الثورة /
من بين الحشود المليونية وترجمة لمطالبها بضرورة تحرك القوات المسلحة لنجدة الشعب الفلسطيني، الذي يمارس الكيان الصهيوني بحقه أحط سلوك بربري فاشي، جاء إعلان القوات المسلحة عن العملية العسكرية البحرية الجديدة التي استهدفت سفينتينِ، انخدعتا بوعود أمريكا وذهبتا لكسر التوجيهات اليمنية.
سفينتا الحاويات ( MSC Alanya- إم إس سي ألانيا) و(MSC PALATIUM III إم إس سي بالاتيوم) كانتا متجهتين إلى الكيان الإسرائيلي قبل أن يتم استهدافهما بصاروخين بحريين مناسبين.
ويوضح بيان القوات المسلحة- الذي تم نشره على الجموع التي احتشدت في ميدان السبعين امس (مع غزة حتى النصر)- أن عملية الاستهداف للسفينتين جرت بعد رفض طاقميهما الاستجابة لنداءات القوات البحرية اليمنية وبعدها الرسائل التحذيرية النارية.
وأمس الأول نفذت القوات البحرية في القوات المسلحة اليمنية عملية عسكرية ناجحة بطائرة مسيّرة تستهدفت سفينة حاويات «ميرسيك جبرلاتر» كانت متجهة إلى الكيان الإسرائيلي بعد رفض طاقمها الاستجابة لنداءات القوات البحرية اليمنية.
ويأتي استمرار تنفيذ العمليات الناجحة، رغم استحداث الكيان للإجراءات التي من شأنها، حسب تخطيطه، ضمان الحماية للسفن الذي وجهتها موانئه، والخميس، أورد موقع “غلوبس” المختص بالاقتصاد الإسرائيلي أن حكومة الاحتلال أصدرت تعليمات لموانئها بحجب بيانات سفنها القادمة والمغادرة، تجنبا لتعرضها إلى هجوم، وهو ما لم يجد نفعا، إذ وقعت على إثر عمليات استهداف للثلاث سفن، امس وامس الأول.
ويرى الدكتور مايكل نايتس، زميل برنامج برنستاين بمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، والخبير في الشؤون العسكرية والأمنية، أن صنعاء لديها قدرات عسكرية تمكّنها من إلحاق أضرار بالغة بالسفن التجارية والحربية التي تمر عبر البحر الأحمر. ويضيف أن اليمنيين «آثروا أن يظهروا لنا جزءا صغيرا فقط من ترسانتهم. ولكن إذا استخدموا أسرابا من الطائرات المسيرة وصواريخ كروز، فإنهم سينهكون أنظمتنا الدفاعية التي تعترضها، والتي تزيد تكلفتها بكثير عن تكلفة قدراتهم الهجومية البدائية، ومن ثم سيستنزفون البحرية الأمريكية.
منذ إعلان المعادلة
وشهدت عمليات القوات البحرية مسارا تصاعديا منذ إعلان السيد القائد عن معادلة البحر الأحمر منتصف الشهر الماضي، فيما حافظت على منهجية التحذير ثم الاستهداف غير المباشر فالاستهداف المباشر، ويمكن رصد ما شهدته العمليات نصرة للشعب الفلسطيني على النحو التالي:
14 نوفمبر: حذّر السيد عبد الملك بدرالدين الحوثي، السفن الإسرائيلية من المرور في البحر الأحمر، وقال: “سنظفر بسفن العدو الإسرائيلي في البحر الأحمر وسننكل بهم، وفي أي مستوى تناله أيدينا لن نتردد في استهدافه”.
19 نوفمبر: سيطرت القوات المسلحة على السفينة «غلاكسي ليدر» في البحر الأحمر، وهي مملوكة لرجل أعمال إسرائيلي، وتم تحويلها إلى ميناء الحديدة.
24 نوفمبر: تعرضت سفينة حاويات مملوكة لرجل الأعمال الإسرائيلي عيدان عوفر وترفع علم مالطا، لهجوم بطائرة مسيرة في المحيط الهندي.
29 نوفمبر: زعمت المدمرة الأمريكية «يو إس إس كارني» أنها أسقطت طائرة بدون طيار اقتربت منها، فيما أعلنت شركة الشحن البحري الإسرائيلي «زيم»، اتخاذ إجراء احترازي بتغيير مسار سفنها من قناة السويس في مصر؛ لتجنب المرور في البحر الأحمر وبحر العرب.
3 ديسمبر: هاجمت القوات البحرية سفينتين إسرائيليتين هما «يونيتي إكسبلورر» وسفينة «نمبر 9»، بطائرة مسيرة مسلحة وصاروخ بحري.
9 ديسمبر: أعلنت القوات المسلحة منع مرور جميع السفن، من جميع الجنسيات، المتوجهة من وإلى الموانئ الإسرائيلية، بسبب استمرار “العدو الصهيوني في ارتكاب المجازر المروعة وحرب الإبادة الجماعية والحصار بحق إخواننا في غزة”.
10 ديسمبر: زعمت وزارة الدفاع الفرنسية بإسقاط فرقاطة فرنسية في البحر الأحمر لمسيّرتين أطلقتا من اليمن.
12 ديسمبر: أعلنت القوات المسلحة استهداف السفينة «ستراندا» النرويجية بصاروخ بحري بعد رفضها الاستجابة للتحذيرات.
وقالت إدارة عمليات التجارة البحرية البريطانية، إن حريقاً اندلع في السفينة بعد استهدافها.
14 ديسمبر: أمر مجلس الأمن القومي الإسرائيلي بشكل عاجلٍ الموانئ العبرية، بإزالة بيانات السفن القادمة إليها والمغادرة منها من على مواقع الموانئ الإلكترونية؛ لتجنب وقوع هجمات على السفن .
انهيار الكيان
وكنتيجة لتأزم الموقف أكثر فأكثر على الكيان الصهيوني نظرا لعجز أمريكا عن القيام بأي شيء لحماية، تحركت حكومة الاحتلال على خجل للتخفيف من حدة الحصار الذي تفرضه على الفلسطينيين، حيث أعلنت حكومة الاحتلال فتح معبر كرم أبو سالم الواقع على الحدود بين غزة ومصر لدخول المساعدات الإنسانية، ما يعني دخول أكثر من 300 شاحنة مساعدات يوميا، إلى جانب ما يدخل عن طريق معبر رفح..
الكيان الصهيوني المنكسر، تحاشى الاعتراف بضغط العمليات اليمنية، رغم ظهور تداعيات هذا الأمر بوضوح على نشاطه الاقتصادي، حيث ادعى مسؤولون إسرائيليون لموقع “أكسيوس” الأمريكي بأن فتح معبر كرم أبو سالم يأتي استجابة للضغوط الأمريكية المتزايدة، حسب الموقع.
مع ذلك لا يزال مستوى الإذعان لقرار الكف عن الأفعال الإجرامية في غزة قاصرا، ولا يزال الكيان الصهيوني يجد في سلاح التجويع وسيلة أقوى لقتل الفلسطينيين الذين عجز عن ترحيلهم، ببطء.
ونجحت عمليات استهداف السفن ذات العلاقة بالكيان الصهيوني في تحقيق هذا الالتفاف الكبير من الشارع العربي حول القوات المسلحة اليمنية.
ولا يزال هشتاج “اليمن ينتصر لفلسطين” يتصدر منصات التواصل الاجتماعي بما يحتويه من تعبير صادق للناشطين عن التقدير والاعتزاز، كما والشكر لليمن لموقفه المشرف الداعم للفلسطينيين في غزة.
النشطاء تمنوا على باقي الأنظمة العربية الاقتداء باليمن، ومغادرة حالة الخوف والعجز عن مواجهة ليس الاحتلال فقط وإنما القوة الاستعمارية التي تقف خلفه وتدعمه بالمال والسلاح، وما لم تتحرك هذه الأنظمة وتنضم إلى اليمن في معركة العزة بإنقاذ الشعب الفلسطيني فإنها ستظل رهينة الإرادة والهيمنة الأمريكية الغربية.
اليوم ميناء إيلات فارغ تماما من أي سفن، حسب تقارير الإعلام العبري، ولأن الكيان الإسرائيلي لا يمارس أي تجارة عن طريق البر، ويعتمد بشكل كبير على موانئه البحرية التي يمر عبرها أكثر من 98 % من تجارة البضائع الإسرائيلية، حسب صحيفة هآرتس العبرية، فإن اقتصاديين إسرائيليين يؤكدون أن الحصار البحري على الواردات إلى إسرائيل سيكلفها 80 مليار شيكل سنوياً، وهو ما يعادل 21.5 مليار دولار.
وقال تشن هرتزوغ، كبير الاقتصاديين في شركة الاستشارات BDO، في حديث مع “إسرائيل هيوم”: إن الاقتصاد الإسرائيلي يواجه ثلاثة مشكلات، تتمثل الأولى في: “ارتفاع أسعار النقل البحري إلى إسرائيل، نتيجة تمديد مسار السفر بنحو 30 يوماً للسفن التي ستصل إلى إسرائيل من الشرق، على الطريق الطويل الذي يتجاوز أفريقيا، بدلاً من المرور عبر مضيق باب المندب وقناة السويس”.
وأضاف هرتسوغ، المشكلة الثانية هي: “خطوط الشحن التي قررت التخلي تماماً عن العبور في الموانئ الإسرائيلية، ونتيجة لذلك سيكون هناك ضرر على مواعيد التسليم وتوافر المنتجات وزيادة الأسعار بسبب النقص في سلاسل التوريد، موضحاً أن “غالبية حركة السفن في العالم تعتمد على الإبحار في مسارات منتظمة، لتمر بعدد كبير من الموانئ على طول الطريق، ومن المرجح أنه بسبب المخاطرة الكبيرة ستفضل بعض الشركات التخلي عن المرور على الموانئ الإسرائيلية”.
أما المشكلة الثالثة، التي نتجت عن حصار صنعاء البحري لإسرائيل، فتتمثل، حسب هرتسوغ، في “الأضرار التي لحقت بالواردات إلى ميناء إيلات، إلى حد إغلاقه. مؤكداً أن: “ميناء إيلات يخضع في الواقع لحصار بحري، مما قد يمنع السفن من الوصول إليه”، وأوضح أنه “على الرغم من أن إجمالي حركة المرور في ميناء إيلات صغير نسبياً، إلا أنها مهمة للغاية بالنسبة لاستيراد المركبات وتصدير البوتاس من البحر الميت. حوالي 50 % من واردات المركبات إلى إسرائيل تتم عبر ميناء إيلات”.
وإلى ذلك أيضا قالت “إسرائيل هيوم” أن ميناء أسدود ليس بمنأى عمّا يحدث، فقد قال المسؤولون فيه: إن “المخاطرة بالممرات الملاحية من قبل صنعاء تشكل تهديداً استراتيجياً على حركة النقل البحري إلى إسرائيل بشكل خاص، ولها آثار سياسية واقتصادية واسعة”.
ومع استمرار حالة التوتر، لجأت بعض شركات الشحن لتحويل مسار سفنها لتسلك طرقا بديلة، ومنها شركة الشحن البحري الإسرائيلية «زيم» التي أعلنت الشهر الماضي اضطرارها إلى اتخاذ ذلك الإجراء بسبب الأوضاع في بحر العرب والبحر الأحمر.
وهذا يعني إطالة مدة الرحلة التي تقطعها سفن الشحن، والذي يعني بدوره عرقلة سلاسل الإمداد وارتفاع تكلفة النقل البحري. كما أن زيادة التوترات سوف تؤدي إلى ارتفاع كبير في «كلفة التأمين على السلع العالمية وتجارة النفط والغاز»، حسب خبير النفط العالمي ممدوح سلامة، الذي يضيف أن «الكثير من أصحاب شركات النفط والسلع الأخرى قد يترددون في إرسال سفنهم إلى مرمى الخطر، وبامتناعهم، سيكونون قد أوقفوا إمدادات النفط والغاز الآتية من الخليج إلى أوروبا وأمريكا، وربما منطقة حوض الباسيفيكي أيضا.
والى ذلك تذكر وكالة رويترز للأنباء، نقلا عن خبراء في الأمن الملاحي والتأمين، أن هجمات صنعاء أدت بالفعل إلى ارتفاع تكلفة أقساط تأمين السفن التجارية التي تمر بالبحر الأحمر. وأدرجت سوق التأمين في لندن منطقة جنوب البحر الأحمر ضمن المناطق عالية المخاطر، وهو ما يستلزم دفع أقساط إضافية، ويتوقع أن يؤدي بدوره إلى زيادة أسعار السلع التي تحملها تلك السفن.
ووفقاً لموقع جلوبس العبري، تسببت هجمات صنعاء بارتفاع أسعار النقل من الصين إلى الكيان الصهيوني خلال أسبوع بنسبة تتراوح بين 9 % و14 % في الأسبوعين الأخيرين من أكتوبر.
واعترف يهودا ليفين، رئيس قسم الأبحاث في شركة Freightos للتكنولوجيا الفائقة، بزيادة أسعار الشحن للسفن المغادرة والداخلة موانئ إسرائيل من الصين بعد الحرب.
وقال ليفين لـ Globes:”هذا يؤثر بالفعل على جميع البضائع التي تصل إلى إسرائيل من الصين إلى ميناء أسدود، التي بدأ سعرها في الارتفاع خلال الأسابيع الأخيرة.