الثورة نت../
مَن يقرأْ المشهد جيداً منذ بدء معركة “طوفان الأقصى” يدركْ أن العمليات العسكرية لفصائل المقاومة الفلسطينية بالضفة الغربية المحتلة شكلت نقطة تحول مفصلي في إطار الصراع المحتدم مع العدو الصهيوني بعد أن أعادت الاعتبار للهوية الجامعة بين فصائل المقاومة، وأعادت أيضا تكوين الوعي حول وحدة العمل المقاوم الفلسطيني من النهر الى البحر.
واستنهضت معركة “طوفان الأقصى” مناطق الضفة الغربية المحتلة التي برزت كساحة قادرة على قلب موازين المعركة من عمق الكيان الصهيوني، وبالتالي وجود قناعة استراتيجية بخيار المقاومة ضد الاحتلال باعتباره طريق الشعب الفلسطيني لتحرير أرضه.
وقد جاءت عملية “طوفان الأقصى” كاختبار جديد لمقاومة الضفة الغربية فكانت رديفاً أساسياً في المعركة التي انخرطت فيها سريعاً، وتمكنت من فرض نمطهما الخاص، التي جسدت فيه الهبة الواحدة، والكلمة الواحدة، ورابطة الدم المشتركة الواحدة التي سألت في المعركة نفسها، فلا حدود تمنع هُوية المقاومة الفلسطينية من الاكتمال.
ولم تعد معادلة “طوفان الأقصى” محصورة مع غزة، فصفائح الضفة تحركت تحت أقدام العدو على طول وعرض مناطق الضفة الغربية والقدس المحتلتين والتي حققت انجازا استراتيجيا متعدد الأبعاد، يتمثل في وحدة الفصائل المقاومة، وفي ربط الساحات وعدم تكريس فصل غزة عن الضفة والقدس وكامل فلسطين المحتلة.
وعلى الرّغم من الجهود الكبيرة التي بذلها العدو الصهيوني في مواجهة المقاومة في قطاع غزة وحصرها في مناطق القطاع، وصناعة نماذج لمناطق هادئة بعيدة عن المواجهة والضغط، فإنّ العمليات الأخيرة في الضفة المحتلة أثبتت أن هذه النماذج فاشلة، وأن خطر تنامي مقاومة الضفة الغربية بعد معركة “طوفان الأقصى” وصل إلى مرحلة يصعب السيطرة عليها.
ومنذ بدء معركة “طوفان الأقصى” ارتفع مسلسل عمليات المقاومة الفلسطينية في مختلف مناطق الضفة والقدس التي استهدفت قوات العدو وقطعان المستوطنين وأدت إلى مقتل وإصابة العشرات منهم منذ بداية معركة طوفان الأقصى.
وهنا وثق (مركز معلومات فلسطين – مُعطى) أكثر من 3000 عملية في الضفة والقدس، من بينها 2100 مواجهة مع قوات العدو وقطعان المستوطنين، و800 عملية إطلاق نار، منها 300 عملية نوعية أسفرت عن مقتل عشرة صهاينة.
وأوضح معطى أن إجمالي عدد مناطق المواجهة في محافظات الضفة بلغ 332، بينما خرجت 491 مظاهرة ومسيرة في مدن مختلفة.
واستشهد أكثر من 326 فلسطيني وأصيب أكثر من 3800 آخرين، فيما اعتقل العدو الصهيوني أكثر من 4840 فلسطينيًا.
وعلى عكس التوقعات الأمنية للعدو، التي تُفيد بالسيطرة على الوضع في الضفة المحتلة مع تشديد القبضة الأمنية، برزت فئات مقاومة جديدة من الفلسطينيين نحو مواجهة العدو الصهيوني .
وفي هذا السياق كشف مصدر خاص لموقع “قدس برس”، عن تأسيس كتيبة جديدة للمقاومة في الضفة الغربية المحتلة، ونواتها الرئيسية بالبلدة القديمة في مدينة نابلس (شمال)، تحت اسم “كتيبة أحفاد الياسين”.
ووفق المصدر، فعناصر الكتيبة “ينتمون بالأساس لفصائل المقاومة كافة، لكنهم يعملون تحت مظلة الكتيبة، بعيدا عن أي حسابات تنظيمية”.
وقال مصدر مقرب من “الكتيبة”: “إنهم يفتحون قلوبهم قبل أيديهم لضم كل من يؤمن بنهج اندحار المحتل من أراضينا”.. مضيفا: “أبناء الكتيبة موجودون في جميع محافظات الضفة المحتلة، وأيضا في الداخل المحتل، وهم على أهبة الاستعداد للتصدي لأي اقتحام صهيوني”.
فالعمل الفصائلي في الضفة لم يتوقف على صعيد المقاومة العسكرية حيث أطلق نشطاء فلسطينيون، حملة لكتابة العبرات، ورسم الصور الداعمة للمقاومة الفلسطينية على كافة جدران المدن والبلدات في الضفة، وذلك تحدياً للعدو وإسناداً للمقاومة الفلسطينية في غزة.
ودعا الناشطون، الشباب الثائر إلى إعادة أمجاد الانتفاضة والتعبير عن دعمهم للمقاومة ورفضهم للاحتلال، عبر الخط على الجدران وتعليق اللافتات، وإبراز رموز وشهداء الشعب الفلسطيني والمقاومة، وتوزيع البيانات في الشوارع والطرقات.
وتأتي الحملة عقب، توزيع العدو لمنشورات ولصقها على شوارع الضفة الغربية، تحذر الشبان من انخراطهم في أعمال المقاومة، أو نشرهم لأي مواد تدعم المقاومة الفلسطينية، خصوصاً مع التأيد الكبير للمقاومة خلال معركة طوفان الأقصى.
وبالتالي فإن ما جسدته المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة ضد الكيان الصهيوني ليست من ناحيتها جولة قتال إضافية، بل بداية معركة طويلة هدفها كسر العدوان الصهيوني الظالم على الشعب الفلسطيني.
وقد رسخت وثبتت عمليات المقاومة الفلسطينية نفسها كعنوان واضح ومحدد، وكذلك برهنت هذه الفصائل أنها جسم واحد يقاتل ويضحي ويقاوم من أجل كل فلسطين المحتلة.
فما يميز عمليات المقاومة الحالية في الضفة هو مشاركة مقاتلي حركتي حماس والجهاد الإسلامي مع مقاتلين من كتائب شهداء الأقصى التابعة لحركة فتح في مجموعات مسلحة موحدة، ومن أبرز تلك المجموعات “كتيبة جنين” في مخيم جنين ومجموعة “عرين الأسود” وكتيبة “مخيم بلاطة” في نابلس.
وهنا يمكن القول: إن مختلف جبهات مناطق الضفة ليست بعيدة عن مسار عملية “طوفان الأقصى”، وبالتالي فهي تحمل أبعاداً استراتيجية وتغيرات أساسية في المعركة مع الكيان الصهيوني، سيكون لمفاعيل تداعياتها نتائج، أهمها التأكيد أن الشعب الفلسطيني لن يركع ولن يستسلم وسيواصل عملياته العسكرية البطولية ضد الاحتلال رغم كل الصعاب والتحديات.