تقاسيم

■ لم تسلمنا الحروب من قسوتها الشديدة, القابضة بيد من حديد كانت هي الأخرى لجانب عوامل التجربة اليومية المصاحبة لكل نفس داست قدماه أرض المعمورة, غير أن قسوتها تضرم النيران باتجاه الأبرياء, ثم ما تلبث أن تغادر معلنة وقف إطلاق النار الغاضبة.
ولكن بعد أن قد أفنت الأخضر واليابس, ليبقى الرماد الأسود المتطاير في سماء المكان, حيث يموت كل ضوء قادم, مخلفا قدرا كافيا من الظلام المستطيل الممتد بحجم السماء.
في زماننا هذا أرواح أشباح يغادرها الحظ, لتصبح ضحية من ضحايا الاعتقاد … الوساوس .. الحيرة.
كلما اتجهت صوب زاوية من العمر فاحت رائحة الخديعة من جوانبها لتبحر مجددا في دنيا التيه , فلم يتبق لها جزء من الأمان ..الأمل.
عندما يعتريك شعور أنك مخطئ وأنت لست كذلك ماذا تفعل¿ تستمر في الشعور أم تقف غاضبا متحديا قابضا ضعفك, عليك أن تقف هذه المرة فقد تعوضك عن وقفات أخرى قادمة, لن تقدر على احتواء الشعور بداخلك, هل أنت كذلك أم لا¿
تنظر بتطلع للمستقبل بحسب قواعد لا تتقيد بالواقع, فتتحول فجأة إلى كابوس طويل وأحيانا أخرى يجر وراءه أشواكا لا تقوى على قطفها, فكر قبل أن تعزم الخوض في المضي ..ربما كان هذه المرة سببا في تحديد المصير.
ما يزال ملتصقا بألسنتنا, كلما حاولنا الفرار منه لاحقتنا ألاعيبه الماهرة, ثم صارت عادة لا نقوى على الإقلاع عنها, فأمورنا لا نسيرها بدونه, خاصة في زماننا هذا إذ لا بد من وجوده معنا معينا للخروج من دائرة ضيقة تكاد تلقي بنا في نهر الحسرات.
الكذب ذلك السلاح الذي لا يخلو لسان من ذكره, وطلب مساعدته حتى في أبسط أمورنا, يبقى رفيقا أزليا وهنيئا لمن كان رفيقه الصدق غير أنه لا يقيم إلا في بعض النفوس التي ظلت على يقين أن عليها بالصدق فهو منجاة لصاحبه ولو ظن أن فيه هلاكه.

قد يعجبك ايضا