الثورة / هاشم الأهنومي (وكالات)
تمارس السلطات السعودية كل أشكال المخالفات القانونية والدولية بحق الإنسانية دون أي حساب أو عقاب بحق الكثير من المقيمين ومنهم الفلسطينيين، حيث كشفت وثائق مسربة عن اعتقالات وأحكام سجن للفلسطينيين المقيمين في السعودية طالت العشرات منهم وتضمنت محاكمات جائرة واحتجاز من دون صدور أحكام قضائية في حالات أخرى.
وأظهرت الوثائق التي نشرتها منظمة سند الحقوقية، أن السلطات السعودية شنت حملة اعتقالات واسعة استهدفت فيها عدداً من المقيمين الفلسطينيين في السعودية.
وقد بدأت الاعتقالات بشكل فردي خلال عام 2018، ثم تطورت لتصبح الاعتقالات بشكل جماعي منذ عام ٢٠١٩، بدءاً باعتقال الدكتور محمد الخضري، الذي كان يعمل ممثلاً رسمياً لحركة حماس في السعودية.
إذ داهمت قوة أمنية منزل الدكتور الخضري البالغ من العمر ٨٣ عاماً في منزله بمدينة جده صباح الرابع من ابريل عام ٢٠١٩ وقاموا باعتقاله واقتياده إلى مكان مجهول.
وفي وقت متأخر من نفس اليوم قاموا باعتقال ابنه الدكتور هاني وأخفيا هما قسرياً لأكثر من ستة أشهر.
وقد أفرج عن الدكتور محمد الخضري في أكتوبر من 2022 تحت ضغوط دولية وبعد إصابته بعدد من الأمراض الحرجة من بينها السرطان.
ثم توالت بعدها حملة الاعتقالات التي طالت العشرات من الفلسطينيين المقيمين في السعودية وقد رصدت سند اعتقال ٦٩ شخصية فلسطينية كانت مقيمة في السعودية بشكل قانوني .
وطالبت عدد من المنظمات الدولية والفصائل الفلسطينية من الحكومة السعودية إطلاق سراح جميع المعتقلين، مؤكدة أن استمرار اعتقال السعودية عشرات الفلسطينيين دون تهمة أو ذنب خطيئة وخرق للقوانين.
من جهتها لم تصدر الرياض أي تعقيب أو توضيح حول الأمر، لكنها تقول إن الموقوفين لديها تتعامل معهم المحاكم المختصة، وإنهم يتمتعون بكل حقوقهم التي كفلها لهم النظام.
انتهاكات جسيمة في السجون
وثقت سند تعرض عدد من المعتقلين الفلسطينيين إلى انتهاكات جسيمة داخل السجن تمثلت في نقلهم جميعاً من سجون متفرقة إلى سجن شعار وهو السجن الذي تنقل إليه السلطات السعودية من تريد الزيادة في تعذيبه وإهماله صحياً، وقد تم نقل الفلسطينيين المعتقلين في ظروف صحية وإنسانية مزرية إلى هذا السجن.
ومن أشكال التعذيب التي تعرضوا له، حسب ما وثقت سند في تقرير سابق حول سجن شعار، التعذيب في غرف مظلمة، حيث يتم ضرب المعتقل حتى يغمى عليه ثم يرش بالماء ليفُيق ثم يعاودون ضربه مرة أخرى.
كما يمارسون طريقة أخرى للتعذيب، وهي: ترك أضواء العنابر منارة دائماً ولا تُطفأ أبداً حتى وقت النوم، وقد ذكر شاهد عيان أن جميع ضباط السجن يتعاملون بلا رحمة وبكل قسوة وعنف وأنهم يتعمدون إيذاءهم نفسياً وبدنياً.
وكان المرصد الأورومتوسطي ذكر: أن المعتقلين الفلسطينيين تعرضوا للتعذيب وفق شهادات وثّقتها المنظمات الحقوقية، وأنهم يتعرضون لانتهاكات كثيرة ولا يحتجزون في ظروف ملائمة.
وأوضحت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا أنّ معظم المعتقلين قد تعرضوا على مدار أشهر للإخفاء القسري والإهانة والتعذيب وغيرها من ضروب المعاملة الوحشية وغير الآدمية.
كما جرت جلسات محاكماتهم السابقة دون تمكينهم من توكيل محامين للدفاع عنهم، إذ منعت السلطات السعودية محامين سعوديين من المرافعة عنهم أو حضور جلسات المحاكمة.
وقد اعتصم أهالي المعتقلين أمام سفارة السعودية في مدينة عمان الأردنية أكثر من مرة للمطالبة بالافراج عن ذويهم من المعتقلين داخل السعودية وقد أكدوا في وقفتهم الاعتصامية الأولى بتاريخ ١٢/٠٣/٢٠٢٠ أن “المعاناة من المرض والحاجة الدائمة للدواء والمتممات الغذائية تشعرنا بالقلق الدائم على حياة موقوفينا.
وأضافوا “ما زال يساورنا قلق بالغ إزاء حالة التوقيف في المملكة العربية السعودية، ولا سيما عمليات الاحتجاز التعسفي المستمر منذ بداية شهر إبريل 2019 والانتهاكات الجسيمة والمستمرة بحقهم من خلال الاحتجاز والتعذيب.
وترتقي عمليات التوقيف منذ شهر ابريل 2019، وفق التقييم الحقوقي، على أنها عمليات إخفاء قسري لبعض الحالات، وأن عمليات أخرى هي عمليات توقيف تعسفي بما يتعارض مع الشرعية الدولية لحقوق الإنسان، سيما العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام 1966.
مظلومية في المحاكم
شرعت الحكومة السعودية في محاكمة عدد من المعتقلين الفلسطينيين مطلع شهر مارس عام ٢٠٢١ بعد نقلهم جميعا إلي سجن “شعار” بمدينة أبها جنوب غرب السعودية إلا أن هذه المحاكمات تفتقر لأبسط الإجراءات القانونية فهي سرية ولم يسمح إلا لبعض المعتقلين بتوكيل محامين للترافع، فضلا عن المماطلة المستمرة وتأجيل الجلسات بدون مبرر.
وقد حذّرت منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية من أن المحاكمة الجماعية التي تنظمها السلطات السعودية بحق عشرات المعتقلين الفلسطينيين والأردنيين المقيمين على أراضيها، تثير مخاوف خطيرة من حصول انتهاكات في إجراءاتها القانونية.
وقالت المنظمة في بيان لها إنه بعد عامين من احتجاز هؤلاء المعتقلين دون تهمة، بدأت محاكمات سرية بناء على ادعاءات غامضة تتعلق بصلاتهم مع “كيان إرهابي” لم يُكشف عن اسمه.
وأضافت أن سجل السعودية الطويل في مجال “المحاكمات الجائرة” يثير الشكوك بأن المعتقلين سيواجهون تهماً ملفقة وخطيرة وعقوبات قاسية.
وأكدت منظمة “سند” أن اعتقالهم لم يتم وفق إجراء قانوني أو أمر قضائي وترفض ما تعرضوا له أثناء الاعتقال من تعذيب جسدي ونفسي أكدته كثير من المنظمات الحقوقية والمهتمين بالشأن الحقوقي السعودي.
فقد تعرضوا للاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والحبس الانفرادي والحرمان من التواصل مع ذويهم أو السماح لهم بتوكيل محامي فضلاً عن ما يتعرضون له في الآونة الأخيرة من إهمال طبي متعمّد ومحاكمة هزلية تفتقر لأقل المعايير القانونية.
فضائح لائحة الدعوى
وحصلت سند على وثائق رسمية تثبت إصدار القضاء السعودي عدداً من الأحكام ضد عدد من هؤلاء المعتقلين، وكان من الواضح في هذه الوثائق أن هذه الأحكام الصادرة تستند على تهم فضفاضة لا ترقى لحد الإدانة، منها:
١– اتهامهم بالانتماء إلى كيان إهابي، لكن في عدد من جلسات المحاكمة طلب المحامي من المدعي العام الإفصاح عن اسم الكيان الإرهابي المذكور في لائحة الدعوى، إلا أنه امتنع عن ذكر اسم الكيان متذرعاً بنظام مكافحة جرائم الإرهاب.
وتم تكرار السؤال عليه في أكثر من جلسة وتم التأكيد عليه أن أي كيان لابد أن يحمل اسماً وصفةً، وذكر المحامي أن عدم ذكر المدعي العام اسم الكيان ينفي الدعوى ويسقط التهم على الجميع لأن اسم الكيان الوارد في محضر التحقيق هو ( حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية حماس ) والحركة غير محظورة ولا مصنفة إرهابية في السعودية حسب الأمر السامي رقم أ/٤٤ وتاريخ ٣/٤/١٤٣٥ الذي ذكر الجماعات المحظورة والذي يؤكد أن كل كيان لابد أن يكون له اسم أو صفة يعرف بها حتى نعتبره إرهابيا.
٢– اعترافات المتهمين أثناء التحقيق والتي استندت عليها النيابة العامة في توجيه الاتهام لا تعدو كونها أقوال مرسلة ولا يوجد من القرائن المادية ما يدعمها والمتهم لم يعترف بها بنصها مع خلو كثير من الاتهامات من الأدلة المادية.
٣– تداول مقاطع وصور للمقاومة الفلسطينية، و حيازة شعارات حماس.
٤– حيازة كتاب تاريخ فلسطين المصوّر لطارق السويدان، وكتب للدكتور القرضاوي، وخرائط مدينة فلسطين.
وختمت منظمة سند أنه على الرغم من أن هذه الأحكام تستند إلى تهم زائفة، وأن إجراءات المحاكمة جرت بشكل غير قانوني، إلا أن السلطات السعودية لم تلتزم بها، ولا زالت تحتجز عددًا من المعتقلين رغم أنه لم يتم إدانتهم، وثبتت براءتهم بحكم المحكمة.
إضافةً إلى أن عددًا من المحكومين قد انتهت مدة محكومياتهم، ووفقًا للقانون السعودي يتوجب الإفراج عنهم، ومع ذلك، ما زالت الحكومة السعودية الحالية تحتجزهم، من جانبها.