إيران المحاصرة … الإنجازات والتحديات

هشام الهبيشان

 

يعلم جميع المتابعين أنّ إيران عاشت منذ العام 1979م، ولا تزال، مجموعة تحديات تمثّلت في حرب الخليج الأولى المباشرة عليها، وتضرّرها بشكل شبه مباشر من تداعيات حرب الخليج الثانية، كما حاولت بعض مخططات إثارة الفوضى في الداخل الإيراني من خلال تحريك بعض القوى المعارضة، والتي ركب الغرب موجها، وكانت هذه المخططات تستهدف ضرب الاستقرار والأمن، لكن إيران “الثورة”، نجحت في وأد هذه المخططات وإفشالها، بأقلّ الخسائر الممكنة، وفي الإطار نفسه، استطاعت أن ترسم إطاراً عادلاً لمسار الإصلاح المستقبلي.
ورغم ثقل حجم الضغوطات الأمريكية على طهران، إلّا أنّ مسيرة البناء والإعمار والتعليم وتنمية القطاعات الزراعية والصناعية وتطويرها والبحث العلمي… مستمرة في كلّ أنحاء البلاد، فقد دارت عجلة الاقتصاد داخل الدولة بشكلٍ متسارع لتحقّق طفرة كبيرة في العقدين الأخيرين، رغم استمرار الإنفاق المالي كما هو، كما نمت نسبة المشاريع غير النفطية في الدولة بنسبة تجاوزت 36 %، وتوسّعت مشاريع تطوير البنية التحتية بشكلٍ كبير، وقد زادت نسبة الاستثمارات الإيرانية الداخلية والخارجية في قطّاعات مختلفة.
ورغم أنّ الحرب الاقتصادية التي تشنّها أمريكا ومعها دول إقليمية وبعض عربية على إيران، قد أضرّت بشكل واضح ببعض القطاعات الاقتصادية والمالية الإيرانية، إلّا أنّ المؤشرات الاقتصادية للعام الماضي 2022م تؤكّد أنّ الدولة الإيرانية قادرة على التكيّف مع المتغيّرات الجديدة، رغم محاولات الإدارة الأمريكية “إدارة بايدن ” إخضاع إيران بكل الوسائل، ما يؤكّد قدرة طهران على تجاوز هذه المرحلة بثبات.
واليوم وعلى الصعيد العلمي، تبوأت إيران المرتبة السادسة عشر عالمياً في الإنتاج العلمي في عامي 2017 و2018، بإنتاج 50.253 و53.831 مقالة علمية على التوالي. فيما نما عدد الأوراق البحثية والبيانات العلمية من عام 2017 إلى عام 2022 نحو 7 ٪ على مستوى العالم، وهذا ما بات يثير ويقض مضاجع كل أعداء إيران “الثورة “.
أمّا من الناحية العسكرية، من الواضح للجميع حجم القوة العسكرية التي يملكها الإيرانيون، والتي ظهرت بشكلٍ واضحٍ مؤخّراً، بعد انطلاق مجموعة مناورات عسكرية بحرية وبرية وجوية كبيرة بالفترة الأخيرة، بالإضافة إلى مناورات أخرى جرت مؤخراً تحاكي سيناريوهات الرد على أي مغامرة عسكرية صهيو – أمريكية تستهدف المنشآت النووية الإيرانية ، والتي اختبر خلالها الجيش الإيراني أنواعاً من الصواريخ والطائرات من دون طيار، والتي شارك فيها الآلاف من الجنود، وهي المرة الأولى التي يتمّ فيها إطلاق مناورات بهذا الحجم، ما يُثبت تطوّر القدرات العسكرية الإيرانية.
إقليمياً ودولياً، يلاحظ المتابع لمسار الفوضى التي تعيشها دول الإقليم، مدى القدرة التي تتمتّع بها القيادة الإيرانية التي استطاعت أن تنأى بنفسها، نوعاً ما، عن الانزلاق في فوضى الإقليم، من خلال اتّباعها سياسة واضحة في التعاطي مع كلّ أزماته، كما كانت لها نظرة شمولية لمسار الحلول، في خصوص ملفّي سوريا واليمن، وبذلك استطاعت سياسة الإيرانيين بناء وتأطير دور بارز على الساحة الدولية والإقليمية.
ومع حجم الإنجازات التي حقّقها الإيرانيون منذ العام 1979م في مختلف القطاعات، لا بدّ أن تبرز مجموعة من التحدّيات أمام الدولة الإيرانية، فهذا العام تعيش إيران وسط ظروف اقتصادية صعبة نوعاً ما، عاشتها طهران ولا تزال، بسبب «حرب النفط «وتداعياتها، بالتزامن مع انطلاق فصل جديد من التهديدات الأمريكية لإيران، بالإضافة إلى مجموعة ظروف أخرى تعيشها المنطقة، كالصراع في سوريا واليمن، وتهديدات الكيان الصهيوني وحلفائه العسكرية المتكرّرة، وعلاقات إيران مع بعض دول الغرب المتوترة في هذه الفترة.
ختاماً، هذه التحديات المذكورة عايشها الإيرانيون، وما زالوا يعيشون تداعياتها منذ أن قرّروا الخروج من تحت عباءة الغرب والتحرّر وبناء إيران الجديدة، إيران التطوّر الصناعي والعلمي والعسكري ،إيران ذات القوة العسكرية والتكنولوجية الهائلة ومحور القوة في الإقليم، فطموحات الإيرانيين هذه واجهتها آلة الحلف الغربي- الصهيوني وحاولت هدمها على مرّ السنوات وبوسائل عديدة، من العقوبات الاقتصادية إلى التهديدات الأمنية والعسكرية إلى محاولة إثارة الفوضى في الداخل الإيراني، لكن وبوعي الشعب لخطورة ما يُحاك له منذ انتصار الثورة، خرجت إيران منتصرة.
*كاتب وناشط سياسي – الأردن.
hesham.habeshan@yahoo.com

قد يعجبك ايضا