الثورة / متابعات
مهما حاول العالم أن يطمس ضوء الشمس فلن يستطيع، وما يعانيه أهالي فلسطين بكافة تكويناتهم داخل قطاع غزة، أصبح حقيقة لا يمكن طمسها مهما حاولت الآلة الإعلامية الصهيونية حول العالم.
من يتابع التحركات الأمريكية الداعمة للصهاينة عسكريا ودبلوماسيا وسياسيا، تؤكد بأن المذابح التي يرتكبها العدو الصهيوني تتم برعاية الإدارة الأمريكية، وفي الوقت الذي توجه اتهاماتها نحو المقاومة بارتكاب جرائم قامت بها بحق العصابات اليهودية، تعلن مجاهرة دعمها ومساندتها لجرائم العدو الصهيوني.
قد يظن البعض أن الإدارة الأمريكية لا تعرف حقيقة الفظاعات الصهيونية، لكن الحقيقة أنها وكل المسؤولين فيها يعلمون كل شيء، لكنهم صهاينة يدعمون الكيان الصهيوني وجرائمه ومذابحه لأنهم صهاينة بالأساس، ولولا أمريكا لما كانت إسرائيل.
ورغم الانحياز الواضح للإعلام الغربي، إلا أن ما يجري في غزة بات صاعقاً للعالم كله، ولم يعد بمقدور الآلة الدعائية الغربية والأمريكية والصهيونية مجتمعة أن تخفي الفظائع والأهوال والمذابح، وهذا الأمر فرض نفسه حتى على الإعلام الأمريكي.
وعلى سبيل المثال، التقرير الذي نشرته الإذاعة الوطنية الأمريكية العامة «npr»، الذي تحدثت فيه عن الجرائم الصهيونية داخل غزة وهو التقرير الذي كان مضمونه هو «رائحة الدم تفوح في غزة»، حيث رصد جزء من الحقيقة التي تكشف المذابح والجرائم الصهيونية، بما يكفي لنسف الرواية التي يرددها المسؤولون الأمريكان، لترويج موقفهم من تلك الحرب ودعمها.
الأطباء يتحدثون .. الضرب للجميع والجنوب آمن أكذوبة
«رائحة الدماء في كل مكان»، هكذا نقلت الاذاعة الأمريكية عن الدكتور محمد مطر، رئيس قسم الأشعة في مستشفى الشفاء، أكبر مجمع طبي في قطاع غزة، والذي قال إنه لا توجد أسرة كافية لاستيعاب جميع المرضى، فمعظم الضحايا على الأرض.
وتابع لـNPR: «قبل بضع دقائق استقبلنا جثث زميلنا الدكتور محمد دبور، وهو استشاري علم الأمراض، وجميع أفراد عائلته، لقد تعرضوا لهجوم جوي بينما كان يحاول إجلاء عائلته إلى منطقة آمنة جنوب غزة، بناء على أوامر الإخلاء، التي تلقوها من الصهاينة».
ويقول مطر: إن هناك الكثير من الوفيات، واضطر المستشفى إلى تحويل جزء من وحدة العناية المركزة إلى مشرحة، وهناك عائلات بأكملها تقتل أو تصاب، لأنه من التقاليد في غزة أن يعيش الآباء والأطفال والإخوة والأخوات في نفس المبنى، وعندما يحدث قصف، يصل الأقارب الجرحى إلى المستشفى بشكل جماعي، ولكن للأسف الحجم الهائل للاحتياجات الطبية يفوق العدد الصغير والمنهك من الموظفين، وتلك كارثة مأساوية بين العاملين في مجال الصحة في غزة.
وتضيف: مع دخول الحرب يومها السابع والحصار الصهيوني الذي يعزل غزة عن بقية العالم، فإن الوضع الطبي لسكان غزة يائس بشكل متزايد، وحتى ما أعلنه الصهاينة عن ضرورة إخلاء سكان غزة من شمال القطاع في غضون 24 ساعة، يكذبه الواقع على الأرض وقصف من حاول الفرار، وهو ما يشكل نذيراً بفظائع أكثر حدة.
إسرائيل تنتقم من الأطفال والمدنيين
وحسب الاذاعة الأمريكية، شنت الكيان الصهيوني أول ضربة انتقامية له في غزة بعد عدة ساعات من عملية طوفان القدس في وقت مبكر من صباح السبت السابع من أكتوبر، وكان حصيلة الانتقام الصهيوني، أكثر من 2000 شهيد فلسطيني.
وشمل هذا الانتقام قتل الكثير من الأطفال والنساء، وكذلك استهداف منظومة الرعاية الصحية بكافة أشكالها من أطقم وعربات الإسعاف والمستشفيات، وحتى يوم الخميس، وثّقت منظمة الصحة العالمية ما لا يقل عن 34 هجومًا يتعلق بالرعاية الصحية (شمل العاملين الصحيين والمرافق وسيارات الإسعاف)، وحذرت من أن النظام الصحي في غزة على وشك الانهيار، وليلة الأربعاء، انفجرت قنابل بالقرب من مستشفى القدس، كما يقول نضال عابد، جراح العظام في وزارة الصحة في غزة.
وتابع: «المريض المصاب بجروح خطيرة بسبب المتفجرات، وإصابات متعددة في الرأس والصدر والبطن والأطراف».
الجثث تحت الأنقاض.. وحجة الصهاينة دليل إدانة
وحرصت الإذاعة الأمريكية على نقل تبرير الكيان الصهيوني لتلك الجرائم، والذي يحمل في حد ذاته اعترافاً بالجرائم لحجج واهية، حيث أفاد الكيان الصهيوني بأن حماس تخفي الأسلحة والجنود داخل المستشفيات والمرافق الصحية وبالقرب منها، مما يعقد هجماتها العسكرية، وهو ما اعتبرته اعتراف بتلك الجرائم التي لا يوجد لها مبرر، وذلك بافتراض حتى صحة الإدعاءات الصهيونية، وتقول الإذاعة نقلا عن الطواقم الطبية: «كل من نراهم يتم انتشالهم من تحت أنقاض منازلهم، وقد غطاهم الطين والحصى والبناء، وحتى الشظايا التي تخرجها من أجسادهم هي عبارة عن حجارة وزجاج ومواد بناء منزلية».
وأشارت إلى إطلاعها على العديد من المواد المصورة التي تظهر فضائح ما يحدث في قطاع غزة، والتي تظهر الأطفال والنساء وهم تحت الأنقاض».
جريمة متكملة الأركان.. أمريكا تعترف بقطع الماء والكهرباء
وكشفت الإذاعة الأمريكية للرأي العام الأمريكي الجريمة التي قام به الكيان الصهيوني، حيث قام بقطع الكهرباء عن غزة، وبالتالي فإن معظم الطاقة، بما في ذلك الطاقة المخصصة للمستشفيات، تأتي الآن من مولدات احتياطية تعمل بالديزل.
ويقول الدكتور أبو ستة: «إذا نفد ذلك، فإن المستشفيات ستظل مظلمة، لأنه لا توجد كهرباء، إنه سيناريو تحذر منظمة الصحة العالمية من أنه سيكون له آثار مدمرة على الفئات الأكثر ضعفاً – ليس فقط المصابين بجروح خطيرة ولكن المرضى في العناية المركزة والأطفال حديثي الولادة الذين يعتمدون على الحاضنات».
ويقول الدكتور عابد: «في الوقت الطبيعي دون تصعيد، نواجه صعوبات، كبيرة، مع هذا الوضع ومع وجود أعداد كبيرة من الجرحى، فإن القطاع الصحي على وشك الفشل، في الواقع».
ويقول بلال الدبور، طبيب الأعصاب السريري الذي كان يتابع المرضى خلال الأوقات الهادئة: «لقد كنت أتلقى مكالمات من مرضى يعانون، على سبيل المثال، من الصرع أو الاعتلال العصبي أو التصلب المتعدد أو السكتة الدماغية، والذين نفدت أدويتهم ويحتاجون إلى وصفة طبية».
لا توجد أدوية
وأوضح الدكتور بلال، أن الكثير من الصيدليات مغلقة الآن، أما المعابر التي ظلت مفتوحة، فهي خالية عمليًا بسبب قطع جميع الإمدادات عن غزة، بما في ذلك الأدوية. المرضى غير القادرين على الاستمرار في تناول الأدوية لهذه الحالات يمكن أن يعانون من الألم والنوبات، تابع: «إن الحل الأفضل هو وقف الصراع على الفور، ولكنني أدرك أن هذا هو في أيدي السياسيين»، فيما دعت منظمة الصحة العالمية والملك عبد الله الثاني، عاهل الأردن، إلى إنشاء ممر إنساني على الفور لتوصيل الغذاء والماء والإمدادات الطبية التي تشتد الحاجة إليها إلى الفلسطينيين داخل غزة الذين تم عزلهم بسبب الحصار المطلق. (في السابق، منذ عام 2007، كانت غزة تحت حصار جزئي من قبل كل من إسرائيل).
أمريكا تحول غزة إلى مقبرة
ويقول الدكتور مدحت عباس، مدير عام وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، إن الحاجز يفاقم الأزمة، ويجعل غزة مقبرة جماعية، حيث لا توجد طريقة للحصول على وقود إضافي من الخارج، ولا توجد طريقة للحصول على الغذاء، لذا فإن ما نحتاجه الآن هو ممر إنساني لنقل المرضى إلى الخارج، وإحضار الطواقم الطبية من الخارج، والمساعدة الطبية، وفتح الحدود للوقود وإعادة الكهرباء إلى قطاع غزة على الفور».
وتوضح الإذاعة الأمريكية، أنه بدون مساعدة خارجية، يخشى الكثيرون استمرار معاناة الحصار، وتحدثت عن محاولات الصهاينة إجبار سكان غزة على التهجير،، وقالت إن التهجير سيكون كارثيًا بالنسبة للمرضى والعاملين الصحيين وغيرهم من المدنيين الذين تركوا وراءهم أو محاصرين في الحركة الجماهيرية.
وأكدت بأن الإدارة الامريكية ترعى كل هذه الفظائع والمذابح، وأن رائح الدم التي تفوح من غزة يظهر فيها دور بايدن بكل وضوح.