المظلة الأممية المثقوبة

يكتبها اليوم / وديع العبسي

 

 

أن تأتي التحركات الجديدة في الشأن اليمني بنفس إيقاع التزامن والتلازم أو حتى التلاحق وبهذه الطريقة المستفزة، فإنه الأمر المثير الذي يكاد لا يعطي أي مجال للتفاؤل بالتزحزح خطوة للأمام في سياق فك هذه المتلازمات الأمريكية المزمنة في التعقيد.
الوساطة العمانية لا تزال تتصدر الغايات النبيلة بإحداث اختراق في حائط الصلف الأمريكي، إنما أصبح من المكرور هذه التبعية بالظهور الفوري من قبل المبعوث الأمريكي والمبعوث الأممي وبذات الصيغة من الخطاب العبثي، عقب أي زيارة للوفد العماني.
تطمح أمريكا لأن يبقى الحال على ما هو عليه من اللاسلم واللاحرب طالما وهي تستفيد من هذا الوضع، فتكرس لهذا الغرض، من وضع الدول الخليجية وعلى رأسها السعودية في زاوية الدولة الفاشلة غير القادرة على حماية نفسها، لتلعب واشنطن على وتر ما تسميه بالتهديدات الإيرانية المباشرة وغير المباشرة، ثم – وتأسيسا على ذلك – تعمل على فرض رؤيتها للمنطقة، والتمويل دائما خليجي للأسف.
اليوم، أمريكا من خلال مبعوثها ليندركينج ومعه الولد المطيع جرودنبرج مبعوث جوتريش والبنتاجون، تكشِّر مرة أخرى عن أنيابها، وإن حاول جرودنبرج إخفاءها هذه المرة ولو في الحدود الدنيا كما بدا في إحاطته الأخيرة أمام مجلس الأمن.
مع ذلك، فإن الواضح أن أمريكا لم تعد مبدعة في اختلاق أساليب التسويف والترحيل المقنع للأزمات، وانفراجة الطرح من المبعوث الأممي في هذه الجولة، لا يبدو أكثر من عملية توزيع للأدوار بينه وبين ليندركينج.
ويستفيد المبعوث الأممي في تمرير لعبة هذه الانفراجة في الإحاطة، من سلبية المجتمع الدولي وعلى رأسه الدول الأعضاء في مجلس الأمن لجهة عدم مطالبتهم الأمم المتحدة بالبناء على ما أورده مبعوثها، ولو جاء بمثل ذلك مددا من القول المغلف بالمشاعر الإنسانية، لظل حدود قوله تائها بين ترددات الفضائيات لا أكثر.
لذلك يبقى حديث هذا المبعوث بشأن الوضع الاقتصادي والمرتبات في سياق لعبة الأدوار الخادعة، لكسب مزيد من الوقت وترحيل القضية إلى أمد بعيد.
فالضرع السعودي والخليجي لا يزال ينضح بالحليب، وهذا الواقع الذي أفرزته مؤامرة الشرق الأوسط الجديد، والعدوان على اليمن، هو أفضل فرصة لنهبٍ مستدام للثروة العربية من النفط والغاز والمعادن وحتى استراتيجية الموقع الجغرافي.
وهكذا سيستمر التأزيم الأمريكي الأممي لقضايا المنطقة وعدم الوصول بها إلى شواطئ الحلول، وبالتزامن ستستمر عمليات النهب والتجديد في أشكال الاحتلال، كما هو حاصل اليوم في اليمن وسوريا والعراق ومؤخرا السودان.
وعلى نفس السيناريو ستبقى تدور هذه المؤامرة الكبيرة، فعند الشعور بفقدان ميزة التحكم بتوجيه مؤشر بوصلة الأحداث، ستعمد المؤسسة الأمريكية – ومعها مؤسسات الأمم المتحدة المشرعنة لإجراءاتها – إلى إرخاء الحبل للتصريحات المتزمتة ليخرج منهم من يعزف على وتر حاجة المواطنين للحياة الكريمة كما حاجة المنطقة للسلام، وبالتزامن سيذهبون إلى تحريك مياه المفاوضات الراكدة لتحديث ارتباط مناطق التوتر بالمظلة الأممية المثقوبة وهكذا.
ما هو أكيد أن كل شيء له نهاية، وقد طالت لعبة الأمم المتحدة إلى حد بعيد، وأصبح من مصلحة الجميع وضع حد لهذه المهزلة التي تُخرج تفاصيلها أمريكا وتنفذها السعودية ورفيقاتها وتشرعنها المنظمة الدولية.
وأن يأتي هذا الحراك عقب التحذير «الجاد» للسيد القائد، فإنه من المنطقي البناء عليه لوضع تصور واقعي لخطوات تنهي هذه المأساة.
اليمنيون، هيأوا أنفسهم لأي وضع محتمل، وقد عقدوا العزم على وضع حد لهذا الاستغفال الذي يمارس ضد بلادهم و”انتزاع” حقوقهم من بين أنياب الذئاب.

قد يعجبك ايضا