم)، وهي نظرة ثاقبة تعيدنا إلى مصدر الهداية “القرآن الكريم” الذي كشف حقيقة اليهود دينا وأخلاقا وبيَّن عقائدهم الزائفة وإجرامهم المتواصل ضد الإنسانية والذين كانوا يقتلون الأنبياء ويحرفون الرسالات السماوية وأساءوا الأدب مع الله، فالكيان الصهيوني قائم على جهود الخونة والعملاء وقد أكدت ذلك رئيسة الكيان الصهيوني (جولدامائير) حينما صرحت قائلة: إنه سيأتي يوم يكتشف العرب أننا من نحكمهم” ولا يكون ذلك إلا من خلال أولئك العملاء الذين زرعوا في قلب الأمة العربية والإسلامية واستولوا على مقاليد الحكم والسلطة بمساعدة القوى الأجنبية الاستعمارية التي أوكلت إليهم تحطيم عرى الوحدة العربية والإسلامية وتبديد الثروات، وخدمة المصالح الصهيونية والتحالف الصليبي، وحين يتحقق ذلك سنتذكر وعد الله ووعيده ” وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ».

قد يعجبك ايضا