يحتفل اليمنيون هذه الأيام بحلول الذكرى التاسعة لثورة 21 سبتمبر، التي تتزامن مع دخول العدوان السعودي الإماراتي الأمريكي على بلادنا عامه التاسع.
تسع سنوات على ثورة أحرار اليمن ضد الوصاية الخارجية والهيمنة، تسع سنوات على ثورة أفشلت مخططات التقسيم ومشاريع التفكيك والتفتيت.
اليوم يحتفي الشعب اليمني بتحرر القرار السياسي اليمني من التبعية السعودية، تسع سنوات من ثورة شعب عظيم انتفض ضد مافيا الفساد التي كانت تتحكم بكل مفاصل الدولة، وتنهب الثروات وتزرع الثأرات.
في 21 سبتمبر 2014م، خرج شرفاء الشعب اليمني ينشدون الحرية والحياة الكريمة، في ثورة أزعجت الشيطان الأكبر(أمريكا)، وأرعبت مملكة آل سعود (قرن الشيطان).. لتشتعل المؤامرات وتوظف الإمكانيات للتآمر على شعب اليمن العظيم.الثورة/ محمد شرف
المؤامرات والخطط الناعمة
بدأت قوى العدوان في التنفيذ العملي لمشروعها على الأرض اليمنية، فنجحت في اختراق ثورة 11 فبراير 2011م وتحويلها إلى ازمة بين طرفي الحكم، وكلاهما من حلفائها، وكانت المبادرة الخليجية هي الحل لإنهاء” أزمة الحليفين” وإعادة تقسيم السلطة بينهما، فكانت مبادرة ملغومة بامتياز أنتجها النظام السعودي.
فقد كانت قوى العدوان ترى أن عملياتها السياسية التي أطلقتها، ستضمن لها تفتيت البلاد بتوافق اليمنيين بل من خلال شرعنة ذلك في الدستور، ما يضمن لها السيطرة على مقدرات وثروات وجغرافية اليمن دون أي خسائر.
قدمت مؤسسات الملياردير الأمريكي المتصهين” جورج سورس” الدعم اللوجستي لرعاية مؤتمر الحوار الوطني، ورسمت خريطة اليمن الاتحادي والأقاليم في السفارة الأمريكية بصنعاء، وتكفل مشروع الدستور بتوفير الشرعية والقانونية لأي نزاعات مناطقية أو قبلية، حيث جرى صياغة مشروع الدستور وكأن اليمن أرض لشعوب وأقوام متعددة.
فالمادة السادسة من مشروع الدستور (سيئ الصيت)، أعطت الحق لأي” محافظة أو إقليم” بتقرير مصيره السياسي” وفقا لوثيقة العهد الدولية التي صادقت عليها اليمن” كما نصت المادة الثانية على ضرورة اهتمام الدولة بـ ” اللغتين، السقطرية والمهرية” في مسعى لتكريس وعي بأن أبناء المهرة وسقطرى شعوب مختلفة لا تنتمي إلى اليمن وهذا يفسر ما يمارسونه حالياً من غزو واحتلال لهما.
الأمر لا يقتصر على خطورة تلك المادتين، فهناك الكثير من المواد التي تضمنها مشروع الدستور ووثيقة الضمانات في مخرجات الحوار.
لقد أظهرت جماعة أنصار الله إرادة حاسمة في رفض مشروع الأقاليم الستة، المشروع الذي خرج من عباءة القائمين على كتابة مسودة الدستور الجديد (سيئ الصيت)، حيث رفض مكون جماعة انصار الله في لجنة كتابة الدستور توقيع المسودة النهائية للدستور التي تنص على تقسيم اليمن إلى ستة أقاليم، بعد ارتكاب الفار هادي مخالفات وتجاوزات جسيمة استهلها بتعيين نفسه رئيساً للهيئة الوطنية للرقابة على مخرجات الحوار الوطني لتمرير الدستور وفقا لهواه ولرغبات النظام السعودي الذي أنتج المبادرة الخليجية، فانسحب ممثلو أنصار الله من الهيئة الوطنية للإشراف والرقابة على تنفيذ مخرجات الحوار التي شكَّلها الفار هادي في 24 من أبريل 2014م احتجاجاً على التجاوزات والمخالفات الساعية لتمرير مسودة الدستور.
واعتبر ممثلو أنصار الله في بيان صادر عنهم – حينها- أن الهيئة تسعى لتمرير مخالفات وتجاوزات واضحة في عملية انقلاب صريحة على اتفاق السلم والشراكة الوطنية الذي أكد على تصحيح الاختلالات في تشكيل وإنشاء الهيئة الوطنية بما يعيد لها الدور الحقيقي المنوط بها وفق مخرجات مؤتمر الحوار الوطني وبما يمكنها من القيام بمهامها بصورة سليمة.
ومن نقاط التجاوزات والمخالفات في أعمال الهيئة إقدامها على استلام مسودة الدستور قبل جاهزيتها، وتجاوزها مرجعيات العملية السياسية، حيث نصت على الستة الأقاليم في مخالفة صارخة لوثيقة السلم والشراكة وتحديداً بندها العاشر الذي نص على: أن “تعمل الهيئة الوطنية عبر الإشراف على لجنة صياغة الدستورّ- ضمن قضايا أخرى- على معالجة قضية شكل الدولة بطريقة تلتزم بمخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل” هذا بالإضافة إلى بعض الاختلالات الأخرى.
فقد حاول أحمد عوض بن مبارك كأمين عام لمؤتمر الحوار أن يذهب إلى هادي للتوقيع على الرؤية النهائية لمخرجات مؤتمر الحوار قبل التوافق عليها ومحاولة فرض واقع يمني لا يلبي طموحات أبناء اليمن ولا أهداف ثورة فبراير، حينها تحرك الشعب اليمني بقيادة أنصار الله وعملوا على إجهاض تلك المؤامرة التي تستهدف اليمن أرضا وإنسانا ووحدة.
حيث تصاعد الحراك الشعبي الرافض لسياسات حكومة باسندوة وفشلها في إدارة البلاد وانتشار الفساد واختلال الوضع الأمني واغتيال كثير من الكوادر القيادية مدنية وعسكرية وعجزها عن الوفاء ببرنامجها وتعهداتها، ما أدى إلى تزايد الأزمة الاقتصادية وفرض جرع اقتصادية قاتلة وغير مدروسة، الأمر الذي أدى إلى احتشاد الجماهير في العاصمة صنعاء ومداخلها، مطالبين بإلغاء الجرعة وإقالة الحكومة ومحاسبة الفاسدين.
قدمت حكومة باسندوة استقالتها، لتشهد البلاد حوارا بين المكونات السياسية، أفضى إلى التوقيع على اتفاق السلم والشراكة وتشكيل حكومة خالد بحاح لإدارة الدولة، على أن تستمر القوى السياسية في الحوار حول القضايا المختلف بشأنها ومنها شكل الدولة ودستورها ونظام الحكم.
أدركت القوى الخارجية المعادية للثورة وأدواتها في الداخل أن مشاريعها وخططها ستفشل في حال وصول أبناء اليمن إلى اتفاق وطني جامع شامل، فبادرت تلك القوى إلى افتعال الأزمات ومحاولة تعطيل الحوار الذي أوشك على الاستكمال برعاية ممثل الأمين العام للأمم المتحدة جمال بنعمر، وبادرت حكومة بحاح إلى تقديم استقالتها وقدم هادي استقالته كمؤامرة لإرباك المشهد السياسي لإيجاد واقع فوضوي في الساحة اليمنية ينهي اتفاق السِّلم والشراكة الذي أتت به ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر والموقع من كل الأطراف السياسية.
ثم بدأت دول الاستكبار العالمي وأدواتها في المنطقة وفي مقدمتها النظام السعودي بفرض عزلة سياسية على اليمن من خلال سحب السفارات من صنعاء ونقلها إلى عدن لتكتمل الصورة بتقديم هادي استقالته وهروبه وبعض أعضاء الحكومة المستقيلة إلى عدن وإعلان عدن عاصمة مؤقتة لليمن.
عندما أيقنت دول العدوان فشل مخططاتها في تفكيك اليمن بعد محاولاتها المستميتة من خلال البوابة السياسية، عمدت إلى تنفيذ سلسلة من أعمال الاغتيالات والتفجيرات التي استهدفت قيادات جماعة أنصار الله والسلم الأهلي والاجتماعي، لم تسلم منها حتى المساجد.
العدوان يُعلن الحرب لفرض التقسيم بالقوة
عندما فشل تحالف العدوان في فرض التقسيم عبر وسائله الناعمة، أعلن عدوانه على اليمن، فجر الخميس 26 مارس 2015م، وكان الهدف هو تنفيذ مخطط قوى العدوان في فرض مشروع تقسيم اليمن بالقوة بعد أن فشلت محاولاته المستميتة في تمريره من خلال عملائه من مرتزقة الداخل.
على مدى سنوات العدوان، عمل التحالف السعودي- الإماراتي على تشكيل قوات عسكرية بمسميات وتفرعات مناطقية، وأخرى سياسية خارجة عن سلطة الفار هادي، وبحسب تقرير صادر عن لجنة الخبراء التابعة للأمم المتحدة، فقد عملت دول العدوان على تأسيس دويلات داخل الدولة اليمنية.
سياسيا؛ أنشأت أبو ظبي ما يُسمى (المجلس الانتقالي الجنوبي) بنزعة انفصالية بحتة، أما عسكريا؛ فأوجدت قوات الحزام الأمني بعدن والنخبة الحضرمية في حضرموت والنخبة الشبوانية في شبو والنخبة المهرية في المهرة والنخبة السقطرية في سقطرى وقوات المقاومة الجنوبية والمقاومة التهامية، ودعمت كتائب أبو العباس في تعز وسعت لإنشاء حزام أمنى هناك.
فقد بلغ المخطط السعودي – الإماراتي في اليمن ذروته؛ حيث تحولت مؤشرات المخطط إلى إنشاء كيانات مسلحة ذات عقيدة انفصالية، تضمن نجاح مخططات دول العدوان في مشاريع تقسيمية تخدم المصالح الصهيوأمريكية العليا، تتقاسم فيه الإمارات والسعودية الغنائم عبر وكلاء لهما على الأرض.
قامت السعودية والإمارات بعمليات تسليح وتجنيد واسعة في المحافظات الجنوبية، قاتلوا جميعهم ضد قوات الجيش واللجان الشعبية، ووصلت إلى الحدود “الشطرية” مع الشمال وتوقفت هناك دون تحرك.
كما أنشأت أبو ظبي ميليشيات محلية تصل إلى أكثر من 150 ألف مقاتل، إضافة إلى هيئات متعددة، تُطالب بالانفصال عن الشمال، أبرزها المجلس الانتقالي الجنوبي الذي تأسس في 2017م، بدعم من الإمارات والذي تنضوي تحته ميليشيات شبه عسكرية، أبرزها الحزام الأمني بعدن الذي يصل عدد قواته إلى نحو 30 ألف جندي في عدن وحدها.
كما توجد قوات تابعة للإمارات مناظرة للحزام الأمني بنفس التسمية في “الضالع ولحج وأبين” وبمسميات أخرى مثل النخبة في “شبوة وحضرموت”، بالإضافة إلى محاولاتها إنشاء قوات تابعة لدول العدوان في الساحل الغربي ومحاولة فصل المخا عن مدينة تعز.
وشكَّل سقوط مدينة عدن، بأيدي الميليشيات المحسوبة على أبو ظبي، حلقة من مخطط سعودي ـ إماراتي يؤسّس لجولات من الاقتتال الأهلي، ويستهدف إعادة البلاد إلى ما قبل 1990م (قبل الدخول في الوحدة).
وشهدت مدينتا عدن ولحج من خلال ميليشيات «الحزام الأمني» الموالية للإمارات، عمليات تهجير وترحيل واسعة للسكان من المحافظات الشمالية، وهو ما اعتبره مراقبون أساليب تعكس رغبة أطراف سياسية وقوى إقليمية في تعميق الفجوة المجتمعية بين أبناء الجنوب والشمال وتمرير مشاريعها الصغيرة في تمزيق اليمن الموحد، كما لم يسلم المسافرون في الضالع ومارب وعدن من الانتهاكات والجرائم الجسيمة من قبل مليشيات الرياض وأبو ظبي.
ثورة 21 سبتمبر.. إحباط مشاريع الهيمنة
كانت اليمن عبارة عن حديقة خلفية لبعض الدول الإقليمية التي توفر هي الأخرى الأرضية المناسبة للتدخلات الأمريكية في الشؤون اليمنية.
فالأنظمة التي تعاقبت بعد 26 سبتمبر 1962 م، كانت مجرد تابع وملحق لقوى إقليمية.
جاءت ثورات ما يسمى بالربيع العربي في العام 2011م بعد ست حروب شنها نظام علي صالح وعلي محسن الأحمر على النهضة الثقافية والفكرية التي دشنها السيد حسين بدر الدين الحوثي منطلقا من محافظة صعدة..
ست حروب بدأت عسكريا في العام 2004م وانتهت في العام 2009م مني خلالها النظام بهزائم منكرة.. في هذا التوقيت أي في العام 2011م بداية ثورة الشباب السلمية بصنعاء كان أنصار الله وطبيعة الأحداث التي شهدتها صعدة قد كسروا حاجز التعتيم المضروب على أنصار الله بشكل نسبي بالإضافة إلى وصول كافة اليمنيين إلى قناعة مفادها فساد النظام وسوء إدارته للبلاد..
ووفقا لورقة (مخاضات ثورة 21 سبتمبر وأبرز مكاسبها)، قدمها الكاتب حميد رزق في ندوة معهد الدراسات الدولية ببيروت؛ فقد وفرت ثورة فبراير 2011م فرصة لأنصار الله للولوج إلى ساحة جديدة من ساحات النضال، أنها ساحة النضال السلمي التي كانت محرمة ومجرمة عليهم بفعل العدوان العسكري.. فاختلط أنصار الله بمختلف قطاعات المجتمع وتياراته وتم التعريف أكثر بحقيقة المشروع الفكري والثقافي لأنصار الله الذين كانوا النموذج الأبرز لمظلومية الشعب اليمني بأسره الذي بدأ في رحلة التعرف والتوحد مع مشروع أنصار الله باعتبارهم نواة الثورة الحقيقية ورافعتها بعد فشل الرهان على الأحزاب السياسية التي حصنت الرئيس السابق وعادت لتقاسم السلطة معه من جديد تحت مظلة المبادرة الخليجية.
وإزاء تنامي المد الثوري الحقيقي خارج سيطرة الإخوان، بدأت الدول الإقليمية تقلق وذهبت نحو إقرار المبادرة الخليجية التي هدفت في حقيقتها إلى ملء الفراغ الذي خلفه انقسام النظام على نفسه خوفا من نفاذ الثورة الشعبية الحقيقية من شرخ الانقسام الحاصل في جسد السلطة المرتهنة بطرفيها.. وكان هدف المبادرة الخليجية تسليم الإخوان المسلمين السلطة في اليمن بشكل تدريجي بالتوازي مع الحفاظ على نظام صالح ومنحه الحصانة كخط رجعة في حال لم ينجحوا في تحقيق الأهداف المرسومة.
وبالنسبة لواشنطن فإن ما كشفته الأحداث في اليمن خاصة بعد 11 فبراير (ثورة الشباب 2011م) يؤكد أن الأمريكان لم يعودوا مقتنعين بالوصاية والتدخلات التي كانوا يمارسونها في عهد نظام صالح.. والذي اتضح لاحقا أن الأمريكان كانوا يبحثون عن حضور عسكري وأمني وسياسي في اليمن أقوى من ذي قبل، وهذا لا يتأتى من دون مفهوم الفوضى الخلاقة التي وفرها لهم صراع النظام المنقسم على نفسه فصار السفير الأمريكي هو الحاكم الحقيقي في صنعاء وطائرات أمريكا تجوب سماء اليمن طولا وعرضا تقتل من تشاء متى تشاء بمزاعم ملاحقة القاعدة وشرعت في إنشاء قواعد عسكرية في بعض المحافظات الجنوبية، كما حولت منطقة شيراتون التي تتواجد فيها السفارة الأمريكية بصنعاء، حولت هذه المنطقة إلى ما يشبه القاعدة العسكرية واستقدمت المزيد من جنود المارينز بمزاعم حماية السفارة .
في ظل نظام المبادرة الخليجية وحكومة الوفاق أو ما يسمى بسلطة التقاسم والمحاصصة والتي استمرت زهاء ثلاثة أعوام (تشكلت في نهاية 2011م واستمرت حتى 21 من سبتمبر 2014م)، تدهورت كل مجالات الحياة في اليمن وبدت الأمور كأنها (تركبت بهذه الطريقة) من اجل الذهاب نحو الأسوأ وليس العكس وبدت اليمن وكأنها تتجه نحو السيناريو الليبي أو الصومالي.
الاغتيالات كانت تطال في ظل حكومة المبادرة الخليجية بشكل شبه يومي الكفاءات والشخصيات الوطنية لاسيما في المجال العسكري والأمني.
زيادة الأسعار وتراجع مستوى الحياة المعيشية للغالبية من المواطنين والعودة إلى سياسة إقرار الجرع السعرية المفروضة من قبل البنك الدولي بنسب مرتفعة وجائرة بل وقاتلة للقطاعات الفقيرة ومتوسطة الدخل يترافق ذلك مع اختلاق وافتعال المزيد من الأزمات المعيشية والاقتصادية والخدماتية، مثل غياب وضرب الكهرباء وإعدام أو إخفاء المشتقات النفطية، في سياق سياسة عقابية مدروسة هدفها كسر إرادة الرفض للفساد والتي تمثلت في المسيرات الثورية السلمية التي استمرت في عدد من المحافظات منذ العام 2011م حتى انتصار ثورة 21 سبتمبر 2014م.
في ظل حكومة المحاصصة والمبادرة الخليجية تزايد حجم الفساد الذي أصبح مؤسسيا يلتهم كل مقدرات البلد.
تقاسم المناصب بدءا بالوظائف الكبيرة، نزولا إلى المستوى الأدنى بين الشركاء الفاسدين وتغييب الشعب وهمومه بشكل كامل.
توسع تنظيم القاعدة حتى أصبح يسيطر على بعض المحافظات وكان العجز الحكومي أو التظاهر بالعجز هو سيد الموقف.
فتح السيادة اليمنية لكل أشكال التدخلات الخارجية حتى أصبح اليمني غريبا في وطنه مقابل الحرية التامة لأجهزة المخابرات العابرة للحدود لتعمل وترتكب في اليمن بحق المواطنين اليمنيين ما تشاء ومتى تشاء.
وختاما تم برعاية قوى النفوذ وحكومة المبادرة الخليجية الالتفاف على مؤتمر الحوار الوطني وتجميد المقررات التي نصت على إقامة حكومة شراكة وطنية ومعالجة قضيتي الجنوب وصعدة.
لماذا ثورة 21 سبتمبر؟!!
لم تكن ثورة 21 سبتمبر 2014م وليدة اللحظة أو خلطا للأوراق السياسية أو انقلابا على نظام قائم لغرض الاستحواذ على السلطة وإلغاء للآخر.. بل جاءت كضرورة فرضتها كثير من العوامل والأحداث التي عصفت بالبلد، وجعلته مرتهنا للخارج بقراره السياسي والاقتصادي والاجتماعي، ولم يعد يملك من أمره شيئا.. وتحولت اليمن إلى ساحة صراع لتصفية حسابات إقليمية ودولية، دفع اليمنيون ثمنها غاليا حتى اليوم، كما أصبحت مأوى ومرتعا خصبا للتنظيمات الإرهابية التي تمولها وترعاها الدول التي تدعي أنها تكافح الإرهاب، ناهيك عن الأخطاء والمؤامرات التي حرفت مسارات ثورتي 26 سبتمبر و14 أكتوبر طوال العقود الخمسة الماضية.. ونتيجة لكل ذلك كان لابد من ثورة تصحيحية تعيد للإنسان اليمني حريته المفقودة وكرامته المسلوبة.. فجاءت ثورة 21 سبتمبر، التي لم يشأ أعداؤها في الداخل والخارج نجاحها فواجهوها بعدوان غاشم لوأدها، دمروا من خلاله على مدى ثمان سنوات كل مقومات الحياة، واحتلوا الجزء الجنوبي من البلاد، وحولوه إلى سجون لتعذيب المواطنين وحاضنة للتنظيمات الإرهابية.
فالوقائع التي أدت إلى قيام ثورة 21 سبتمبر، أشار إليها قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي في أكثر من خطاب له، التي أوضح فيها الكثير من الحقائق عن الثورة والمخاضات التي سبقتها، وكشف فيها أباطيل وادعاءات تحالف العدوان، وقوى العمالة والارتهان.
ففي خطابه في الذكرى الأولى للثورة، سرد قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الكثير من العوامل والأسباب التي أدت إلى قيام الثورة.
وقال” إن هذه الثورة الشعبية، لم تأت من فراغ، بل هي تحرك مشروع استحقاقي مسؤول وواعٍ وهي ضرورة فرضتها تلك الأوضاع الكارثية التي عانى ويعاني منها الشعب اليمني، وهي نتاج لمعاناة حقيقية لكل أبناء هذا الشعب وهي نتاج للإحساس بالظلم ونتاج للشعور بالمسؤولية، للسعي نحو التغيير، فكان هذا التحرك الشعبي الواسع، من حيث طبيعة الاستهداف والتركيز الخارجي على هذا البلد والذي كشفه بوضوح تام العدوان في نهاية المطاف وأدواته في الداخل التي كانت نافذة وكانت مسيطرة وكانت متحكمة بمقدرات هذا البلد.
وأكد قائد الثورة أن هذا المستوى من النفوذ والتحكم والطغيان والاستبداد الذي عانى منه شعبنا العزيز، استدعى بالفعل ثورة شعبية واسعة وتحركاً جاداً وقوياً وصابراً بمستوى ذلكم التحرك الذي قام به شعبنا العزيز في ثورته الشعبية وتوجه بذلك الانتصار في يوم الحادي والعشرين من سبتمبر.
ونتيجة لكل ذلك كان لا بد من ثورة شعبية تصحيحية لمواجهة كل تلك المؤامرات والمخططات الخطيرة على البلد والشعب المظلوم والمغلوب على أمره، فمثل يوم الحادي والعشرين -كما قال قائد الثورة- خطوة قوية إلى الأمام وانتصاراً مهماً للشعب لفرض التغيير المنشود.
هي الثورة التي خلَصت هذا الوطن من مشروع الأقلمة والتمزيق، هي الثورة التي أسقطت مجرمي التكفير والتفخيخ، هي الثورة التي أعادت الهوية الوطنية بعد أن كان المتحكم الرئيسي بالقرار اليمني والحاكم الفعلي هو السفير الأمريكي، هي الثورة التي صححت مسار ثورة ١١ فبراير التي أراد حزب الإصلاح استغلالها من أجل تحقيق مكاسب على حساب جميع أبناء الوطن، هي الثورة التي قامت ضد التدخل الخليجي من خلال المبادرة الخليجية التي شكلت حكومة الظلم والفساد (حكومة الوفاق) حيث تم تسليم الوطن للوصاية الأمريكية والخليجية وبعد تقسيم السلطة سُلِّم الوطن لأيادي عبدربه العميلة.