أصبح واضحاً بما لا يدع مجالاً للشك أن الهمجية السلوكية وحالات سوء الفهم تتسع مع الأيام وتتحول إلى سوق رائجة للتفريط بالقيم والمبادئ مقابل المال المدّنس .
المشكلة الكبرى أن النفاق بات لغة الكثيرين ويتم التعامل به على كافة المستويات وهذا هو الخطر الداهم الذي أدى إلى سقوط القيم والأخلاق ما أثر على حالات الانتماء للدين والارتباط بالوطن .
كنت قد وعدت بتناول صفات الإمام علي في هذا الأسبوع ، إلا أن مستجدات حتمت الرد عليها وتفنيدها باعتبارها من الظلالات التي تروج هذه الأيام ، مع انطلاق مظاهر الاحتفال بعيد الغدير اخترقت الحضور الجماهيري الكبير تعليقات ومواقف عبّرت عن انحرافات ذهنية لا تستحق الاهتمام أو التعليق عليها، لأنها أخذت أسلوب النميمة ، بالمقابل صدرت عن المرتزقة القابعين في أحضان المعتدين من يتعاطون الفتات من المال المدنس مواقف، وإن كانت غير ذي أهمية، لأن من أصدروها تحولوا إلى مجرد ببغاوات عكسوا الموروث السقيم للوهابية ومواقفها الفاضحة من واقعة الغدير وإعلان الولاية لإمام المتقين ويعسوب الموحدين الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام، كان الموقف الأكثر حدة الذي كشف عن حالة الحقد والانقياد السقيم للظلال الذي صدر عن المسمى بوزير الأوقاف والإرشاد في حكومة المرتزقة والموجه إلى خطباء المساجد وهو عبارة عن تعميم طالبهم فيه بدحض خرافة الغدير ويوم الولاية حسب قوله ، ومع أن قنوات الدفع المسبق تلقفت الموضوع باهتمام وتصدر نشرات الأخبار لمدة يومين ، إلا أن ذلك لم يُحدث أي تأثير في الواقع .
أحد الزملاء في المكلا قال إن ما حدث كان العكس ، فخطباء معظم مساجد المدينة تحدثوا عن الواقعة كأهم محطة في الإسلام وأصّلوا لصحتها وأسهبوا في الحديث عن فضائل علي عليه السلام .
ما حدث أندرج ضمن سلسلة الإخفاقات لجوقة العملاء ورغباتهم المشبوهة التي تصطدم بصلابة وعي الشعب وتمسكه بولاية الإمام علي عليه السلام وإن بمستويات مختلفة ، وعلى هذا الأساس نشأت العلاقة المتميزة بين هجر العلم في الشمال والروابط في حضرموت .
* النشور هو الغدير
الموقف المُثير للضحك والبكاء معاً تمثل في تعليق القنوات آنفة الذكر بالذات قناة الحدث الأكبر على ما حدث في مدينة ريده عيال سريح كما حدث مع الأولى، احتلت الواقعة مساحة زمنية في نشرات الأخبار للقول بأنه تمرد قبلي على فعاليات الحوثي الطائفية- حسب زعمهم ، وفي هذا دليل واضح على الفراغات الذهنية والتخبط العشوائي في قراءة الأحداث ، بالذات لدى من يد~عون الانتماء إلى اليمن ، فلقد كشف الأمر عن جهل مطبق بالأعراف والعادات والتقاليد وهو موقف يدعو إلى الأسى والحزن ، فلم يُدرك هؤلاء الأغبياء أن الغدير وعيد الولاية هو الأساس ، إلا أن أبناء اليمن اعتادوا على التفرغ كلياً لإحياء ليالي وأيام عيد الأضحى وفي يوم الثامن عشر من ذي الحجة يخرجون إلى الجبال والميادين العامة لإحياء يوم الولاية بالزوامل والبرع والشعر والكلمات التي تمجّد الواقعة وتسهب في ذكر صفات الإمام علي عليه السلام إلى جانب إطلاق الأعيرة النارية ، واعتبارها محطة الانطلاق إلى الأعمال تحت مسمى النشور ، أي الانتشار بعد فترة الاستراحة أما ما حدث فإنه يتعلق بتجنب إطلاق الأعيرة النارية التي كانت القبائل تعتبرها أهم مظهر للاحتفاء بالمناسبة ، أوردت هذا الكلام للرد على أولئك الأغبياء لكي يستحوا ويكفوا عن الكذب وتزييف الحقائق بنفس الأساليب التي اعتادوا عليها ، وأختم بقول الشاعر « وما عليّ إذا لم تفهم البقرُ « وهذا ما عندنا وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين .. والله من وراء القصد..
هل تفهمون نصيحتي وصيحتي وإلا أكلتكم الذئاب