لم تمض سوى أيام قليلة منذ توعد قائد الثورة المباركة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي سفن العدو الصهيوني بالتنكيل حتى نفذت القوات المسلحة عملية مباركة باحتجاز سفينة إسرائيلية واقتيادها من وسط البحر الأحمر إلى السواحل اليمنية، العملية التي أعلن عنها المتحدث باسم القوات المسلحة العميد يحيى سريع ببيان رسمي، نفذت بعد أيام من إعلان قائد الثورة المباركة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي حفظه الله أن العيون اليمنية تترصد السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر، مؤكدا «سنظفر بها، وسننكل بها أيضا»، وهو أمر يضع التهديد موضع التنفيذ والفعل الناجز والمتقدم والفاعل، وسيستمر ولن يتوقف حتى يتوقف العدوان على غزة.
لا حاجة اليوم إلى الاستعانة بخبراء التقديرات الاستراتيجية والعسكرية أو الدراسات الصادرة عن معاهد أبحاث، لتحليل ما يمثله التهديد الذي أعلنه اليمن ضد العدو الصهيوني في البحر الأحمر، ولا إلى تقدير مخاطر معادلة البحر الأحمر التي أعلنها قائد الثورة حفظه الله، على الكيان الصهيوني وتوعده باستهداف السفن الإسرائيلية التي تمرّ في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، فالأكيد أن الأمر هو أكثر مما يحتمله العدو الصهيوني وداعميه بعدما نفذ أبطالنا مهمتهم يوم أمس باحتجاز السفينة الصهيونية واقتيادها، وما لم يحسب حسابه العدو الصهيوني وداعميه هو أن استمرار العدوان الإجرامي على غزة يضعهم أمام نذر حرب واسعة وخطيرة جدا على مصالحهم.
فمن المؤكد أن قرار قائد الثورة حفظه الله والذي نفذته القوات المسلحة بخطوة الاحتجاز والاستيلاء على سفينة صهيونية من البحر الأحمر، هو تنفيذ عملياتي يترجم الموقف المسؤول والمشرف لليمن وقيادته في نصرة غزة وردع للمعتدين عليها، وهو كذلك ترجمة عملية للموقف المبدئي للشعب اليمني وقيادته الحرة تجاه القضية الفلسطينية كأهم قضية في وعي وإيمان وثقافة اليمنيين جميعا، ولا يخفى على العدو والصديق أن الشعب اليمني يتبنى القضية فلسطين ومواجهة العدو الصهيوني في صلب هويته الإيمانية، ويؤمن بكل تفاصيلها في عقيدته وإيمانه وروح انتمائه للإسلام المحمدي، وما نشهده اليوم من فعل وعمل هو الترجمة العملية لذلك.
بيان القوات المسلحة كان واضحا لناحية أن العمليات ستستمر حتى يتوقف العدوان على غزة، وكان واضحا وصريحا لناحية ما على المجتمع الدولي إذا كان يخشى من نذر حرب تزعزع المنطقة أن يفعل، وأن يذهب إلى وقف العدوان على غزة، وكان من المتوجب أن يستوعب العدو الصهيوني والداعمون له هذه المسألة منذ أعلن قائد الثورة هذه المعادلة وقبل أن تنفذ القوات المسلحة عمليتها، وكان يجب أن يعلموا جيّداً من اللحظة الاولى لإعلان قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي وتهديده باستهداف السفن بأنها بداية للعد العكسي للتنفيذ، لكن الغطرسة والغي جعلهم يدفعون ثمن ذلك، وسيدفعون ثمن الاستمرار في العدوان على غزة بأضعاف مضاعفة.. وعلى جهات التقدير والقرار السياسي والأمني في تل أبيب وواشنطن على السواء، أن تتعامل مع هذا التهديد بكامل الجديّة والخطورة.
إن العملية المباركة التي نفذتها القوات المسلحة في البحر الأحمر تشكل مستجدّاً استراتيجيا في مجرى الحرب الصهيوأمريكية على غزة، وتعد ارتقاء إضافياً في مسار النيران المصوبة على الكيان الصهيوني الذي يرتكب مذابح مروعة في غزة، فمن المؤكد أن هذه العمليات ستمضي في مسار تصاعدي متواصل، وستفرض وقف العدوان على غزة، والأيام القادمة ستجعل العدو الصهيوني وداعميه في البيت الأبيض ودول الغرب يدركون بأن استمرار عدوانهم الإجرامي على غزة، يضع الأمور مفتوحة على كثير من المتغيّرات الخطيرة جدا عليهم، ويضعهم امام معادلة مقتضاها أن استمرار الحرب على غزة، يعني اشتعال الحرب في المنطقة بأكملها وبأثمان مكلفة عليهم.
وإذا كان رهان قادة الكيان الصهيوني على أن قرار قائد الثورة حفظه الله باستهداف السفن الصهيونية في البحر الأحمر، سيبقى في حيز التهديد المحتمل، فإن العملية التاريخية التي نفذتها القوات المسلحة في البحر الأحمر يوم أمس كانت بمثابة التنفيذ العملياتي الذي يفصح عن الأسوأ لما بعدها، ومع اول عملية لا بد أن يدرك قادة الكيان الصهيوني وداعموه في البيت الأبيض والغرب، أنهم أمام تحدٍّ استراتيجي كبير جدّاً يتعاظم باستمرار العدوان الإجرامي على غزة، ويؤدي إلى ارتفاع مستوى الخطورة على حركة الملاحة البحرية للعدو، وستكون له تداعيات اقتصادية وأمنية واستراتيجية كبرى وعلى العدو الصهيوني وداعميه ورعاته.
وإذا كان موقف اليمن منذ البداية واضحا وحاسما لناحية نصرة غزة بادئا بتنفيذ ضربات صاروخية وجوية، بل ولم يقف في مساندة الشعب الفلسطيني عند مستوى الضربات الصاروخية وبالمسيرات التي طالت عمق الكيان الصهيوني، و لم تقف تهديداته عند مستوى تتبع وتعقب سفن العدو الصهيوني التي تتخفى في البحر الأحمر، بل استطاع كشفها وتمكنت القوات المسلحة من احتجازها واقتيادها إلى سواحل اليمن ومن عمق البحر الأحمر، فإن هذا الموقف لن يتوقف عند هذا المستوى بكل تأكيد، ولربما ستطال الضربات اليمنية بالصواريخ والطائرات المسيرة عمقا أبعد في الكيان الصهيوني، وستشهد تطورات مهمة وخطيرة على الكيان، وفي الوقت نفسه فإن العمليات البحرية ستتسع وستتواصل، ولا خيار أمام العدو الصهيوني وداعميه ورعاته إلا وقف العدوان على غزة وفوراً..ذلك أن ثمن الاستمرار سيكون مكلفاً.