“قصر السلطانة” كيان بلا مسوغ قانوني افتقد الصفات القانونية الست المنصوص عليها في قانون إنشاء الشركات التجارية

أدانها القضاء عملية نصب واحتيال ما يقارب 66 مليار ريال على أكثر 110 آلاف مواطن
نائب عميد كلية الشريعة والقانون بجامعة صنعاء عبدالخالق معزب:
نائب عميد كلية الشريعة والقانون بجامعة صنعاء عبدالخالق معزب:

 

الثورة/ الحسين اليزيدي
نطق القضاء بحكمه العادل والمنصف في قضية بلقيس الحداد وخلية قصر السلطانة التي نفذت أكبر عملية احتيال في البلاد قدرت بـ 66 مليار ريال على أكثر من 110 آلاف مواطن، وهذه القضية الجنائية طرحت الكثير من التساؤلات عن دور الجهات المختصة وكيف استمرت سنوات ولم يتم اكتشافها، رغم عدم وجود ترخيص عمل للخلية المذكورة آنفًا.
في هذا السياق أوضح نائب عميد كلية الشريعة والقانون، د. عبدالخالق معزب، أن بلقيس الحداد صارت مدانة قضائيا بارتكاب قضايا النصب والاحتيال ولم تعد متهمة، مشيرا إلى أن القضاء تجلى في أبهى صور العدالة حين وجه بمنطوق حكمه العادل والمنصف تجاه القضية رسالة لكل من تسول له نفسه مخالفة القوانين، وبالذات القوانين التجارية؛ قانون السجل التجاري وقانون الشركات التجارية، القانون الذي يضفي صفة الشرعية لأي مشروع تجاري، ويقنن عملية استثمار الأموال بالطريق والمسارات القانونية الصحيحة التي يضمن حماية حقوق المساهمين في هذه الشركات.
وأضاف الدكتور معزب أن ما سمي بشركة قصر السلطانة هو مشروع فُاقد الأهلية القانونية، وقد أثبت القضاء خلو الشركة قانونيا من حمل أي صفة من الصفات الست التي نص عليها قانون إنشاء الشركات التجارية.
مشيرا إلى أن قيام القضاء بقيادة القاضية سوسن الحوثي النطق بالحكم في إدانة بلقيس الحداد، كان منصفا، فالشركة أنشأت بصفة مزعومة وغير قانونية ولا تقم على أي أسس أو أطر قانونية واضحة، وخالفت قوانين وتشريعات تجارية عدة على رأسها قانون الشركات التجارية، والسجل التجاري وقانون الأسماء التجارية وقانون العلامات التجارية والقانون التجاري في كافة صور المشروعات الاستثمارية والذي يحدد مساراً معيناً لاستثمار الأموال.
ويضيف نائب عميد الشريعة والقانون “لا ينمو الاقتصاد العام أو الاقتصاد الكلي إلا بالاستثمار في القطاعات الخاصة بالتحديد، ولكن بطريقة قانونية منظمة، بمعنى يجب أن يكون هنالك تنظيم للاستثمار في الأموال، وهناك مئات بل آلاف الشركات الخاصة من النوع من الشركات المزعومة كـ “قصر السلطانة بلقيس الحداد” التي تندرج تحت قائمة الشركات المساهمة، والقانون ينظم عمل هذه الشركات المساهمة بنوعيها سواء كانت إدارة الاكتتاب العام أو الاكتتاب الخاص”.
منوها بأن القانون ينص على وجوب تسجيل الشركة للحصول على ترخيص من رئاسة الوزراء في حال أن تكون مساهمة عن طريق الاكتتاب المفتوح للجمهور على أن يكون الاكتتاب فيها لأكثر من خمسة أشخاص، مفتوح للجمهور عن طريق أحد البنوك المعتمدة، وهذا الشرط لم يكن متوافرا في قصر السلطانة ولذلك تصبح الشركة غير شرعية.
واسترسل “ما تم في قضية قصر السلطانة ليس خطأً بل جريمة، أن تستثمر أموال أكثر من مائة ألف شخص دون أن تعطيهم أي مصوغ قانوني صادر عن كيان قانوني معترف به، وفق ما تنص عليه المادة 25 من قانون الشركات التجارية سواء كانت مساهمة ذات اكتتاب مفتوح أو ذات اكتتاب مغلق أو خاص، ما دأبت عليه هذه الشركة المزعومة هو أخذ الأموال من مستثمرين ومساهمين جدد وصرفها فائدة للمساهمين السابقين، وهذا تصرف لم تجزه الشريعة ولم يرد به نص قانوني”.
وتساءل الدكتور معزب عن دور الحكومة مع هذه الشركات التي تعمد أو تتأسس في مسارات غسيل الأموال، معتبرا “قصر السلطانة” من أكبر عمليات النصب والاحتيال في اليمن.
مؤكدا أن القضاء الآن قال كلمته العاجلة والمنصفة تمامًا، مؤملا أن تعود كل الأموال التي تم جمعها إلى أصحابها ولو بنسب معينة، لكن هل ستتكرر في الأيام والسنوات القادمة فالواجب على الدولة منع هذه الجرائم قبل ظهورها لحماية أموال الناس.
وتطرق نائب عميد كلية الشريعة والقانون إلى الأسباب التي دفعت المواطنين للمساهمة بأموالهم إلى شركة وهمية، بالقول: قل الوعي القانوني لدى المواطن الذي يفتقر للثقافة القانونية النوعية المتخصصة خصوصًا بمجال الشركات التجارية والعمل التجاري. وبالتالي انخدع الناس ومن مثل ذلك ما نراه في واقعنا من كون المواطن يذهب إلى السوق حاملا دافع الشراء بالسعر المناسب لدخله والمحقق لطموحه في سلعة معينة، ولا يهتم لمسألة وجود العلامة أو الماركة، ولا يبحث عن الجودة أو مصدر المنتج أو لا يحمل هم شيء من ذلك كله سوى السعر المناسب، وهنا اندفع الناس إلى تصديق الإشاعات الكبيرة التي كان يروجها المساهمون الأوائل، من الذين ساهموا في قضية قصر السلطانة، أن الأرباح سريعة وموجودة ونسبتها كبيرة ما أدى إلى الاندفاع خلف تلك الشائعات وتصديقها.
وينتهي الدكتور إلى الأمل في أن تتم متابعة وتعقب وتقديم كافة المجرمين الآخرين الذين يستثمرون أموال الناس بالباطل وبطريق غير قانونية، لحماية بيئة الاستثمار، لأن تلك الممارسات المتعارضة مع القانون تؤثر على الاقتصاد الوطني، لذا يجب أن تكون عقوبات رادعة تمنع التلاعب بحقوق الناس وتوفر بيئة آمنة للاستثمار بالطرق المشروعة والمضمونة.

قد يعجبك ايضا