سياسيون : الأقاليم تتيح المشاركة الشعبية في صنع القرار وتحقيق نهضة خدمية وتنموية

يعد النظام الفيدرالي من أنجع أنظمة الحكم فاعلية في تحقيق العدالة والمساواة بين مختلف مناطق البلد الواحد كونه يعتمد في الأساس على تحقيق مبدأ الشراكة في السلطة والثروة بين المركز والأقاليم إلى جانب انه يسهم بشكل كبير في إشراك المجتمع المحلي في صنع القرار من خلال وضع الخطط والاستراتيجيات الخاصة بإدارة البلاد كما أن للنظام الفيدرالي دورا كبيرا في خلق التنافس الخلاق بين الأقاليم في مختلف مجالات التنمية .

( إذابة الدعوات المناطقية )
الدكتور/ إبراهيم الشامي وكيل محافظة حجة قال : إن احتفالات بلادنا بالعيد الوطني هذا العام تأتي بنكهة أخرى خاصة بعد أن تم إقرار النظام الاتحادي كنظام إداري للبلد والذي يعد أهم مخرجات مؤتمر الحوار الوطني كما أن هذه المناسبة تتزامن مع صياغة الدستور الاتحادي .
وأكد الدكتور الشامي أن النظام الاتحادي القائم على اللامركزية المالية والإدارية هو الكفيل بتحقيق الشراكة الواسعة في السلطة والثروة وخلق روح التنافس الايجابي الفعال بين الأقاليم المختلفة والذي سيشكل رافدا وطنيا مهما معتبرا أن النظام الاتحادي هو حلقة إدارية ستربط بين السلطة المحلية والدولة المركزية وسيجدد الوحدة الوطنية وذلك بإذابة كل الدعوات المناطقية التي كانت تأتي باسم المظلومية والحرمان والتهميش , إذ أنه لن يكون هنالك مجال لمثل هكذا دعوات في ظل نظام اتحادي قائم على الأقاليم يتحمل أبناء كل إقليم مسؤولياتهم الكاملة في قيادة وبناء وتنمية الإقليم وهو ما سيسهم في فتح الباب واسعا أمام لتحقيق شراكة واسعة في السلطة والثروة التي كانت تذهب الى المركز ويحرم منها أبناء الأقاليم أو المناطق البعيدة والنائية .
( شائعات مشبوهة )
وبارك الدكتور إبراهيم الشامي للوطن هذا التحول نحو اللامركزية المالية والإدارية محذرا بهذا الصدد من الدعوات والشائعات المشبوهة التي تروج بأن الأقاليم هي تمزيق للوطن أو إقامة دويلات فيما الواقع عكس ذلك تماما لأننا بصدد لامركزية مالية وإدارية لا سياسية وهذه اللامركزية تحت راية الجمهورية اليمنية ووحدة اليمن أرضا وإنسانا.. مشيرا إلى أن الذي كاد يصيب جسد الوحدة اليمنية بمقتل هو المركزية الشديدة التي أفرزت نتوءات ودعوات مناطقية وشكاوى من الظلم والحرمان والتهميش .
وأضاف الدكتور إبراهيم الشامي: علينا أن ننظر إلى هذه التجربة بتفاؤل وأن نتعاطى معها بإيجابية مشيرا إلى أن كثيراٍ من دول العالم التي انتهجت هذا النهج هي دول وأنظمة ناجحة في كافة المجالات .
( تحقيق التنمية)
من جانبه يرى الأخ/ مرشد البريهي نائب مدير عام التخطيط بالهيئة العامة للآثار أن النظام الفيدرالي يمكن أن يساعد بشكل كبير في تحقيق العدالة والتنمية الشاملة المتوازنة بين الأقاليم من خلال التغلب على المشاكل ومساوئ المركزية الشديدة المتمثلة في الظلم والتهميش للأطراف والأقاليم فيما يستأثر المركز بمعظم موارد الدولة .
ويضيف البريهي: إن النظام الفيدرالي سيسهم في إزالة الحساسيات والنعرات المناطقية بين الأقاليم ومكونات البلد الواحد وصراعاتها الخفية والظاهرة على السلطة والثروة مؤكدا أن تطبيق النظام الفيدرالي في اليمن ستكون له ثمار ايجابية كثيرة أهمها حماية الوحدة الوطنية وتحقيق العدالة لكافة المناطق والأقاليم وتحميل سكانها مسؤولياتهم السياسية والإدارية عن تطوير أنفسهم وتنمية مناطقهم بأنفسهم بدلا من توجيه اللائمة للآخرين ويشير البريهي إلى أن تحقيق العدالة والتنمية الشاملة المتوازنة في ظل النظام الفيدرالي من شأنها أن تقلل من الثورات والتمردات في الأقاليم ضد سياسات المركز – وهي ظواهر تتكرر عند غياب العدل لأن جميع السكان في ظل الفيدرالية سيشعرون بأنهم مشاركون في حكم وإدارة بلدهم وبالتالي فإنهم شركاء في نجاحاته أو اخفاقاته كما أن مشاركة السكان المحليين في الحكم والإدارة وشعورهم بالاستقلالية يعزز من فرص التنمية الشاملة لبلدهم نظرا لأن خطط التنمية تصعد من القاعدة إلى المركز وليس العكس .
ويستطرد البريهي في حديثه عن دور النظام الفيدرالي في تحقيق العدالة والتنمية الشاملة بين الأقاليم : في ظل الفيدرالية المبنية على الأقاليم تتعزز الرغبة لدى الأقاليم في رفع كفاءة الحكم والإدارة والاقتصاد في الدولة من خلال الاستفادة من مبادئ وآليات النظام الفيدرالي الفعالة والناجحة باعتباره من أفضل وأقوى أنظمة الحكم اللامركزية وأكثرها كفاءة وفاعلية .
( تلبية احتياجات المجتمع )
من جهته يقول الكاتب والباحث السياسي/ محمد عبد الرقيب نعمان: إن النظام الفيدرالي هو أحد أشكال الأنظمة السياسية التي تدار بها الدولة وينشأ لضرورة ناتجة عن عجز وعدم قدرة الأشكال السياسية الأخرى تلبية احتياجات المجتمع الأساسية والارتقاء بأفراده وإبراز قدراتهم وإمكانياتهم واستغلال مقدرات وموارد الدولة لتحقيق النمو الاقتصادي وما يرافقه من نهضة اقتصادية وتعليمية والتي بدورها تسهم في تحريك عجلة التطور.
ويشير الباحث / نعمان إلى أن ما يؤخذ على النظام الفيدرالي هو أن اليمنيين لم تتراكم لديهم خبرة كافية لتطبيق مثل هكذا نظام وان كان هذا لا يعد مانعاٍ من تطبيقه ولكن ينبغي التثقيف على هذا الأساس وبيان آلية العلاقة بين السلطة المركزية والسلطات المحلية º ليكون المواطن على بينة بنمط نظام الحكم الذي سيعيش في كنفه منوها بأن هناك من يستقون معرفتهم عن الفيدرالية من الزعماء الدينيين أو من الإعلام الموجه والإعلام العربي وكلا المصدرين يرسمان الفيدرالية كفكرة غربية خطرة تهدف إلى تقسيم اليمن وإضعافه.. وفي بعض الأحيان توصف الفيدرالية بمؤامرة لانفصال الجنوب الغني بالنفط . في الوقت ذاته يرى الكثير أن الفيدرالية شرط أساسي لحماية الحقوق وضمان الحريات وأن 40% من أقوى دول العالم المتحضر تعتمد نظام الحكم الفيدرالي., ويأمل الكثير من اليمنيين العمل بهذا المنهج الفيدرالي في المستقبل كنظام حكم في اليمن , وتكمن أهميتها كمنهاج مناسب يحقق الوصول بالوطن إلى المستويات العالية المطلوبة من الرقي والتقدم وإشاعة مفاهيم الحرية والتغيير ومعايشة الديمقراطية , والتوجه الجاد نحو بناء اليمن الجديد بعد عقود طويلة من الاستبداد .
( نظام شامل )
ويضيف نعمان في ورقة عمل بعنوان (رؤية عامة حول الفيدرالية وضرورتها لقيام الدولة المدنية في اليمن): إن الفيدرالية ليست مجموعة مواد تسطر في الدستور أو القانون الأعلى لأية دولة من الدول التي اختطت النهج الفيدرالي إنما هي نظام شامل للحياة ينعكس على كافة مرافق الدولة والمجتمع على السواء فهي ــ ابتداءٍ ــ رؤية واقعية يسهم فيها المجتمع عن قناعة أن الدولة التي تريد تطبيق هذا النظام لابد أن تركز هذه المفاهيم في الدستور أولاٍ كونه الإطار القانوني العام وأنه الرؤية التي تعتمد الاقتصاد كأساس للحياة السياسية الاجتماعية التربوية الثقافية القانونية لهذا المنهج. القائم على قاعدة الأرض والإنسان كما ان اعتبار الإنسان محور وأساس التنمية في جميع أشكال الأنظمة السياسية لا يكون مجديا إن لم يعط حقه من المواطنة الحقيقية المتمثلة بالشراكة في السلطة والثروة كمعيار للعدالة والمساواة.
(إيجابيات الفيدرالية)
ويستطرد الباحث محمد عبدالرقيب نعمان : إن اعتماد نظام الحكم الفيدرالي يكفل الحلول لكل المشاكل والأزمات المتعاقبة التي تواجهها اليمن اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا وثقافيا.. وتحقيق مبدأ الولاء الوطني والانتماء والانطلاق من الجزء إلى الكل في نطاق متكامل يلبي سبل العيش الكريم والقضاء على المركزية المقيتة التي يعاني منها اليمنيون منذ قرون وتوفر سبلاٍ مثلى لتحقيق التنمية الشاملة بطرق أكثر رشدا وكفاءة الإمكانيات والموارد وتشغيلها وفقا لمعايير يحددها بنفسه عن طريق ممارسة الحكم الذي يساهم المواطن البسيط بتحديده ومراقبة أدائه وتقييمه وفقا للمعايير المتفق عليها سلفا حيث ينوع المجتمع اليمني بجملة من الأشكال الاجتماعية المختلفة باختلاف الأعراف والتقاليد وطرق العيش.
ويستعرض الباحث بعضاٍ من ايجابيات النظام الفيدرالي وأهمها إعادة تشكيل الخارطة السياسية والعمل الحزبي وإزالة التباين والاختلال في التركيبة الاجتماعية وتأهيل الأرض واعمارها والاستفادة من خيراتها وتحقيق المواطنة المتساوية من خلال المشاركة في إدارة الأقاليم والاستفادة من الخيرات لما يعود بالمنفعة لأبناء الأقاليم وكذا تحقيق نهضة تعليمية والارتقاء بمستوى الكفاءات وتتنوع الاختصاصات تبعاٍ للاحتياج واستغلال الكفاءات والقدرات لبناء الوطن واعتمادها كمعيار لإدارة الدولة ويفسح المجال لكل فئة إظهار خصوصياتها والعمل بها دون التضارب مع الآخرين وخلق التنافس بين أبناء الأقاليم للنهوض بالمستوى الاقتصادي والتجاري وكافة المستويات معتبرا أن هذا النظام سيفسح المجال للاتحاد الاختياري بشروط متكافئة قائمة على التكامل الاقتصادي بين الأقاليم وهو الأمثل لحل الكثير من المشاكل والقضايا العالقة بما في ذلك ما يسمى بالقضية الجنوبية كما أن سيطرة الحكومة الاتحادية على المصالح العامة وترك المسائل المحلية لتحلها المناطق المحلية نفسها تؤدي إلى قوة ناتجة عن الترابط بين الأجزاء الناتجة عن التفاعل بين هذه الأجزاء فاتباع الأقاليم لسياسة موحدة في كل من الشؤون الخارجية والقضايا الوطنية العامة مقابل وجود حرية تشريع قوانين ملائمة وخاصة لكل إقليم حسب ظروف كل وحدة يفسح المجال لحل المشكلات على أساس الحاجة المحلية مقدماٍ الأهم على المهم كما يسمح اتباع النظام الفيدرالي للأقاليم بإجراء تجاربها وسياساتها الخاصة التي ترتأيها مناسبة لها على نطاق محلي والتي ربما ستكون خطرة لو طبقت على الصعيد الوطني ومنع حدوث ما يهدد كيان الدولة من جراء المنازعات التي قد تنشب بين المكونات والنزاعات المختلفة في الدولة.

قد يعجبك ايضا