لا تقوم دولة بواجبها، ولا تنهض، ولا تستقيم، ولا تقدم خدمات لأبناء المجتمع، إلا عبر مؤسسات حكومية حقيقية قائمة على نظام وقانون.
مرت الأعوام والسنون سريعا، منذ ثورة 26 سبتمبر 1962م- عندما كان يحلم أبناء الشعب بدولة حقيقية يحكمها نظام وقانون، وتنظمها لوائح وأنظمة، تحدد مهام كل مؤسسة وكل مسؤول ومعايير التعيينات فيها..!!.
لكن .. للأسف الشديد لم يتحقق هذا الحلم لأبناء الشعب اليمني، وبقي أسيرا لمشاريع وهمية ومؤسسات يحكمها إقطاعيون، وكأنها ملكية خاصة بهم.
اليوم.. جاءت الفرصة الحقيقية لبناء دولة نظام وقانون، دولة مؤسسات، وإذا ضاعت هذه الفرصة فلن نتمكن من بناء دولة مؤسسات حقيقية.. بعد أن استطاع شعبنا اليمني أن يتخلص من الوصاية الخارجية، ويستقل بقراره السياسي، بفضل الله سبحانه وتعالى وبفضل صموده وثباته أمام تحالف العدوان العسكري، وإفشال مشاريعه ومخططاته التي كان يسعى لتحقيقها عن طريق الحرب العسكرية.
فقد حان الوقت لتأسيس دولة يمنية حقيقية، بعيدا عن الإملاءات الخارجية، والتي كان قد بدأها الشهيد الصماد بمشروعه: «يد تحمي.. ويد تبني».
وما يتوجب علينا هو الانتقال إلى مرحلة البناء المؤسسي، الذي يكون وفق قوانين ومعايير مدروسة.. وأن يتم وضع الخطط والاستراتيجيات التي تحقق لنا البناء والتحديث والتطوير والنهوض والرقي.
المرحلة الحالية يجب أن تكون مرحلة إصلاح مؤسسات الدولة، وتصحيح الخلل الذي يوجد فيها، والذي أسسته الأنظمة والحكومات السابقة.. وهي تركة ثقيلة ليست بالسهلة، ولكن تصحيحها ليس بالصعب ولا المستحيل.
أخطاء الماضي وما كنا ننتقده ونصيح بسببه، يجب ألا يتكرر، وأن نثبت للعالم والشعب اليمني أننا نملك رؤية وطنية لبناء دولة مؤسسات يحكمها النظام والقانون..
محاربة الفساد والفاسدين والعابثين بالمال العام، يجب المسارعة فيها، وتقديم الفاسدين للمحاكمة، وأن لا تظل ملفاتهم حبيسة الأدراج..
التعيينات في المناصب العليا يجب أن تكون وفق المعايير الوطنية والنزاهة والكفاءة والخبرة، بعيدا عن المحسوبية، والمناطقية والحزبية، والولاءات..
يجب ألا نكرر ما كان يعمله السابقون الذين لعناهم وثرنا عليهم، وقدمنا التضحيات في سبيل الخلاص منهم، وتغييرهم.
التعديلات القانونية والتشريعات والهيكلة وغيرها، لا بد أن تتحرك، حتى لا تظل عائقا أمام الإصلاحات والبناء المؤسسي أو مبررا للمستفيدين من بقاء مؤسسات الدولة كما كانت عليه سابقا.
يجب أن يلمس المواطن الجدية في إصلاح مؤسسات الدولة، وتطبيق القانون على الكبير والصغير .. الرئيس والمرؤوس الكل سواسية أمام القانون.
وأملنا بعد الله، في القيادة الثورية المضي في بناء مؤسسات الدولة، والعمل على انتشالها من الوضع المزري الذي هي فيه.