تناول السيد القائد -حفظه الله ورعاه- في مناسبات عديدة فيما مضى الكيفية التي يجب أن يتعامل بها رجال الإعلام والناشطون في وسائل التواصل الاجتماعي مع كل القضايا والأحداث المستجدة على الساحة، ومع كل خبر ينتشر ويتم تداوله أيا كانت طبيعته، وبيّن المعايير التي يجب أن تحكم تلك الكيفية وأولها التعامل مع أي حدث أو خبر بوعي وبصيرة وعدم التسرع في الحكم عليها والنشر عنها إلا بعد التأكد من صوابية النشر ومنفعته العامة ومشروعيته، من خلال تحديد الهدف من النشر وقياس المصلحة منه وتقدير الضرر من ذلك وموافقته للحق، واختلافه عن الباطل، وتحليل كل الأطراف التي لها علاقة بالنشر سواء المستفيدة منها أو المتضررة بشكل مباشر أو غير مباشر وحساب عواقب النشر ومدى توفر الضوابط الشرعية للنشر ووجه صراحة بأن يلتزم بها كل إعلامي وكل ناشط عند النشر، وكل ذلك من أجل أن لا يقع الناشر للخبر ضحية التسرع والعجلة، فينشر عن حدث لم يقع أو خبراً كاذباً أو شائعة مفبركة تخدم الأعداء وتضر بالمجتمع ويتحول من مجاهد في صف الوطن إلى دمية بيد العدو ووسيلة مساعدة على تنفيذ أجنداته ومؤامراته ضد دينه ووطنه ومجتمعه، خصوصا وأن شخصية رجل الإعلام أو شخصية الناشط الإعلامي شخصية لها منزلة رفيعة في المجتمع وهو محط ثقة الكثير من عامة الناس وكل كلمة منه لها تأثير كبير عليهم وقد يكون بعضهم قادرا على توجيه الشارع نحو أي موقف وتحريك الرأي العام في أي اتجاه، وأن على كل واحد منهم أن يكون مستشعرا لعظمة مسؤوليته أمام الله ورسوله وأمام قيادته ومجتمعة ومدركا لخطورتها، باعتبار أن شخصية في هذا المجال إن تسرعت في نشر خبر أو شائعة أو حتى عن حدث حقيقي فعلا وهي متجاهلة لكل الاعتبارات السابقة قد تكون لذلك عواقب خطيرة وغير محمودة على المستوى الاجتماعي، وعلى المستوى الوطني وعلى المستوى الديني وعلى المستوى القيمي والأخلاقي، وعلى المستوى العسكري والحربي، وعلى المستوى الاقتصادي والمالي أيضا والإداري والمؤسسي وحتى على المستوى الفردي، وقد تسفر عن تلك العواقب نتائج كارثية تشمل كل المستويات السابقة وتنعكس على شتى جوانب الحياة في المجتمع، وكل ذلك يرجع إلى أهمية الكلمة وإلى خطورتها وقوتها العجيبة في خلق المواقف الكبيرة وفي سرعة تأثيرها في المجتمع الإنساني، وهذه حقائق أكدها الله سبحانه وتعالى في مواضع كثيرة بكتابه العزيز كقوله تعالى (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ). وهو ما يدل على أن الكلمة قد تطفئ نور الله وتحول أنوار اليقين إلى ظلمات وجهل وتدجين، ويمكنها أيضا أن تبدد ظلمات الأرض وتقلبها إلى نور مبين، والكلمة قد تحيي أمة، وتكشف غمة، وقد تميتها، وتحل عليها النقمة، والكلمة قد ترفع وضيعا، وتخفض رفيعا، والكلمة قد تنصر مظلوما وقد تعين ظالما، والكلمة قد تسفك دما وقد تعصمه، والكلمة قد تفرق جمعا وقد تجمع فِرقا، والكلمة قد تبني أمة وقد تهدم دولا، والكلمة قد تنصر جيشا وقد تهزم شعوبا، وقد تشعل حربا وقد تخمد فتنا، والكلمة قد تسقط طاغية وقد تسعد أمما، والكلمة قد تصنع فرجا وقد تجلب بؤسا ….إلخ. وهذه هي بعض حقائق الكلمة الأكيدة التي يجب أن يدركها ويعيها جميع أبناء المجتمع دون استثناء وفي مقدمتهم رجال الإعلام وناشطوه، وهي أيضا الدليل الوافي لكل ذي لب على أهمية توجيهات قائد الثورة وعلى أهمية التقيد بها وضرورة الالتزام بمضمونها من قبل رجال الإعلام والناشطين في مواقع التواصل الاجتماعي وكل أفراد المجتمع في كل ما ينشرونه ويتداولونه في وسائل الإعلام وشتى شبكات التواصل الاجتماعي ومختلف المنابر، فالبصيرة البصيرة فهي ذروة الوعي، والوعي الوعي فهو السبيل إلى البصيرة، ولنحذر جميعا من آفة العجلة وكارثة التسرع فإنها أم المهالك ولنستحضر جميعا رقابة الله وتقواه في كل ما نقوله وفي كل ما ننشره لنقي أنفسنا من الزلات ومن الوقوع في أتون المهلكات.