لم تعد الأم مدرسة كما كانت في الماضي
الانفتاح التكنولوجي يهدد ثقافة أطفالنا ويشكل خطراً مباشراً عليهم
طفل اليوم، الطفل التكنولوجي الذي أصبح طائرا حرا طليقا في فضاء النت والألعاب الغريبة التي باتت هي المهيمنة على حياته وتفكيره.
لم تعد الأم مدرسة كما كانت عليه في الماضي فقد أصبح إلى جانبها الكثير من التطورات التكنولوجية في تحد معها أيهما يغلب الآخر في التربية وصناعة فكر طفل المستقبل الذي شدته الأخيرة إليها بكل قوة ورسمت طريقه بكل بساطة ومتعة.الاسرة /خاص
آثار
لم يعد من الصعب حصول الطفل على خط إنترنت فقد أصبح متاحا للجميع وفي كل شارع ومنزل بل بات معظم الأطفال يمتلك الهاتف النقال مزودا بخدمة البيانات التي توفر له الدخول متى شاء إلى عالم النت والانطلاق بكل عفوية لكل ما يريد فمثلا بات من السهل أن يكون رئيس عصابة في إحدى الألعاب على شبكة النت أو كائناً شريراً يحطم كل شيء أو محاربا ومقاتلا بارعا كل ذلك كان قبل زمن في الخيال ولكنه تحقق في الوقت الراهن مع التطور السريع للتكنولوجيا وأصبح ربما قريبا من الواقع أو واقعا في عقول الصغار وأصبح للطفل عالمه الخاص الذي لا يريد أن يتركه إلا بعد توبيخ من الأم الذي يعتبرها أنها تقيد حريته ولا تريد له اللعب والمتعة.
تقول رفيقة السياغي: أنها حين تقوم بنصح أطفالها بالابتعاد عن التلفون أو اللعب الالكتروني يذهبون إلى الشارع لأي غرض ثم يجلسون هناك برفقة أصدقائهم ويلعبون على شبكة النت بعيدا عن ضوضاء المنزل وان الأطفال من صغر سنهم بإمكانهم الانجذاب للهاتف النقال وسرعة استخدمه ومعرفة كل شيء فيه وان الدخول إلى شبكة النت أصبح سهلا جدا وبسيطاً ولا يكلفهم الدخول إليه أي معلومات أو معرفة وأنهم بديهيا يستخدمونه وسرعان ما يتوصلون إلى المعرفة بكل ما فيه بدقة متناهية وسرعة لا مثيل لها.
وتضيف : قد يعجز الكبار عن استخدام بعض الألعاب التي يلعبها الأطفال هذه الأيام غير أنهم يجدون متعة فيه قد تنسيهم كل ما تعلمهم إياه الأم وتصبح التكنولوجيا هي الأم وهي الأسرة التي يتلقن كل شيء منها بسرعة وبرغبة وان الكثير من الأمهات قد عجزن عن تعليم أطفالهن أو تربيتهم كما السابق فلم يعد الطفل يجلس مع والديه إلا قليل جدا وخياله بعيد فلا يتقمص شيء منهم بل أصبح حياته الدخول إلى عالم النت والألعاب المتنوعة التي لا تمل.
ألعاب خطيرة
وتقول أم وديع انه كلما تعلق الطفل بالدخول إلى التكنولوجيا واللعب بالنت كلما اتسعت الهوة بينه وبين والديه وأصبحت العلاقة بينهم بعيدة فقد يقضي الطفل معظم وقته في اللعب مع أصدقاء لا يعرفهم على شبكة النت ويلعب ألعابا خيالية خطيرة فبعكس طفل الأمس في الماضي كان الطفل يمارس الرياضة بانتظام ويقوم باللعب والتمارين التي بإمكانها أن تقويه جسديا وعقليا ويجلس إلى والديه ويتقمص شخصية والده ويتعلم من أمه ويقضي معظم وقته مع إخوته وعائلته بعكس طفل اليوم فقد أصبح يعيش عزلة وواقعا غريبا وأصبحت حياته تتلخص في الجلوس على النت واللعب والدخول إلى عالم افتراضي يقضي وقته بتسلية ورفاهية .
حلول ومعالجات
ويقول المختصون التربويون :إن النمو الحسي والحركي وآليات وقدرات الطفل على الإنجاز لا تتطوّر مع هذا النمط من الحياة البليدة، فالطفل لديه كل سبل الترفيه الرقمية التي لا تتطلب منه الحركة أو الابتكار الذي يحفّزه اللعب خارج المنزل وتواصله مع الأقران، بل يمكن أن يمكث ساعات طويلة لوحده في المنزل أو في غرفته من دون أن يشعر بالحاجة إلى التواصل مع الآخرين.
وقد ظهر أثر التطوّر السريع للتكنولوجيا على نمو الطفل من خلال الاضطرابات النفسية والسلوكية والفيزيائية ومن الآثار الجسدية ارتفاع نسبة الأطفال ذوي الوزن الزائد والمصابين بالسكري الذين أصبحت أعدادهم كبيرة في كثير من دول العالم وبالنسبة للآثار النفسية ازدياد في حالات تشخيص الإصابة بالتوحّد وتأخر في النمو وتأخر في الكلام وصعوبات تعلّمية، وقلق واكتئاب واضطرابات في النوم. كلها أمراض جسدية ونفسية مرتبطة بالاستعمال المفرط للتكنولوجيا، التي يتداولها الأطفال والمراهقون بشكل واسع وسهل وهذا الاستعمال يرتفع بإيقاع سريع ينذر بعواقب لا تحمد عقباها.
ويضيف المختصون: إن على الأم أن تتصرف بذكاء مع طفلها فلا تحرمه اللعب ولا تتركه كل الوقت بل عليها أن تنظم أوقاته وتجعل وقتا للمذاكرة ووقتا للجلوس مع الأسرة والحوار ووقتا للعب وبهذا هي لن تمنعه وتجعله يذهب للنت من ورائها بل سيكون لديه الوقت للدخول إلى عالم التكنولوجيا كذلك عليها أن تتصفح معه بعض المواقع التعليمية وتجعله يتعلق بها ليستفيد منها بعض المعلومات وعلى الأم أيضا أن تتصرف بحذر مع ابنها وخاصة في مرحلة المراهقة أو الشباب وتجعلهم يحبون الجلوس بالمنزل وتقوم بالجلوس معهم والتحدث إليهم وجعلهم يتعلقون بالجلوس معها والتحدث إليها وعدم الاستهزاء بهم وخاصة في هذا السن بل محاولة جذبهم إليها بكل حب وحنان .