حرب غزة الكاشفة.. مرتزقة السعودية والإمارات بلبوس صهيونية يعرضون خدماتهم لـ”إسرائيل”

عبدالرحمن الأهنومي

 

منذ بدأت حرب الإبادة الصهيوأمريكية المدعومة غربياً على غزة، كانت أنظار الكيان الصهيوني تتجه إلى من يسميهم «الأصدقاء في المنطقة»، والمصطلح يعبر به ناطقو وقادة العصابات الصهيونية في تل أبيب ويقصدون به السعودية ودويلة الإمارات ودولاً أخرى تتجند مع الصهاينة بشكل متفاوت، فبعضها تدَّعي نصرة غزة وأخرى لا تخجل وهي تدين وتحرِّض المقاومة وتنخرط في حرب الدعاية والإعلام ضد غزة، ومع حرب الإبادة الصهيونية.
لا قمة الرياض ولا اجتماعات القاهرة ولا غيرها خرجت بقرار واحد لصالح الفلسطينيين، بينما كانت الحرب تأخذ منحى الإبادة الجماعية الوحشية، وكانت شحنات السلاح تتدفق من مخازن البنتاغون، وفيما كان أهلنا في غزة يستصرخون ويستنصرون يا عرب ويا مسلمين»، دخل اليمن بثقله وحجمه الشعبي والعسكري والجهادي والإعلامي وبكل المستويات إلى صلب المعركة، فأعلنها حرباً مفتوحة على العدو الصهيوني المجرم، وصعَّدها إلى فرض حصار بحري توسعت معادلاته مع تصاعد العربدة الصهيونية على الأطفال والنساء والعجزة في غزة، وحين تصاعدت المجازر وصارت غزة مقابر للشهداء من القصف الإجرامي الصهيوني، وصار أهلها يتضورون من الجوع والعطش جراء الحصار الخانق، وسع اليمن معركة الحصار البحري على الكيان الصهيوني وأعلن للعالم بأن كل سفينة أيا كانت جنسيتها تتجه نحو موانئ الكيان هي هدف مشروع في البحر الأحمر وحتى البحر العربي، مشددا لا إنهاء لهذا الحصار إلا بإنهاء الحصار على غزة.
وبكل تأكيد فإن موقف اليمن الذي دخل إلى نصرة غزة دون استئذان، كان تعرية فاضحة للمواقف الخائبة والخائنة والشائنة، وفيما كان اليمن يحتشد بكل المستويات في نصرة غزة، بالضربات الصاروخية وبالطائرات المسيّرة، وبالتحرك الشعبي الواسع، وبالخيارات البحرية، كانت دول العدوان على اليمن والسعودية والإمارات تحديداً تعمل دون كلل لحماية الكيان الصهيوني من الصواريخ والمسيَّرات وتشغلان الدفاعات الجوية وسلاح الجو لصد المسيَّرات والصواريخ في البحر الأحمر وبتنسيق شبه معلن مع الكيان الصهيوني، لكن تطورات الموقف اليمني إلى فرض المعادلة البحرية أربك الحسابات وحشر العدو الصهيوني والإدارة الأمريكية ورعاة الكيان في الغرب في زاوية ضيقة، وحشر كذلك السعودية والإمارات في الزاوية نفسها، فقد عجزا عن تقديم شيء لحراسة الكيان الصهيوني.
وكان من الطبيعي أن يصاب كيان العدو الصهيوني بانتكاسة نفسية، حين واجه عجزاً أمريكياً من إدارة بايدن التي استنجد بها مراراً لحماية سفنه وشحنه وتجاراته في البحر الأحمر من يمن العروبة والإسلام، وواجه فشلا في الحصول على استجابات عملية فاعلة من الدول الغربية فرنسا وبريطانيا، ليصبح أمام مأزق حقيقي وهو لا يكاد يفتتح باباً إلا ويغلق دونه الأبواب، ليجد نفسه أمام معادلات أوسع من البحر الأحمر إلى البحر العربي، من منع مرور سفن وشركات الشحن التابعة له، إلى منع كافة السفن أيا كانت جنسيتها من المرور إلى موانئه، ولم يكد هذا الكيان المجرم يستمهل فرصة إلا وجد نفسه في حسابات أضيق، ومراهناته اليوم على خدمات المرتزقة والأدوات الرخيصة التي تعرض خدماتها للكيان الصهيوني بالمجان أشبه بغريق يتعلق بقشة في مياه متلاطمة.
هذا من ناحية، أما من ناحية أخرى فإن المرتزقة الذين يُعرضون خدماتهم اليوم للكيان الصهيوني المارق والإرهابي ويودون الانخراط مع العدو الصهيوني المجرم ضد غزة وضد أهلها، إنما يكشفون أنفسهم ليس للشعب اليمني فحسب، بل ولشعوب الأمة العربية والإسلامية التي احتشدت وتحشدت خلف الموقف اليمني المتقدم والفاعل والقوي والمبارك في نصرة غزة المظلومة، ويبيعون أنفسهم بالمجان لعدو يهودي مارق، وفي المقابل لن يقدموا للكيان الصهيوني شيئا، ورهانه ورهان أمريكا على هؤلاء المرتزقة في إعاقة اليمن وقواته المسلحة من خوض معركة نصرة غزة، هو رهان على هواء فارغ .
يوم أمس طالعتنا تصريحات متعددة، صادرة عن اصطفافات العملاء المتعددة، بدءاً من أدوات الإمارات التي تسمى المجلس الانتقالي التي شكلتها دويلة الإمارات، وهي تعرض خدماتها للكيان الصهيوني، وبالتوازي قرأنا تصريحات للأدوات السعودية تعرض الخدمات نفسها للكيان الصهيوني، وتسمي نفسها حكومة شرعية تزعم بأنها استجابت لدعوة أمريكية لتشكيل تحالف بحري تحدث عنه الصهاينة منذ اليوم الأول لحرب البحار اليمنية على الكيان، وتستعرض هذه الأدوات ما تسميها قدرات بحرية لتأمين ملاحة الكيان الصهيوني في البحر الأحمر ولا قدرات تملكها إلا ما تتلقاه من دعم وتمويل من السعودية، وبالتوازي شاهدنا حارس البوابة الغربية لمدينة المخا طارق عفاش يتعنتر يميناً وشمالاً لما يسميه التصدي لتهديدات الملاحة البحرية، وكل ذلك يأتي في لحظة كاشفة فاضحة لحقائق عديدة ومتعددة وعلى نحو يقيني لا يقبل أي تفسيرات محتملة.
ومن هذه الحقائق أن رعاة الكيان أمريكا والغرب يتحسسون رؤوسهم عاجزين عن فعل شيء يحمي السفن الصهيونية في البحر الأحمر، وأن رهان رعاة الكيان أنفسهم على الأدوات الإقليمية وتحديداً السعودية والإمارات لعمل شيء يحمي السفن الصهيوني أخفق وفشل، كل يتحسس رأسه من الوقوع في الفضيحة التاريخية الفاضحة أولا حينما يحارب بالمعلن دفاعاً عن إسرائيل في لحظة فارقة وكاشفة لحقيقة الكيان وإجرامه وتوحشه ويهوديته الموغلة في الإجرام، وثانياً بمواجهته الرد اليمني المؤكد على ارتكابه أي حماقة عدوانية ضد اليمن، وبكل تأكيد لن يكون سهلاً حينما يكون التعامل معه باعتباره صهيونياً، ولهذا وذاك وجد المرتزقة المنحطون فرصة لتعزيز حظوتهم بعرض خدماتهم لحراسة الكيان الصهيوني، وفي الوقت نفسه فإن العدوان على اليمن الذي احتشد في الحرب لتسع سنوات تحت عنوان «التحالف العربي» لم تعد تسعفه العناوين حينما يتغطى بالعنوان نفسه في التحرك ضد اليمن لحماية الكيان الصهيوني، وبوضوح فإن هذه الحرب فاضحة كاشفة بشدة لكل الحقائق والمواقف، هي حرب صهيونية يهودية إجرامية من يتجند فيها أو يخون أو يتواطأ سيكون ملعوناً من الله والملائكة والنبيين ومن الناس أجمعين، وعلى رؤوس الأشهاد قاطبة سيشار إليه بأنه عميل صهيوني خبيث.
من سوء حظ الكيان الصهيوني اليهودي المجرم، أن المرحلة والزمن لا يخدمه بل يخدم شعوب الأمة وقادتها الذين يقودون مسلك المواجهة القوية والجهادية ضده، ففيما تحتشد الشعوب وتهتف لليمن وقائده وموقفه العظيم والمبارك من الله، ستحتشد لتلعن كل من يخون غزة ويتواطأ عليها ويتخاذل، فبقدر ما أثر الموقف اليمني في سياق المواجهة مع العدو الصهيوني، بقدر ما ترك تأثيراً في الوعي الجمعي للأمة وشعوبها العربية والمسلمة، وأوقظها ووضع أمامها المثال النموذجي الفاعل لردع الكيان الصهيوني اليهودي، وفي لحظة يتبين فيها خير المؤمن القوي، وشرف المواقف القوية، عن ضعة المواقف الضعيفة.
حال المرتزقة وهم يعرضون على الصهاينة اليهود خدماتهم، هو حال المنافقين الذين يكشفهم الله في القرآن الكريم بقوله تعالى في سورة الحشر «أَلَمْ تَر إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِن قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ۝ لَئِنْ أُخْرِجُوا لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِن قُوتِلُوا لَا يَنصُرُونَهُمْ وَلَئِن نَّصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنصَرُونَ ۝ لَأَنتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِم مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَفْقَهُونَ ۝ لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاء جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ ۝ كَمَثَلِ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ قَرِيبًا ذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ۝ كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ۝ فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمِينَ [سورة الحشر:11-17].
وما من شيء سيقدمونه للكيان الصهيوني اليهودي المارق، غير أنهم فضحوا أنفسهم وأظهروا حقيقتهم بألسنتهم الخبيثة، هؤلاء المرتزقة أسقطوا أنفسهم مرتين، بخيانة اليمن أولاً، وأخزوا أنفسهم بخيانة الأمة في قضيتها فلسطين، وكشفوا نفسياتهم الخبيثة وهم يصطفون مع اليهود الصهاينة يحتشدون معهم لقتل أطفال ونساء وأبرياء غزة وسحق الشعب الفلسطيني فيها، وما ذلك إلا خزي في الدنيا، ولهم في الآخرة عذاب أليم.
بعد هذا الموقف لا يجب أن تستغرب شعوبنا العربية والإسلامية، مما كنا نقوله منذ العدوان علينا في اليمن أننا نواجه حرباً صهيونية بقفازات عربية ومحلية، وبغطاء أمريكي وغربي، وأن هؤلاء المرتزقة المنحطين الذين يقدمون عروضهم المغرية للصهاينة في الحرب على غزة، إنما هم مجرد مطايا وأدوات رخيصة مارقة ومنحطة لا تمثل اليمن ولا تعبر عنه، وأن حرب الأعوام التسع على اليمن كانت بهدف فرضهم حكاماً مطاعين على الشعب اليمني، إنما كان وراءه جعل اليمن خارطة جغرافية مفتوحة للصهاينة المجرمين، من خلال هذه الأدوات.
بمقدور المرتزقة أن يكشفوا ويفضحوا أنفسهم ويعلنوها صراحة «نحن مع إسرائيل» فقط، لكن ليس بمقدروهم أن يقدموا للصهاينة شيئا، وما عجز عنه الكيان الصهيوني وأميركا والغرب لن يقدر المرتزقة المتغطين بلبوس السعودية والإمارات أن يحققوه، حتى لو استعانوا بكل ما في الأرض من قوة، عليهم الاستعداد لدفع ثمن هذا الموقف وتحمل أكلافه خزياً وخسارة وانحساراً ونهايات وخيمة.. والله الناصر لعباده المؤمنين.

قد يعجبك ايضا