قوائم انتظار جراحة التشوهات الخلقية بالقلب للأطفال طويلة ونأمل استقدام أطباء أجانب للجراحات المعقدة
طبيب القلب والقسطرة العلاجية محمد الكبسي لـ” الثورة “: المؤتمر السنوي لأمراض القلب والأوعية الدموية عقد بمشاركة أطباء عرب وأجانب
الدماغ والقلب أهم عضوين في الجسم، إنهما يتحكمان بالعمليات الحيوية ويحددان حياة الإنسان أو موته وما بينهما إعاقته، إلا أن الالتفات محدود لكيفية حمايتهما تجنباً لحدوث سكتة دماغية أو جلطة قلبية أو تشوهات.
في هذه المساحة يحدثنا مدير مركز القلب بهيئة مستشفى الثورة في صنعاء طبيب القلب والقسطرة العلاجية محمد الكبسي عن هذا المؤتمر السنوي لأمراض القلب والأوعية الدموية، وكذا ما يتعلق بالجلطة للكبار وتشوهات القلب عند الصغار كسبب رئيسي لبعض الوفيات.
الثورة / سارة الصعفاني
*عقد مؤخراُ المؤتمر الخاص بأمراض القلب ما الذي هدف اليه من هذا المؤتمر؟
هذا المؤتمر هو المؤتمر السنوي الخامس عشر لمركز القلب بهيئة مستشفى الثورة العام، وقد شارك فيه عدد ألف وخمسمائة شخص من الكادر الطبي والصحي في مجال أمراض القلب والأوعية الدموية، كما شارك في المؤتمر أطباء من دول شقيقة وصديقة من مصر وإيطاليا ودول أخرى، وتهدف هذه المؤتمرات إلى الارتقاء بالمستوى العلمي والتطبيقات العلمية، وإيجاد الحلول الناجحة للحالات المرضية بما يكفل تطوير الخدمة الطبية للمريض اليمني.
*يردد البعض مقولة ان “العملية نجحت لكن المريض مات” فما الذي يحدث طبياً لمرضى القلب الذين يموتون بعد نجاح العملية؟
الكلام في غير محله، لا يمكن أن يصدر من طبيب، وهذا تهكم من بعض المواطنين إلا أن لكل عملية مضاعفاتها، ويجب أن يشرح الطبيب للمريض كل المضاعفات التي قد تحدث في كل عملية يقوم بها.
فالحالات المرضية لها مشاكلها ومضاعفاتها ونسبة وفاة، وتوجد مضاعفات معترف بها عالمياً إلا أن المريض اليمني أو أهله لا يتقبلون ذلك، في المقابل عندما يقوم الطبيب بإجراء العمليات المعقدة وبنجاح تام لا يتلقى حتى كلمة شكر، وهذا لا ينفي وجود أطباء غير مؤهلين تأهيلاً عالياً يقومون بعمليات جراحية وإجراءات طبية فوق قدراتهم، ويجب على وزارة الصحة والمجلس الطبي اليمني التأكد من مؤهلات أولئك الأطباء وتفعيل الرقابة المضاعفة.
لا يرغب الأطباء اليمنيون بالتخصصات الطبية الصعبة كالجراحة والباطنية.. هل هناك عجز في الكادر الطبي المتخصص في أمراض القلب في المركز واليمن ككل؟
بالعكس، لدينا كادر كبير في مجال أمراض القلب وهو أكثر التخصصات انتشاراً سواء في اليمن أو في الدول المجاورة، ومسألة اختيار الطبيب للتخصص يعود إلى رغبته ليس إلا.
هل فعلاً يموت اليمنيون بالجلطة كسبب رئيس للوفاة أم أن الخطأ في التشخيص الطبي أم أن الطبيب لا يرغب في شرح سبب الوفاة فيختصر كلامه بقوله جلطة قلبية أو سكتة دماغية ؟
الجلطة القلبية تعد سبباً أول للوفاة محلياً وعالمياً، حيث 40% من مرضى الجلطة القلبية على مستوى العالم يموتون قبل الوصول إلى المستشفى نتيجة انسداد مباشر للشريان الرئيسي المغذي للقلب، وبالرغم من أن تخصص القسطرة القلبية يعتبر عالي التقنية وفعالاً في إنقاذ حياة المريض بما يسمى “ دعامة الحياة “ فإن جلطات القلب ما تزال مشكلة طبية عالمية لم يجد لها العلم حلاً ناجعاً فما بالك بوضعنا الحالي وسط عوامل عديدة تؤدي إلى زيادة الوفيات، من أهمها: عدم وصول المريض إلى المستشفى المؤهل لعمل القسطرة الإسعافية، وغياب الإسعاف السريع، وضعف وعي المريض وفهمه بخطورة الحالة، وانعدام القدرة المالية، وغياب التأمين الصحي.. كل هذه العوامل تؤدي إلى التدهور في حالة المريض ووصوله بحالة صحية متأخرة.
أيهما أخطر وأكثر حدوثاً الجلطة القلبية أم السكتة الدماغية؟
كلاهما مرض غير حميد، ونسأل الله للجميع السلامة، إلا أن الجلطة القلبية إذا تجاوزها المريض في الساعات الأولى أو حصل على عناية طبية فإنه يمكننا تلافي المضاعفات الخطيرة على عكس ما يحدث في الجلطة الدماغية والتي قد تترك المريض معاقاً بقية حياته في معظم الأحيان.
ما الذي يفعله المريض بالقلب في ظل تناقص الأدوية المدعومة وارتفاع سعر الأدوية؟ إلى أي درجة يؤثر ذلك على صحته وحالته النفسية، ويصعب عليكم محاولات علاجه وإنقاذ حياته؟
هذه مأساة حقيقية، ويجب أن تتدخل الدولة ممثلة بوزارة الصحة بالإضافة إلى إنشاء الصناديق الخيرية، وضرورة نشر ثقافة التأمين الصحي وإدراج الموظفين وغير الموظفين بنظام التأمين الصحي.
كيف يمكن حماية أنفسنا من الجلطات والسكتات القلبية والدماغية؟ هل من خصوصية لليمنيين ونمط معيشتهم وعاداتهم الغذائية تتطلب حذراً استثنائياً؟
يمكن الحماية من الجلطات القلبية بالوعي أولاً بمسبباتها وكيفية تجنب هذه المسببات مثل التدخين والدخان، وعدم ممارسة الرياضة، الأطعمة غير الصحية، السمنة، وعدم التحكم بالسكر وضغط الدم بالإضافة إلى أننا نناشد الناس بعمل الفحص الدوري لفحص عوامل خطورة أمراض القلب.
وبالفعل فإن الجلطات القلبية أصبحت منتشرة بشكل كبير في هذا الزمن نظراً لتغير نمط حياة اليمنيين المعروفة بالخمول وعدم الحركة بالإضافة لانتشار التدخين والقات والعادات السيئة كتناول المنشطات ومشروبات الطاقة وأخذ بعض أنواع الحبوب/ الأقراص الدوائية بدون استشارة الطبيب.
هل مستشفى الثورة مؤهل لاستقبال وإجراء عمليات القلب المفتوح للأطفال؟
مركز القلب مؤهل لإجراء جميع جراحات القلب المفتوح للكبار والصغار، وما نحتاجه هو توفير الأجهزة الخاصة بجراحات الأطفال مثل أجهزة التخدير وأدوات العناية المركزة كما أن مركز القلب لا زال قادراً على استدعاء فريق جراحة قلب أطفال من الخارج لعمل عمليات جراحية في المركز ولكن نظراً للعدوان والحصار لا نستطيع استقبال هذه الوفود الطبية لعمل هذه العمليات المعقدة جراحياً للأطفال.
ما هي طلباتكم كمركز متخصص للقلب لإنقاذ حياة مرضى القلب؟
مركز القلب بهيئة مستشفى الثورة هو المركز المرجعي في الجمهورية اليمنية، ولذلك نرجو من المختصين الالتفات إلى مركز القلب بمستشفى الثورة وتوفير الدعم الكامل حيث أننا بحاجة طارئة إلى جهاز قسطرة قلبية جديدة حيث مضى على استخدام القسطرة الحالية ثلاثة وعشرين عاماً وتعمل بشكل بطيء، وأيضًا توفير مجاني للدعامات والعقاقير اللازمة لعلاج الأمراض القلبية بشكل عام والجلطة القلبية الحادة بشكل خاص لإنقاذ حياة المريض، وتوفير الصمامات وأدوات جراحة القلب المفتوح بشكل كامل ومجاني مع أجهزة التخدير وأجهزة التروية القلبية.
باختصار شديد مركز القلب بحاجة إلى ترميم وإعادة تأهيل بالأجهزة والمعدات بشكل عاجل حتى يقوم بعمله الإنساني لخدمة المرضى الوافدين إليه من كل محافظات وقرى اليمن.
لماذا زاد عدد من يموت من الشباب الذي لا يدخن ولا يمضغ القات فجأة بجلطة قلبية في السنوات الأخيرة؟
يصعب تحديد السبب بالضبط، لكن لتبعات ما تمر به البلد، وعدم توفر فرص العمل أثر بالغ يخلف ضغوطًا نفسية وتوترات عصبية تفضي إلى حدوث الجلطة، وكذلك العادات السيئة كتناول الطعام غير الصحي والخمول وعدم الحركة، واستخدام الأدوية والمنشطات الجنسية بدون رقابة.
سمعت أن تكلفة إجراء عمليات القلب تتراوح بين مليونين وستة ملايين ريال، ما الذي يبرر هذه التكلفة المرتفعة جداً ؟
جراحة القلب المفتوح تخصص دقيق جداً، وأدواته مرتفعة الثمن، والعناية بالمريض تحتاج خبرات رفيعة المستوى، ولذلك جراحة القلب مكلفة عالميًا، ما تزال الأسعار معقولة في اليمن، ويجب أن يكون لدى المواطن تأمين صحي لحل مثل هذا الوضع الصعب.
هل أدوية القلب في متناول يد المواطن المتوسط الدخل؟ وهل هناك جهات توفر بعض الأدوية مجاناً ؟
الحقيقة هناك أدوية متوفرة بأسعار معقولة خاصة من الشركات الوطنية، وبعض الشركات الأخرى، وعلى وزارة الصحة والهيئة العليا للأدوية تكثيف جهودها في ضبط أسعار الأدوية وتوفير الأدوية المجانية وخصوصاً للمصابين بالأمراض المزمنة.
كم نسبة الأطفال في اليمن المصابون بتشوهات في القلب بالمقارنة بالأطفال أصحاء القلب؟ وهل تعد هذه النسبة طبيعية مقارنة بالمتوسط العالمي ؟
ليس هناك إحصائية دقيقة عن نسبة التشوهات الخلقية بالقلب في اليمن إلا أن قوائم الانتظار للعمليات في مراكز القلب طويلة جداً، وهذا ينذر بوجود مشكلة طبية كبيرة، تتطلب الالتفات الحكومي والتوعية المجتمعية.
كلمة أخيرة في نهاية هذا الحوار؟
مركز القلب بحاجة إلى اهتمام المختصين والمسؤولين؛ كونه مركز القلب المرجعي لليمن وتصل إليه الحالات الطارئة والحرجة.