مجندات: نظرة المجتمع والتقاليد ظالمة


● تحقيق / أسماء البزاز –

علم الاجتماع: الثقافة المجتمعية لا ترى المرأة إلا في حدود المنزل

الداخلية: 2868 ضابطاٍ وفرداٍ من الشرطة النسائية بعضهن تقلدن مناصب ورتباٍ عالية

(دفعة كوماندوز) هي أول دفعة نسوية اقتحامية لمكافحة الإرهاب في اليمن تم تدريبها على أيدي خبيرات ومدربات دوليات ذوات كفاءة من الحلف الدولي لمكافحة الإرهاب إذ لم يقتصر دور الشرطيات في الحراسة والحماية والتفتيش الأمني بل كن شريكات مع الجنود البواسل في وحدة مكافحة الإرهاب واستتباب الأمن والاستقرار, بيد أن النظرة المجتمعية القاصرة للمجندات هي أبرز العوائق التي تواجه وتعيق تقدم وجاح المرأة المجندة في بلادنا,, هذا ما يحكيه المجندات ويعتبرنه نظرة قاصرة من المجتمع.. الصورة الأوضح حول الموضوع.. في التفاصيل نتابع..

المجندة أسماء الهمداني تنظر لدور المجندات من زاوية أعمق قد تغيب عن اهتمام البسطاء ونظرتهم وتقول: للمجندات اليوم أهمية كبيرة وضرورة ملحة خاصة في ظل التغيرات والظروف الحالية التي أفرزت نمطاٍ جديداٍ من الجرائم استغلت فيه المرأة.. وهذا يتطلب نمطاٍ جديداٍ في المواجهة, وأكدت الهمداني أن تجنيد المرأة يتلاءم مع خصوصية شعبنا والحفاظ على عاداته وتقاليده المتوارثة الأصيلة. وقالت: التحديات الأمنية الجسيمة التي تواجهها بلادنا من قبل بعض العناصر الخارجة عن القانون تتطلب جهوداٍ مشتركة من الجنود والمجندات في مواجهتها والحد من تفاقمها كلا في مجال تخصصه وبما يتناسب مع وضعه وخصوصيته.
وأضافت الهمداني: ولكن ما يؤلمنا حقاٍ هو النظرة القاصرة والمؤلمة التي يكافئنا بها مجتمعنا, وما نلاقيه من الشتم والإهانات والكلمات الجارحة التي تنتقص من مكانتنا وكأننا من طبقة (البدون) أو مواطنات من الطبقة الثالثة- إن صح التعبير, وتابعت بألم: يصفوننا بأننا مسترجلات ومتمردات على واقعنا وعلى الفطرة التي خلقنا عليها , متغافلين عن الدور الجوهري والمخاطرة بحياتنا من أجل أن ينعم هؤلاء وأبناؤهم بالأمن والاستقرار !!
وسام شرف
المجندة هناء ناصر هي الأخرى لم تسلم من الانتقادات الجارحة التي اعتبرتها انتقادات ناتجة عن جهل وغياب التوعية, وقالت : دخلنا هذا المجال كونه عملاٍ مثل أي عمل له أهميته ومردوده لأن من خلاله نعول أسرنا ونوفر حاجياتنا المعيشية إلا أن كلام الناس جارح لنا ولأهلنا وكأننا ارتكبنا جرماٍ أو اقترفنا إثماٍ مهيناٍ , فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان.
رغم ذلك ترى هنا ناصر أن دور المجندات الوطني في هذا المجال وسام نضعه على قلوبنا وخاصة كل العاملات في وحدة مكافحة الإرهاب , الوحدة التي ساهمت في إبطال العديد من العمليات التخريبية والتي كانت تستهدف أرواح العديد من الأبرياء, وقدمن فيها حياتهن رخيصة لتربة هذا الوطن.
آراء متعددة
اختلفت آراء الناس حول رؤيتهم للفتاة المجندة في مجال استتباب الأمن ومكافحة الإرهاب فمنهم من يرى ذلك عيباٍ في حقها وحق أسرتها ومنهم من يرى ذلك حقاٍ من حقوقها والبعض الآخر يراها ضرورة شرعية وأمنية حيث يفيدنا أسامة الشرماني– موظف حكومي – بالقول: أصبح وجود المرأة الشرطية في المطارات والجوازات وصالات الأفراح ودور السجون الخاصة بالنساء ضرورة ملحة تحفظ للمرأة اليمنية خصوصيتها خاصة في أماكن التفتيش والتصوير للمعاملات في المرافق المختلفة وحمايتها وتسهيل الخدمات لها, وحسب وجهة نظره فإن اقتحام المرأة المجندة وحدات مكافحة الإرهاب خطر على حياتها وما قد تتعرض له في سبيل ذلك من أسر واعتداء واختطاف يكلفها الكثير, ولهذا ليس بالضرورة دخول المرأة هذا المجال لأن له رجاله.
ويتفق معه سلطان الذيفاني– تاجر والذي يرى عمل المرأة في هذا المجال غاية في الأهمية خاصة في ضبط النساء اللواتي يشكلن خطراٍ على الأمن العام ومداهمة منازلهن من دون أي إخلال بالقيم والأصول المتعارف عليها ودورهن في إيقاف العديد من العمليات الإرهابية والتخريبية , الدور العظيم الذي لا بد أن ترفع له قبعات الاحترام والتقدير لا النقص والازدراء !!
الموت أرحم
الحاج أحمد الوصابي سألناه عن أهمية دور المرأة المجندة في استتباب أمن واستقرار البلاد فرد مقاطعاٍ: أي دور وأي أهمية , المرأة ما لها إلا بيت زوجها وإن فكرت بالوظيفة فمعلمة أو طبيبة , وأما أن تعمل شرطية فهذا من العيب والحرام لكونه يتنافى مع فطرة المرأة ورسالتها في الحياة, وتساءل الوصابي هل خلقت بناتنا لتقاتل وتحارب أو لتسهر حارسة هنا أو هناك أو لتخرج بالميري متشبهة بالرجال إنها والله لفضيحة ولو علمت أن إحدى قريباتي تسلك هذا المجال لرأيت الموت أرحم لها.
أسباب اجتماعية
ومن الناحية الاجتماعية تقول أخصائية علم الاجتماع الدكتورة آمنة الشريف: تغلب على العادات الاجتماعية المتوارثة أحياناٍ الحدة خاصة في ما يتعلق بعمل المرأة بشكل عام, وخروجها للوظيفة العامة واعتبار ذلك زيادة لا أساس له واستناداٍ إلى هذه النظرة- حسب الشريف- فإن العديد من الثقافات الاجتماعية المغلوطة تجعل المرأة رهينة المنزل لا شخصية لها ولا تطلعات ولا آمال تخرج عن حدود البيت.
ومضت تقول: ومع التغيرات الراهنة في الأفق اليمني والتي انعكست على واقع المرأة اليمنية في شتى المجالات الحياتية صار هناك وعي بأهمية عمل المرأة في العديد من الأسر ولكن في إطار الخصائص الاجتماعية لكل أسرة كطبيبية أو معلمة أو حقوقية وناشطة حتى وصل الأمر إلى اقتحام المرأة اليمنية سلك الشرطة نظراٍ للضرورة الأمنية حتى أصبح الناس يتقبلونها في إطار من الخصوصية يحفظ للمرأة مكانتها الاجتماعية في أماكن التجمعات النسائية أو المعاملات الحياتية العامةº لكن الدكتورة آمنة الشريف ترى أن نظرة المجتمع للمجندات لازالت قاصرة لأنه يعتبرها خروجاٍ عن الفطرة وعن كيان المرأة وتحدياٍ لواقعها لما ستتعرض فيه من انتهاكات بالغة وبما لا يتلاءم مع بنيتها الرقيقة والحنونة وكونها مثالاٍ حياٍ للحب والإحساس واللطف لا خوضها مجال الاقتتال والعنف والصراع .
وأوضحت الشريف أن الجهل وغياب التوعية يقفان عائقا أمام تقبل المجتمع لأهمية دور المرأة في هذا المجال.
2868 شرطية
بينما يكشف تقرير صادر عن المركز اليمني لقياس الرأي العام حول “دمج قضايا المرأة في إصلاح قطاع الشرطة في اليمن” أن توظيف النساء في قوات الشرطة النسائية اصطدم بعوائق ذات طبيعة مختلفةº فإلى جانب انعدام تجهيزات وتسهيلات خاصة بالنساء في التدريب والعمل هناك عدم رغبة في توظيف مزيد من النساء إذ أن معدل تسرب الشرطيات كبير لاسيما عندما يتزوجن وينجبن.. لافتاٍ إلى أن نظرة المجتمع المجحفة تجاه النساء المجندات في قوات الشرطة يمثل عائقاٍ أمام تجنيد مزيد من النساء..
وطالب التقرير بتوظيف مزيد من الشرطيات وقال إن عدد المسجلات حالياٍ (2,868) امرأة مقابل (168,996) رجلاٍ شرطياٍ حيث تشكل النساء 1.7 بالمائة من منتسبي الشرطة اليمنية كما طالب بإنشاء أقسام شرطة تتضمن وحدات منفصلة خاصة بالنساء في أرجاء البلدº بهدف إتاحة الفرصة للنساء للإبلاغ بأمان عن قضاياهن دون تخوف من أي مضايقات.. وأكد على ضرورة أن يكون لدى وزارة الداخلية وقوات الشرطة استراتيجية للتأكد من أنه يتم تدريب الشرطيات بكفاية وكفاءة وبأنه يتم تزويدهن بالأجهزة اللازمة لتنفيذ مهامهنِ بالإضافة إلى معالجة النظرة السلبية تجاه الشرطيات والنساء اللاتي يبلغن الشرطة بأي انتهاكات أمنية تمارس ضدهنِ فضلاٍ عن توفير شرطة نسوية يوكل إليها حصرياٍ حراسة نزيلات السجون.
الحد من الجريمة
في المنوال ذاته أوضحت وزارة الداخلية أن أعداد الملتحقات بسلك الشرطة من النساء في تزايد وما هو موجود حالياٍ يشغلن مناصب ووظائف مختلفة منها منصب نائب مدير عام ومدير إدارة وأقسام وحصلن على الشهادات العلمية المختلفة من الداخل والخارج.
وأكد العقيد الدكتور علي عوض فروة الفضلي – مدير عام شؤون المرأة والأحـداث بـــــــــوزارة الداخلية أنه تم تقليدهن الرتب العسكرية المختلفة حيث بلغ عدد الضباط منهن برتبة عقيد (16) ورتبة مقدم (17) ورائد (28) ونقيب (3) وملازم أول(2) وحظيت باهتمام كبير في مجال التدريب العملي ووظفت في سلك الشرطة خلال الثلاث السنوات الماضية (718) مجندة وبنسبة تزيد على (60%) من المخطط له وقد وزعت على مختلف وحدات الشرطة في المحافظات .
وتساهم الشرطة النسائية في الحد من الجريمة في المجتمع وبنسبة كبيرة ومشهودة حيث يستخدم العنصر النسائي في أنواع مختلفة من الجرائم التي تصل خطورتها إلى تهديد الأمن العام للمجتمع لتحقق انتصارات بطولية في تثبيت الأمن وعدالة القضاء وتماشياٍ مع احترام العادات المجتمعية والأصول العقائدية .
المصلحة العامة
الشيخ جبري إبراهيم حسن – مدير عام الوعظ والإرشاد بوزارة الأوقاف يتحدث عن دور المرأة في خدمة المجتمع بالقول: المرأة مكلفة مثل الرجل لا اختلاف بينهما فقد جاءت الآيات القرآنية بقوله تعالى في كل تكليف مبتدئة بخطاب ( يا أيها الذين آمنوا … ) ( يا أيها الناس ….. ) لم يذكر يا أيها الرجل أو المرأة , بل كان على حد سواء إلا الجهاد لم يكن واجباٍ على المرأة للتخفيف عليها وبالرغم من ذلك كانت هناك نساء مجاهدات شاركن رسولنا صلى الله عليه وآله وسلم بالغزوات ودافعن عنه كأمثال الصحابية الجليلة نسيبة وأم سليم وخولة بنت الأزور .
ويواصل الشيخ جبري حديثه قائلاٍ: من هنا فالمرأة لا مانع من تجنيدها إذا كان في ذلك مصلحة للإسلام والمسلمين وهذا حادث بالفعل لما تقتضيه حاجة المجتمع وخصوصيته وبما يحفظ للمرأة كرامتها ودينها ومثل ذلك في المطارات والحوادث التي تتعرض لها النساء كالهدم والحريق والغرق والمنافذ البحرية والبرية والمطارات وغيرها فهذا لا غبار عليه أبداٍ بحدود وضوابط دينية وأخلاقية.
ولإزالة اللبس الحاصل نتيجة لتعدد الفتاوى في هذا المضمار خصوصاٍ حول مشاركة المرأة في القتال يقول: ذهب العلماء إنه يختلط عند بعض الناس مفهوم القتال ومفهوم الجهاد فمفهوم الجهاد أشمل وأعم وميادينه متعددة وطرقه متشعبة والمرأة ممنوعة أن تمارس القتال في الصفوف الأولى حفاظاٍ عليها من الأسر وحماية لها من القتل وصونا لها من التبذل حيث وأن لها دوراٍ في تربية الأولاد وحفظهم حال غياب أبيهم أو في وجوده وهذا لا يقل أهمية عن مباشرة القتال غير أن لها دوراٍ آخر تستطيع أن تجاهد بالكلمة إن كانت من أهلها أو تجاهد بالمال إن كانت تملكه أو تجاهد بالعلم والاختراع سواء في السلم أو الحرب فهذه ميادين فسيحة وساحات رحيبة لمن أرادت أن تجاهد في سبيل الله .

قد يعجبك ايضا