ما قيمة لعربٍ بلا عروبة، وما قيمة لحكوماتٍ بلا هوية، وما قيمة لأنظمةٍ بلا دستور وما قيمة لعالمٍ بلا إنسانية، ثمّ ما قيمة لإيمانٍ بلا عمل، وما قيمة لمسالمين أذلةٍ ! ومسلمين بلا إسّلام، ما قيمة لعهدٍ بلا وفاء، ثم ما قيمة لأسلحةِ اليمن إن لم تصل إلى عمق عقر الكيان الصهيوني الآن.
تراهم بجيوشهم وأسلحتهم والذلة تحتويهم والمسكنة تغطيهم ولا قرار لهم، ثم ترى عصا العدو توسعهم ضرباً حتى الموت وما أن يشّلَ يده عنهم حتى يبادرون في مواساته والاعتذار إليه ! وكأنه هو المضروب وليسوا هم! وكذا الدفاع عنه واعتراض ما يمكن أن يؤذيه أو يضره، فتحوا له أبوابهم فانتهك عرضهم ورضوا! ولا عرض لهم، هؤلاء هم العرب الآن أو المتعربون بصحيحِ العبارةِ وصدق الشاعر حين قال:
وديني دِينُ عِزٍّ لستُ أدري
أذِلّةُ قومِنا مِنْ أَينَ جاؤُوا ؟!
وبالمقابل نرى من صدقوا ما عاهدوا الله عليه يبرهنون صدق إيمانهم، ويُثبتون صدق توجههم، حين تتفجر الغيرة بصدورهم حمية على الإسلام والمسلمين، ولا قلة أو أية فوارق قد يرضخون لها متوجهين في مسار المقاومةِ والوقوف أمام جبروت العدو وغطرسته..
وما النصر إلا من عند لله، ومن قذائف الياسين التي تُفجّر دباباتٍ مصفحة إلى الصواريخ البالستية التي تصل إلى عمق إيلات رغم بعد المسافة إلى صواريخ المقاومة اللبنانية التي تدك مواقع العدو الإسرائيلي شمال فلسطين المحتلة، هل تساءل الراضخون تحت عَباءة الذل والخوف الساجدون لأمريكا رغبة ورهبة: ما الذي يحصل وما تلك القوة التي تحرك بها أولئك الناس في مواجهة الرب أمريكا وإسرائيل؟! يا للهول وكيف تجرأوا على الوثن الأعظم ليبادروا بالرد عليه، وفي وضح النهار ودونما خوف؟ ذلك ما لا يمكن أن يفقهه المنافقون أبدا، لأن صدورهم امتلأت رهبة ورغبة لبشرٍ مثلهم ونسوا الله تماماً فانساهم أنفسهم، فاندثرت مع ذلك كرامتهم وعزتهم وحتى عقولهم إلا ما رحم ربي .
ما أعظم تلك الفوارق بين رجال يدافعون عن كرامتهم من أن تهان ويُداس عليها فضحوا في سبيلِ ذلك بدمائهم وأموالهم وبالثمانية المحددة في القرآن لكي لا يكونوا قوما فاسقين، فاقتحموا المعارك مع العدو رغم سعة فارق العدة والعتاد وهم بذلك يسطرون أعظم ملاحم النصر ويبنون التاريخ من جديد لوقوفهم في وجه أعتى قوى للطاغوت والاستكبار العالمية وبين من؟! بين أشباه الرجال، من يُحسبون على الإسلام والمسلمين، من جعلوا كرامتهم بساطاً تحت أقدام العدو ويتمايلون عند أقدامه كما تتمايل الجواري لدى سيدها! وشعوب استخفتهم حكوماتهم فأطاعوهم فأصبحوا فاسقين، أي قبحٍ ذلك وأي لعنة قد نزلت عليهم وأطاحت بهم إلى أسفل السافلين، مع ذلك إن العصر هو عصر العزة للمؤمنين ولو كانوا قلة، فلم ينتصر التاريخ إلا بالقلة المؤمنة، وعصر اندثار قوى الطاغوت وعصر تبدل الموازين وعصر تبدل الحضارة ! وعصر الغروب لكل قبحٍ غربي وكل قوة بَنت عرشها على سفك الدماء والقادم، آت بما سيتحدث عنه العدو ذاته مُسلما مستسلما به، أما المنافقون فتعزيرهم آت ووزنهم لا يكاد يضاهي وزن قشة !